من بيروت الى طهران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حسان حيدر
قد تكون مصادفة ان يصدر أمس تقرير مؤسسة "ميرسر" عن أفضل مدن العالم للعيش فيها، وان لا تظهر اي مدينة عربية او شرق أوسطية في قائمة المدن الخمسين الأولى، وان يتزامن ذلك مع سلسلة حوادث ومواقف شهدتها بعض الدول العربية لا تطمئن مواطناً ولا مقيماً ولا تشجع حتى راغباً في مجرد زيارة.
فمن بين 221 مدينة في مختلف انحاء العالم شملها التقرير، احتلت بغداد المرتبة الأخيرة واعتُبرت المدينة الأقل أماناً، بسبب الوضع الأمني الهش جداً فيها، والاعتداءات والتفجيرات الإرهابية المتكررة وارتفاع معدل الجريمة. وقد شاء القتلة واللصوص والمجرمون ان يثبتوا ذلك بالفعل في عاصمة الرشيد قبل نشر التصنيف بيوم واحد، فهاجموا سوقاً للصاغة في قلب المدينة وقتلوا 14 شخصاً بعضهم من رجال الشرطة واستولوا على مصاغ واموال وزرعوا عبوات ناسفة قبل فرارهم.
وكان مسلحون بمسدسات مزودة كواتم للصوت اغتالوا قبل ذلك بيومين نائباً في البرلمان العراقي من قائمة أياد علاوي التي حازت الغالبية بفارق صوتين فقط، وأدرج العارفون ذلك في إطار "الكباش" القائم حول تشكيل الحكومة العراقية.
وبالتأكيد لم تظهر أي مدينة يمنية في القائمة كلها. وقد يكون واضعو التقرير لم يبذلوا أي جهد حتى للتحقق من إمكان الإقامة في البلد السعيد سابقاً. واثبت اليمنيون انهم أهل للبقاء خارج التصنيفات، عندما هاجم مسلحون من إحدى القبائل اول من أمس مراكز الشرطة والجيش وانابيب النفط ومحطات توليد الكهرباء ومبنى القصر الجمهوري في محافظة مأرب، انتقاماً لمقتل احد وجهائهم في غارة للطيران الحربي اليمني كانت تستهدف ناشطين في تنظيم "القاعدة".
وجاءت الهجمات والمعارك التي تلتها وأوقعت العديد من الضحايا وسط توتر يسود معظم مدن جنوب اليمن بسبب الاحتجاجات المسلحة على تردي أوضاع المعيشة وتزايد الدعوات الانفصالية. كما تجيء بعد اسابيع فقط على خروج شمال البلاد من حرب طاحنة استمرت شهوراً وتركت خراباً واسعاً.
ويقول تقرير المؤسسة الدولية ان الإقامة في دول ومدن الشرق الأوسط لا تزال مصدر قلق واسع، ويضرب مثالاً على ذلك اسرائيل والاراضي الفلسطينية ولبنان، على رغم اشارته الى تحسن طرأ على وضع الأخير بعد تشكيل حكومة "وحدة وطنية" أواخر العام الماضي.
لكن واضعي التقرير كانوا سيغيرون رأيهم بالتأكيد ويتخلون عن تفاؤلهم الحذر بالنسبة الى لبنان لو استمعوا الى خطاب الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله أول من أمس وهو يدشن في "عيد التحرير" الجبهة البحرية العتيدة، ويهدد بضرب أي سفينة قادمة الى الموانئ الاسرائيلية على البحر المتوسط، اذا حاصر الاسرائيليون الساحل اللبناني في الحرب المقبلة التي يستعد لها الطرفان بكل امكاناتهما ويواصلان في الوقت نفسه "تطمين" شعبيهما الى انها لن تقع. ولأن السياسة والأمن في لبنان عالمان "افتراضيان"، فإن نصرالله بدا في خطابه كأنه يسأل الاسرائيليين ماذا ينتظرون لشن الحرب فيما ترسانته تتسع ويزداد خطرها عليهم؟
وعملاً بـ"وحدة المصير" التي يدافع عنها "حزب الله"، لا ينافس بيروت على "الأمن" سوى طهران التي يقول التقرير ان الإستقرار فيها تراجع كثيراً بسبب المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والقوات الحكومية، والتدهور الكبير في حرية التعبير والقيود المفروضة على وسائل الاتصال والصحافة والعمل الأكاديمي.
اما غزة فمرشحة لخروج حتى موظفي "وكالة غوث اللاجئين" بعدما تبين "تآمرها" لـ "إفساد" النشء الحمساوي بإقامة مخيمات صيفية للأطفال لا تستحق سوى الحرق.