كيف تصبح الليبرالية «شتيمة»؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بدرية البشر
الرواية الشهيرة لطه حسين في كتابه "كلمات" عن لطفي السيد، تقول إن لطفي السيد قرر أن يترشح للانتخابات عن دائرته في قريته لكن خصومه قطعوا عليه الطريق، فمرّوا على أهل القرية وقالوا لهم احذروا من هذا اللطفي "تراه ديموقراطي"، فسألوهم "يطلع إيه دا الدمكراطي"؟ قالوا لهم "دا اللي بيخلي مرته تروح مع أي حد غيره". اكفهرت وجوه القوم، لكنهم أبقوا في دواخلهم إجراء سيقطع دابر الشك باليقين وهو مواجهة المتهم بتهمته. حين اجتمع القوم عند المنبر، خطب فيهم لطفي السيد، وشرح لهم برنامجه السياسي لخدمة "النجع"، من حفر الآبار، وخفض سعر رغيف العيش وشراء آلات حرث متطورة، وفتح مدارس، لكن كل هذا لا يهم، فهم ينتظرون متى يخلص لطفي السيد من كل هذا الكلام الفارغ ليتحققوا مما كدّر نومهم البارحة. بعد أن انتهى لطفي السيد من خطبته السياسية وقف عميد القوم وسأل: "إلا يا لطفي باشا أنت صحيح زي مبيقولوا عنك ديمكراطي"؟ أخذت النشوة لطفي السيد، وامتلأ بالحماسة قائلاً: نعم أنا ديموقراطي وافتخر بأنني ديموقراطي. فما كان من القوم سوى أن حملوا كراسيهم الخشبية و"حدفوا" بها هذا الرجل "الديوث".
هذه القصة تذكرتها وأنا أقرأ في كتاب "عشت سعيداً" للأستاذ عبدالله السعدون، عن كلمة حرية التي تسللت إلى قريته حين بدأت تروج في أدبيات الحركة القومية العربية، وسمعتها سيدة تعتبر من حريم ذاك الزمن اللاتي لم يفتحن كتاباً ولم يذهبن الى مدرسة، ولم يفارقن بيوتهن كيلومتراً واحداً، لكنها تعرف جيداً ما هي الحرية لأنها قالت لعبدالله الطفل الصغير: الحرية هي أنك حين تأتي بيتك وتجد حذاء رجل غريب فيه، فإنك تعود من حيث أتيت حتى يخرج.
ليست الحرية والديموقراطية وحدهما من المفاهيم التي لا تعني سوى شيء واحد هو التفريط بالشرف، وتحديداً شرف الإناث، بل هي كل مصطلح جديد يتعلق بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس والتقسيم العادل للفرص القائم على الكفاءة لا على الانتماءات القبلية والطائفية والعائلية، وحفظ حقوق الناس وكرامتـهم، والتوزيع العادل للثروة. والناس تعتبر أن موافقتك على تبني هذا المفهوم تعني بالضبط أنك تترك زوجتك تذهب للنوم مع الغرباء، أو أنك إذا دخلت ووجدت حذاء غريباً فخله على راحته. هذا باختصار المفهوم الذي يشيعه خصومك ضدك كما فعلوا مع لطفي السيد في قريته. وأزيدكم من الشعر خصومة، صدام حين أراد أن يحتل الكويت لم يجد حكاية أفضل لتبرير احــتلال جــاره غير أن قال: يريدون أن يجعلوا سعر العراقية عشرة دنانير، لهذا صدقه نصف العرب وقاموا عن كراسيهم و"حدفوا" الكويت بحرب كما فعلوا مع لطفي السيد. لهذا إن سألك أحد هل أنت ليبرالي فقل له "وش قصدك"؟ ومن الممكن أن تحمر عينيك احتياطاً وتسأله "هل هذه شتيمة"؟
التعليقات
استغلال جهل المجتمع
الشاوي -عندما كنا صغار .كنا نسمع اي رجل يجادل اخر فاسهل طريقة للجم الخصم هو قول تسب الحكومه. وكنا نسميه صفة ديكه تشبيها بالديك . امس القريب قبل ان نعرف مصطلح اللبراليه تواردت علي مجتمعنا اوصاف لم نعرفها قبل المد الصحوي . ومنها ماسوني . شوعي صهيوني . وكان ابناء الباديه لايعرفون هذه الاوصاف. وغالب ضنهم انها اسماء قبائل فيما وارء البحار . اليوم تعلق الكل بتمهة لبرالي وكانها عيب .واللبراليه في تحيد مفهومها السياسي في المجمع الغربي هي عندم الانتماء الي اي حزب سياسي . ولكن الجهل جعلها صفة لمحاربة الدين وان كان الموصوف يحافظ علي صلاته في المسجد . ولعل المقابله الاخيره مع الدكتور محمد الرشيد وزير التربيه السابق الذي اوضح ان بعض المدرسين قبلوا راسة في الحرم واعتذروا منه لانهم ظنوا انه لايصلي . كتفسير للبراليه اطلقها الصحويون كحجة لمعارضة اي شخص .اليوم مع انفتاح الاعلام وفضاء الانترنت لم يعد السؤال مقصور علي فقيه او امام مسجد بل مصادر المعلومات متوفره مما ابطل كثير من الحجج والاللقاب السائده
دائما متألقه ياسيدتي
سلطان صالح -نعم سيدتي لقد حصل معي مثل هذا الموقف مع احدهم.. عندماتتكلم عن الحريه والديموقراطيه والليبراليه اول مايجيبك احدهؤلاء المتخشبين بجواب يربط فيه المراه والشرف بهذه القيم... امه هزيله سخرت منهاالامم منذمئات السنين ولازالت تسخر
How about lib women?
Aziz -Thanks Badriyah! Now, we know liberal men ( ................), but how about liberal women? Do they let their men do business with other women? It would be very interesting info to know....Thanks
لحظة من فضلكم !
ليبرالي وسيم -عندما أردنا تقديم الديمقراطية في المجتمع السعودي فإننا أخطأنا خطأ فادح جدا عندما قمنا بمهاجمة الهيئة والتيار الديني وانجررنا بغير إرادتنا للصدام لأنه لم يكن لدينا إستراتيجية واضحة وفكرة موحَدة .يجب أن نصحح هذا الخطأ بتكتيك هادىء يجعل المجتمع يأتي بنفسه للبحث عن هذه الديمقراطية .لدي أفكار وأطروحات كثيرة لكن لا أدري لمن أوصلها ومع من أناقشها ؟ thanks for you