جريدة الجرائد

السعوديون نفطيُّون لا مبدعون!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


محسن علي السهيمي

الصورة الزاهية التي ترسمها وسائل إعلامنا (المحلية) للإنسان السعودي سرعان ما تتبدل رأسًا على عقب حين تجيء من زاوية أخرى ممثلة في الإعلام (غير السعودي) أو المؤسسات العلمية والثقافية العربية والعالمية! إذ إن الصورة المطبوعة في ذهنية الآخر -عربيًّا كان أو غيره- هي الصورة التقليدية المقرونة ببراميل النفط المتراصَّة حول حقول البترول الذي أنعم الله به على بلادنا وغيرها من دول العالم! لا شك أن للنفط -بفضل الله- دورًا محوريًّا في نهضة بلادنا العلمية والاقتصادية وفي مجالات التنمية كافة، وعلى عائداته أُسست البنية التحتية وقامت المرافق الحيوية وترقى الإنسان السعودي وسلك مسالك معرفية شتى، وحقق إنجازات (بعضها) غير مسبوق، وليس عيبًا القول إن النفط ساهم بفاعلية في هذه الإنجازات. عمومًا فإنجازات الإنسان السعودي المتمثلة في المنشآت والمرافق التعليمية والخدمات الصحية وتوسع المدن وبناء المرافق الحيوية والخدمية والمدن الصناعية وشبكة الطرق والجسور والمطارات وخدمات الكهرباء والاتصالات وعمارة الحرمين الشريفين وخدمة الحجيج وغيرها، لا يُمكن إنكارها أو حجبها بغربال مهما كانت المبررات، ومهما (تعامى) عنها الآخرون، حيث إنها إنجازات (مجسدة) على أرض الواقع يمكن مشاهدتها وتحسسها ومعرفة تفاصيلها وقياس نتاجاتها، لكن ما يمكن أن يُحجب بطريقة أو بأخرى من قِبَل الآخرين هي الجوانب (الفكرية والمعرفية والثقافية) حيث إن نتاجاتها لا تشغل حيزًا بارزًا ذا معالم واضحة يمكن قياسه بالمقاييس العادية، فالنتاجات الفكرية مثلًا تقاس بمدى الوعي المجتمعي، ومن خلال السلوك، أو من خلال المؤلفات الفكرية، والحال نفسها مع نتاجات المبدعين والمثقفين فهي لا تتجاوز ما سبق ذكره مع نتاجاتنا الفكرية. المؤلم أنك حينما تقرأ مؤلَّفًا عربيًّا يُعنى بالمفكرين والمبدعين والمثقفين العرب لا تكاد تجد إشارة لمفكر أو مبدع أو مثقف سعودي، وكأن الفكر والإبداع والثقافة ضُرب عليها بسور من حديد بحيث لا تخرج عن ثلاثة مواطن -لا اختلاف على أسبقيتها وأحقيتها- هي (مصر والشام والمغرب العربي)، ومعلوم أن الفكر والإبداع والثقافة لا هوية لها ولا تعترف بحدي الزمان والمكان، فكيف تُرتَهن لتلك المَواطن؟ بل حتى في حقل العلوم الإسلامية التي يُفترض أن يكون لنا قدم السبق فيها لا نجد ذكرًا لمبرِّز في هذا الحقل، وكأننا صومعة تعبُّد فقط! إذًا فنحن أمام احتمالين، فإما أن يكون (هذا هو الحال) وعندها نحتاج لمراجعة جادة ومحاسبة دقيقة وصراحة ووضوح لنبدأ مسار التصحيح، وإما أن يكون الحال غير ذلك وهو ما يدعونا لمعرفة أسباب هذا التجاهل التي أراها تتمثل في أمور، الأول: عجز وسائل إعلامنا عن إيصال نتاجاتنا الفكرية والإبداعية للآخرين حين كرس (بعضها) طاقاته لنشر ثقافة (المسخ والعبث واللهو) وهي تقتات على جيوب مموليها (السعوديين)! الثاني: الاحتفاء (المبالغ فيه) بنتاج الآخرين وتضخيمهم -حتى لا نوصم بأننا نجهلهم- مما ولَّد العجز في نفوس مفكرينا ومبدعينا بأنهم لا يرقون لمستوى الآخرين مهما بذلوا، الثالث: مصادقتنا على ما يردده الآخرون من أننا شعب مستهلِك للثقافة غير منتِج لها، الرابع: يجب أن نعترف بأن لدينا نوعًا من (الكسل الفكري) نتيجة تقاليد اجتماعية وعوائق أخرى تقف بوجه المفكر والمبدع، وعلينا أن نسعى لزحزحتها. وأخيرًا لو لم نكن نفطيين، هل سيُعتَرف بمفكرينا ومبدعينا ومثقفينا كما اُعتِرف للعرب غير النفطيين؟ أم أن (اللازمة النفطية) ستصادر إبداعنا؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف