أحمدي نجاد والصفحات الأخيرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بصيرة الداود
التاريخ يُعرِّف الطغاة بأنهم "أشد الناس غباءً"، خصوصاً هؤلاء الثوريين الذين أضافوا لانقلاباتهم بعداً آخر للطغيان لم يكن معروفاً إلا في التاريخ الحديث والمعاصر. فهؤلاء يشهرون أسلحتهم على بني قومهم أو ملّتهم لكنهم ينهارون أمام أعدائهم الحقيقيين في لحظات. وكل ذلك من أجل تحقيق طموحاتهم وأطماعهم التوسعية التي لم تنجح إلا في خيالهم المصاب بجنون العظمة. صدام حسين حارب إيران ثماني سنوات لكنه قبع في حجرة مستسلماً لقدره في حين سلّم نظامه البلاد والعباد للاحتلال في ساعات معدودة. وآخر قبله حارب في اليمن خمس سنوات ثم انهار أمام إسرائيل في خمس ساعات، على رغم أن البعض لا يزال يحاول تجاوز ألم هذه الهزيمة تاريخياً فيطلق عليها "حرب الأيام الستة" بدلاً من حرب الساعات الخمس!
ولكن أن تبلغ المأساة ذروتها حين يُقر كل طغيان باسم الإسلام من أجل إضفاء شرعية على الأطماع التوسعية، فهذا ما يجب على التاريخ أن يقف له بالمرصاد كي لا ينجح في تحقيق أهدافه التاريخية.
عندما استقلت الهند عن الاستعمار البريطاني أصبحت نموذجاً للديموقراطية في الشرق، بينما تتردى باكستان إلى الهاوية وهي ترفع راية الإسلام تحت مظلة الانقلابات العسكرية، فلا يكاد يستقر فيها حكم مدني إلا ويسارع الانقلابيون من العسكر إلى القضاء عليه!
حقيقة أقولها من التاريخ: إن السلطة مفسدة، أما السلطة المطلقة فهي مفسدة مطلقة، هذا ما يجب أن نتعلمه من التاريخ، أم أن هناك رأياً آخر؟
هذا ما آلت إليه أوضاع البلاد الإسلامية في تاريخنا المعاصر على رغم أننا لا نزال نرفع راية الإسلام! خصوصاً في تلك البلاد التي تحاول أن تفرض هيمنتها التوسعية باسم الإسلام، والإسلام منها براء.
إن ما يقوم به اليوم النظام في إيران برئاسة أحمدي نجاد لا يمثل في الواقع التاريخي عند قراءة الأحداث سوى الصفحات الأخيرة التي شارفت على الانتهاء ليطوى بعدها تاريخ نظام الملالي وحكمه الطاغي للشعب الإيراني المسلم الذي لم يجنِ من وراء نظامه سوى الحروب ومحاولة إقحامه في شؤون الآخرين وتضييق الخناق عليه باسم الدين وتشريعات "الولي الفقيه".
النظام السياسي الذي يفقد سلطته الداخلية على مجتمعه يحاول تعويض ذلك بالقفز السريع إلى الخارج من أجل أن يلفت الانتباه إليه من طريق إثارة المشكلات وافتعالها مع جيرانه أولاً ثم مع المجتمع الدولي. وهذا ما يفعله ولا يزال نظام طهران فهو يهرب من مشكلاته الداخلية مع مجتمعه من تدهور على المستوى الاقتصادي، وانتشار للفقر والبطالة، وتضييق الخناق على المجتمع الإيراني من خلال سلطة ظلامية لا تُعرف حتى اللحظة هوية من يتخذ فيها القراراتِ الصعبةَ والمهمة، فتقفز بكل مشكلاتها الداخلية إلى الخارج لتوهم المجتمع الدولي بأنها لا تزال "طاووساً" فارسياً ينفش ريشه الملون الخادع للبصر بين حين وآخر، لكنه في الواقع "أضعف" بكثير من أن يحاول مجرد الإقدام الفعلي على اتخاذ أية قرارات صعبة يعرف تماماً ما قد تكلفه نتائجها إن أقدم على فعلها.
إن نظام طهران السياسي بزعامة أحمدي نجاد لا يمكن أن ينكر أو يتنصل تاريخياً من التزامه بالفكر السياسي للخميني مؤسس الثورة الإيرانية، والذي ارتبط فكره على مستوى الإدارة السياسية الخارجية لإيران بقضايا أعم وأشمل تتصل بضرورة العمل على تصدير الثورة الإيرانية إلى الخارج، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة إقليمياً لإيران، وعلاقاتها مع الأنظمة الملكية والوراثية في الدول الخليجية أو العربية في شكل عام.
السياسة الخارجية لإيران يبرز فيها التناقض الواضح بين ما تراه مصلحة قومية لها وبين التزامها الأيديولوجي بخط الخميني، إلا أن هذا التناقض قد زال تماماً في عهد أحمدي نجاد فأصبحت مصلحة إيران القومية في عهده تعني التزامها الأيديولوجي بخط الخميني على مستوى السياسة الخارجية، فظهرت أطماع إيران التوسعية في عهد احمدي نجاد واضحة تماماً من خلال محاولة نظامه التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول المجاورة، ومن خلال تصعيد لهجة التهديدات، خصوصاً ضد دول الخليج العربي، والتي تطلقها حكومة طهران كلما شعرت بخطر اشتداد الضغط الدولي عليها في محاولة منها لإقناع وإيهام ذاتها بأنها لا تزال الدولة الأقوى والمؤثرة على المستويين العربي والدولي.
