الحرية لمَنْ.. ومع مَنْ..؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تركي عبدالله السديري
كنت أتمنى أن يكون مستوى الاستماع والحوارات في ندوات حفل جائزة حرية الصحافة العربية التي عقدت في البحرين، ورعتها بسخاء جيد، قد انتشر في كل المجتمعات العربية.. طبعاً كان يتوفر العدد المعقول الذي نجده في كثير من الندوات، لكن لأن موضوع النقاش له مفهومية خاصة وظروف خاصة فإنه بحاجة إلى انتشار أكثر بحيث يصل إلى كل ذهنية عربية، وهذا هو الأمر الصعب، لأن البعض العربي حتى ولو كان على بعد أمتار منك تجده بعيداً عنك بحكم تباين المفاهيم آلاف الكيلومترات..
العكس أيضاً يتوفر بأنك تجد مَنْ يعرف جيداً طبيعة أوضاع المجتمعات العربية، وبالتالي فهو يقنن هذه الحرية حسب كفاءة المجتمع العربي الذي ستنفّذ فيه..
ربما تكون أصعب مهمة إعلامية وثقافية هي الاتفاق على حدود معينة لاستعمال حرية الصحافة.. فأنت لا تحتاج إلى أي حرية في أي مجال إلا لأنك تحتاج تقويم مفهوم أو احتياج ما بقدر ما يكون التفاعل إيجابياً، ليس بالقبول فقط، ولكن بتوفر مفهومية ما أنت تريد أن تضيف إليه..
إن الكثيرين في بعض المجتمعات العربية يستعملون هذه الحرية وهي ليست مسار وعي إصلاحي بقدر ما هي حلبة صراع تختار في عمليات تراشقه أقسى العبارات..
في أوروبا وأمريكا واليابان هناك صحف معارضة أكثر مما هناك صحف حكومة، لكن يستحيل أن تعثر على ميدان ورقي تتراشق فيه المعلومات غير الصحيحة أو يتم الاندفاع نحو اختلاق واجهة مطالب، لكن دون أن يمثل ذلك تعبيراً لرغبات مَنْ يركنون في العشوائيات، أو أن يوجد بينها ما هو طريق لحل مشكلة معيشية أو سكانية ما.. إذا عاتبت مَنْ يهدم - وهو في الوقت نفسه يتكسّب باسم الحرية - فإن جوابه على اعتراضك اتهامك بأنك خصم للحرية..
ما ليس فيه شك أن الحرية مطلب وطني واجتماعي لكن شرط أن يستعملها مَنْ تتوفر فيه نزاهة الأداء، وعدم استعمالها كميدان مفتوح ضد أي آخر، خصوصاً وأن مجتمعات العالم الثالث، والعالم العربي بخصوصية أكثر، يعيش نزاعات دموية مخجلة، وإن لم يحدث ذلك في مجتمعات أخرى فإن تحت سقف الهدوء تتماوج مخاطر تبحث عن الصعود.. ثم التدمير..