العلاقات الروسية - الخليجية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبدالجليل المرهون
يمكن النظر إلى العلاقات الروسية مع دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها علاقات يافعة، بدأت معالمها تتضح منذ العام 2000 وحسب .
وقد كانت الكويت الدولة الوحيدة بين دول المجلس، التي ظلت على علاقات دبلوماسية واقتصادية مع روسيا السوفييتية، وذلك منذ مطلع ستينات القرن العشرين . بيد أن التفاعلات الروسية - الخليجية الراهنة تتركز بصفة أساسية مع السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة .
يعود الاهتمام الروسي بمنطقة الخليج إلى عهد روسيا القيصرية . ولقد برز في القرن التاسع عشر ما عرف بنظرية ldquo;العظمةrdquo;، التي كان مفادها أن من يسيطر على (قلب) أوراسيا يضمن السيطرة على العالم . بيد أن تلك النظرية لم تتحقق، إذ إن التوسع الروسي باتجاه وسط آسيا لم يحقق حلم الروس في الوصول إلى المياه الدافئة . وبعد الحرب العالمية الثانية، تغيرت معادلة الصراع الدولي، حيث بدأت الولايات المتحدة سياسة الاحتواء، التي تصدت، ضمن أمور أخرى، لمحاولات التمدد السوفييتي باتجاه المياه الدافئة، وحيث مثلت منطقة الخليج الجناح الجنوبي للحزام الشمالي، الذي أقامه الغرب في وجه السوفييت .
وفي العام 1979مثل الغزو السوفييتي لأفغانستان ذروة محاولات موسكو للوصول إلى المياه الدافئة، كما جاء في هذا الإطار دعم السوفييت للمحاولات الانفصالية التي كانت قائمة في إقليم بلوشستان الباكستاني .
وبعد عقد من الزمن، كان الاتحاد السوفييتي قد سقط كدولة . وعادت روسيا قريباً من حدودها التقليدية . وبالتزامن مع هذا التداعي التاريخي، كانت عاصفة الصحراء قد قضت على قوة العراق وذراعه الاستراتيجية . وفي الوقت نفسه، أخذ العديد من حلفاء موسكو يتجهون غرباً . وكانت الهند في طليعة هؤلاء . وهنا، ازدادت موسكو بعداً عن الخليج . ولقد رمى المتغير الروسي ما بعد السوفييتي، الذي تتابع فصولاً، بتداعيات واضحة على معادلة الأمن الآسيوي، واستتباعاً بيئة الأمن في الخليج العربي .
فقد خسر الروس الكثير من رهاناتهم في الجبهة الجنوبية في آسيا الوسطى والقوقاز، التي كانت بوابة عبورهم إلى قلب القارة وجنوبها . وبعد الحرب الأمريكية على أفغانستان في العام ،2001 خسر الروس الرهان الأفغاني بمعنى القدرة على جعل أفغانستان ساحة نفوذ سياسي واقتصادي، وذلك بعد أن خسروها بالمعنى الاستراتيجي قبل عقدين من الزمن . وبعد سقوط حكومة الرئيس العراقي صدام حسين في العام ،2003 بدا الروس وقد فقدوا الكثير من رهاناتهم في العراق .
وبين معطيات وسط آسيا وأفغانستان وrdquo;العراق الجديدrdquo;، أضحى الروس في حاجة للمراهنة على الداخل الخليجي نفسه، أي على دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى استمرار رهانهم الاستراتيجي على إيران، وبعض من الرهان على العراق . وهنا نصل إلى إحدى خلفيات مساعي الاقتراب الروسي الراهن من دول المجلس . وهو اقتراب اقتصادي بالدرجة الأولى، على الرغم من أبعاده الأخرى .
وتتوزع علاقات روسيا الاقتصادية مع دول الخليج العربي على ثلاثة ميادين، هي قطاع النفط والغاز، والمشاركة في مناقصات تطوير البنى التحتية، وتصدير الأسلحة والتقنيات العسكرية .
على صعيد العلاقات الروسية- الإماراتية، أقيمت العلاقات بين الاتحاد السوفييتي والإمارات في كانون الأول/ديسمبر ،1971 وفي العام 1986 افتتحت سفارة الاتحاد السوفييتي في أبوظبي . وافتتحت في نيسان/إبريل 1987 سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في موسكو . وفي 26 كانون الأول/ديسمبر ،1991 أعلنت الإمارات العربية اعترافها الرسمي بروسيا، وكافة أقطار رابطة الدول المستقلة، المنبثقة عن الاتحاد السوفييتي . وفي آذار/مارس من العام 1997 كانت الإمارات أول دولة عربية في الخليج تشكل لجنة حكومية مشتركة مع روسيا، للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي - التقني .
وفي العاشر من أيلول/سبتمبر ،2007 قام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة وهي الأولى لرئيس روسي . وقد أسفرت الزيارة عن توقيع اتفاقية حكومية حول تسوية مسألة الديون المستحقة على الاتحاد السوفييتي (والبالغة حوالي 600 مليون دولار)، وكذلك اتفاقيتين حكوميتين حول التعاون في مجال مكافحة الجريمة، وفي مجال النقل الجوي، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون في مجال استثمار الفضاء للأغراض السلمية . وبموجب هذه المذكرة، قامت روسيا في العام التالي بإطلاق قمر صناعي إماراتي لاستشعار الأرض عن بعد، من قاعدة بايكونور الفضائية . وتعود بدايات العلاقات الاستثمارية بين روسيا والإمارات إلى نيسان/إبريل عام ،2004 عندما اشترك عمدة موسكو يوري لوجكوف في أعمال المنتدى الاستثماري الدولي ldquo;موسكو- إنفست - 2004rdquo; الذي تم عقده في أبوظبي، بهدف تنظيم الحوار بين أوساط الأعمال في البلدين . وقد جرى في العام 2006 استحداث مجلس روسي - إماراتي مشترك للأعمال . وبلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والإمارات في العام 2005 حوالي 730 مليون دولار، صعوداً من 250 مليون دولار عام ،2002 ووصل حجم هذا التبادل في العام 2008 إلى 4 .846 مليون دولار .
وحسب مؤشرات مطلع العام ،2007 تضم الإمارات أكثر من 400 ممثلية لشركات روسية، ونحو 350 مؤسسة روسية- إماراتية مشتركة، في مجالات التجارة والنقل والسياحة والفندقة .
وفي العام ،2007 وقعت جامعة الإمارات اتفاقية تعاون مع جامعة تشيليابينسك الروسية . وتشمل المشاريع المشركة افتتاح كلية لعلوم البيئة ومركز للغة الروسية في الإمارات . وإنشاء مركز للتعاون العلمي والتقني بين روسيا وبلدان الخليج يقع مقره في الإمارات، ليعمل تحت مظلة اللجنة الحكومية الروسية - الإماراتية المشتركة .
وفي أيلول/سبتمبر ،2009 بدأت شركة ldquo;ستروي ترانس غازrdquo; الروسية بمد خط أنبوب غاز الطويلة الفجيرة، بطول 244 كيلومتراً . وسيربط أنبوب الغاز الجديد ميناء الطويلة (في أبوظبي) على ساحل الخليج العربي بميناء الفجيرة (إمارة الفجيرة) على خليج عمان . وحسب بيان للشركة، فقد جرى توقيع العقد، الذي يشمل التصميم وتجهيز المواد والمعدات والإنشاء، مع شركة دولفين للطاقة في تموز/يوليو من العام ،2008 وبلغت تكلفة العقد400 مليون دولار .