نظام طهران يحاول اليوم جاهداً إعادة تحقيق ماضي أمجاد تاريخه الفارسي، فيوهم ذاته بقدرته على التوسع خليجياً وعربياً وإقليمياً من أجل أن تصبح الإمبراطورية الفارسية في التاريخ المعاصر هي الأجدر على مستوى المنطقة في التصدي والوقوف أمام أطماع الإمبراطورية الرومانية الممثلة من وجهة نظرها في أميركا والدول الغربية الحليفة لها. ولكن هذا الحلم الإيراني الفارسي تستفيق منه دائماً حكومة أحمدي نجاد على واقع مجتمعها الداخلي المرير الذي بدأ يضيّق الخناق عليها فتهرب منه إلى التخبط على مستوى سياستها الخارجية، فتعادي وتتحدى المجتمع الدولي بالأقوال وليس بالأفعال، ما يعطي دلالة تاريخية على مدى إحساسها بالعزلة واليأس، وعلى نجاح مفعول القرارات الدولية في شأن سياستها وشأن مفاعلها النووي.
إن المجتمع الإيراني المسلم يختلف عن بقية المجتمعات الإسلامية، فهو في اللحظة الحاسمة قادر على قول كلمته الفصل في حق أي نظام سياسي عبر في تاريخه ولم يستطع حراسته والدفاع عنه، أو توفير متطلباته، أو أثبت أنه لا يصلح لمجابهة ومقاومة التحديات الخارجية. فنظام الإثنية المزدوجة في إيران بما تشمله مؤسساته السياسية والعسكرية والدينية من "حرس ثوري" وجيش ومحاكم ثورية ومحاكم رجال الدين و "حزب الله" ومجلس صيانة الدستور وخطباء الجمعة وغيرهم سيذكرهم تاريخ إيران العريق على صفحات الطغاة الذين لا يزالون يثبتون للتاريخ والأجيال القادمة أنهم لم يكونوا يوماً ما مؤثرين في إرادة الشعوب وقناعاتها.
التعليقات
الدولة
حسن - العراق -تحية لحكومة طهران التي ستعيد العزة للمسلمين وتحرر الأراضي
الدولة
حسن - العراق -تحية لحكومة طهران التي ستعيد العزة للمسلمين وتحرر الأراضي
حكومة الملالي
عبد الله -سبحان الله كما تدين تدان الشعب الذي ساند حكومة شاه إيران السابق ورفع صورالخميني ، يمزق اليوم صوره وينتفض عليه!
حكومة الملالي
عبد الله -سبحان الله كما تدين تدان الشعب الذي ساند حكومة شاه إيران السابق ورفع صورالخميني ، يمزق اليوم صوره وينتفض عليه!
لإيران الحق
علي ( زائر) البحرين -في رأيي أنه مثلما قامت دولة في الجزيرة العربية سنية المذهب ، من حق إيران أن تكون فيها حكومة شيعية ترعى مذهبها الشيعي ومقدساتها .
المقاومة
ابراهيم . الكويت -لم تتحرك المقاومة الإسلامية وتستمر إلا بدعم حكومة أحمدي نجادفهل ينجب العرب مثله؟
المقاومة
ابراهيم . الكويت -لم تتحرك المقاومة الإسلامية وتستمر إلا بدعم حكومة أحمدي نجادفهل ينجب العرب مثله؟
رحم الله صدام
sarri -لم ولن تنجب الأمة العربية قائداً فذاً بعد صدام ( أبو عداي).
لمن يكتب التاريخ
أبو صقر- الكويت -قرأت للتو مقالك يا دكتورة . وأقول لو أن التاريخ يكتب باستمرار ويقف للطغاة بالمرصاد لما وجد عندنا طاغٍ!!!!!!!!!!!!
لمن يكتب التاريخ
أبو صقر- الكويت -قرأت للتو مقالك يا دكتورة . وأقول لو أن التاريخ يكتب باستمرار ويقف للطغاة بالمرصاد لما وجد عندنا طاغٍ!!!!!!!!!!!!
نجادي
أسد الإسلام -أقول لرقم (4) من الكويت أحمد نجاد لم يمثل يوماً رأي الإسلام والمسلمين!!! أحمد نجاد لا يمثل إلا رأي الصفويين الفرس قم وطهران
روح الله الخميني
لمياء الحسين -من الذي يقرر بأنها الصفحات الأخيرة لحكم أحمدي نجاد ؟ أمريكا أو إسرائيل وأذنابها في المنطقة؟
روح الله الخميني
لمياء الحسين -من الذي يقرر بأنها الصفحات الأخيرة لحكم أحمدي نجاد ؟ أمريكا أو إسرائيل وأذنابها في المنطقة؟
أخر صفحة
جمال- دمشق -مقال قوي جداً وتحليل سياسي جيد لواقع إيران في ظل حكومة نجاد ، واستشراف لمستقبلها محتمل جداً أن يكون ذلك قريباً
أخر صفحة
جمال- دمشق -مقال قوي جداً وتحليل سياسي جيد لواقع إيران في ظل حكومة نجاد ، واستشراف لمستقبلها محتمل جداً أن يكون ذلك قريباً