المرأة آخر معارك الوجود للمتطرفين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فارس بن حزام
التيار الديني يشعر أن قضية المرأة هي الحصن الأخير لنفوذه وسيطرته على المجتمع. ولذا يقود المعركة بكل قوة وشراسة، معتمداً على عمل منظم ومنسق ومتكاتف، فيعرف متى يهاجم ومتى يدافع، ومتى يستكين عند هبوب العواصف.
ويمكن مراقبة الحكاية، على مدى العقود الثلاثة الماضية، خاصة في العقد الأخير، باختزال الصراع في قضية المرأة؛ الحجاب، الاختلاط، قيادة السيارة، العمل، الوكالة، وتفاصيل أخرى كثيرة. وعلى الجانب الديني تحديداً، يمكن ملاحظة الاهتمام المركّز على المرأة وشؤونها، وسيل الفتاوى، الذي لا ينقطع، ولا يهمل أدق تفاصيلها الأنثوية.
كلا الطرفين يرى في نفسه مدافعاً عن حق المرأة؛ الإسلاميون بصوْنها، والليبراليون باستقلاليتها، فتحولت إلى ركيزة ثابتة في أي مشروع، ومركز في تصويرها صلباً للقضية التنموية.
لذا، يمكن ملاحظة الحرص الدائم على وجود المرأة في وسائل الإعلام، عبر التأكيد على حضورها، ومشاركتها، أحياناً بإيمان تام بدورها التنموي، وأحياناً لغرض تهدئة أي صوت خارجي.
المتدينون، وأعني منهم المتطرفين، خسروا في السنوات الأخيرة معارك عدة في صراعهم مع حراك المجتمع إلى الانفتاح ومسايرة العصر وتقنياته. والكثير من رجال الدين، الذين كانوا في مقدمة الصفوف المعارضة، لأي قرار حكومي مرتبط بشؤون المرأة وتطوير أدواتها، انتقلوا إلى الضفة الأخرى، وأصبحوا الأكثر مبادرة تجاه تحقيق المرأة ما لم تنله مسبقاً.
المعركة في الأشهر الأخيرة واضحة؛ فتاوى جواز الاختلاط في التعليم، وأخرى أعقبتها حول الحجاب، ودعوات تتحدث بيقين عن حتمية قيادة المرأة للسيارة قريباً، قريباً جداً، رغم أن المؤشرات المستمرة، لا تدفع إلى الأخذ بمسألة "القرب" بكثير من الجدية.
التصعيد الأخير، والمتواصل بكثافة، مثل لكمات تايسون، في قضايا المرأة وحقوقها، دفع الطرف الآخر إلى المزيد من التوحش في الدفاع عن المرأة. فالتيار المتطرف، يشعر أنه سيخسر كل شيء، بخسارته ملف المرأة، فانتقال الملف إلى دعاة تمكين المرأة من تفاصيل شؤونها، سيحرمه كلياً من أية علاقة بالمجتمع، الذي تعتبر المرأة فيه، مركزه ونقطة ضعفه.
لا أحد يعلم، ما الذي تخبئه الأيام المقبلة في حلبة الملاكمة بين المتخاصمين على المرأة، هل تحقق المزيد من المكاسب، وتحسم القضايا الجدلية، أم يبقى الوضع على ما هو عليه، في استمرار الملاكمة بلا ضربة قاضية، أم تجرنا المباراة إلى خطوات عدة إلى الوراء وهنا يخرج المتطرفون بمكاسب لم ينتظروها؟