الإمارات وبريطانيا... رؤية موحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ديفيد كاميرون
منذ أربعين عاماً، وفي عهد رئيس وزراء محافظ، وقّعت المملكة المتحدة معاهدة صداقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة. هذه المعاهدة عززت صداقة تعود لتاريخ مشترك، ومصالح وقيم مشتركة، ولا تزال قائمة حتى اليوم. لذلك كان من دواعي سروري، أن أزور دولة الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي لإعادة التأكيد على تلك الصداقة، ولمناقشة أمور تتعلق بمستقبلنا المشترك، مع صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وسمو شيوخ آخرين.
إن العلاقات بين دولتينا وشعبينا راسخة ومتينة. ولأننا ننتمي إلى اتحادين سياسيين، ندرك معاً أهمية التسامح الثقافي والتنوع الوطني. وباعتبار بلدينا مركزين تجاريين على قدر كبير من الأهمية، فإننا نقدر أهمية الانفتاح على الأفكار والتجارب الأخرى. وباعتبارنا من محبي الرياضة، نتشارك أيضاً في حبنا لكرة القدم، ولسباقات السيارات وسباقات الخيل.
ويزور دولة الإمارات سنوياً ما يزيد عن مليون بريطاني، ويعيش بها نحو 100 ألف بريطاني أيضاً. كما يزور آلاف الإماراتيين بريطانيا سنوياً، للسياحة والدراسة والتجارة. ودولة الإمارات هي أكبر سوق للصادرات البريطانية على مستوى الشرق الأوسط، والثالثة عشرة على مستوى العالم، كما تمثل مصدراً مهماً للاستثمارات الأجنبية المباشرة في السوق البريطانية. كما أن شركتي النفط البريطانيتين، "بي بي" و"شل"، عملتا في أبوظبي أزيد من 70 عاماً، وكانت توربينات "رولز رويس" تولد الطاقة اللازمة لإنتاج النفط في أبوظبي منذ عام 1973.
أُريد البناء على هذا الأساس المتين، وهذا سبب زيارة وزير الدفاع "ليام فوكس" دولة الإمارات الأسبوع الماضي، ومقابلة وزير الخارجية "ويليام هيج" سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في لندن قبل يومين، وهو السبب كذلك في أن زيارة دولة الإمارات كانت على رأس أجندتي حين توليت منصبي كرئيس للوزراء.
إن تاريخنا المشترك مهم، لكن مستقبلنا المشترك أكثر أهمية. وهذا يعني العمل من أجل إقامة علاقات وثيقة في مجالي الدفاع والأمن. في خمسينيات القرن الماضي حارب جنودنا جنبا إلى جنب من أجل حماية أرض الإمارات. وحالياً يخدمون بشجاعة في أفغانستان. ولسنوات طويلة تدرب أفراد من جيشانا معاً، سواء هنا أو في المعاهد العسكرية البريطانية المرموقة، مثل "ساند هيرست"، وأقاموا علاقات شخصية متينة.
وهذا التعاون يقوم على اعتقاد جوهري مؤداه أن المملكة المتحدة وأصدقاءها، كدولة الإمارات مثلا، يجب أن يقفوا متحدين في مواجهة التهديدات المشتركة لأمنهم. لذلك فإن العمل معاً من أجل تحقيق الاستقرار في أفغانستان، والخليج، والشرق الأوسط الكبير، يعد من الأولويات بالنسبة لنا. فنحن مثلا نؤمن معاً بأنه من الضروري أن تمتثل إيران للقرارات الدولية، وبأنه يمكنها إقناع الآخرين بنواياها السلمية ومراعاتها علاقات حسن الجوار، وذلك بقبول الحوار من أجل التوصل لحل موضوع الجزر الثلاث، وهو حوار طالما طالبت به الإمارات وبريطانيا والمجتمع الدولي بأسره.
ومستقبلنا المشترك يتطلب إقامة علاقات أكثر متانة في مجالي التجارة والاستثمار. والحقيقة أني أشعر بالسعادة عندما أرى الاستثمارات الإماراتية في مشروعات وأعمال عملاقة مثل إنشاء مطار "لندن جيتواي" الذي سيصبح عند اكتماله أحد أكبر المطارات والمجمعات اللوجستية في أوروبا، وكذلك في نادي "مانشستر سيتي" الذي يعد واحداً من أعظم فرق كرة القدم في العالم، وفي شركة "فيرجين جالاكتيك"، وهي شركة تقدم تجربة فضائية للسفر "خارج هذا العالم".
كما أشعر بالسعادة لمساهمة الخبرة البريطانية في بناء مسجد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومترو دبي، و"خيمة الإمارات الرائعة في شنغهاي". لكن أقول إني أود رؤية المزيد من ذلك التعاون، وتوسيع نطاق التجارة المتبادلة بين البلدين إلى 12 مليار جنيه استرليني (65 مليار درهم) بحلول 2015 يجب أن يكون البداية.
إن مستقبلنا المشترك يستدعي تعاونا وثيقا في مجال احتياجات الطاقة المتجددة، وأنا فخور بتاريخ شركتي "بي بي" و"شل" الطويل من العمل في الإمارات. فضلا عن ذلك تستثمر شركة "مصدر" حالياً في مشروع "لندن آراي"، وهو أكبر مزرعة رياح بحرية من نوعها في العالم. كما تدعم شركة "رولز رويس" برنامج الإمارات السلمي للطاقة النووية الذي يراعي المعايير الدولية في هذا الشأن.
كما أتطلع إلى تعزيز هذا التعاون في المجالات القائمة وغيرها، بينما نقوم بمعالجة تحديات الاحتباس الحراري وفقاً لارتباطنا المشترك باتفاقية كوبنهاجن للمناخ.
وذات مرة قال الشيخ زايد رحمه الله قولا حكيماً هو: "من لا يعرف ماضيه لا يستطيع الاستفادة من حاضره ولا مستقبله، لأن الماضي هو ما نتعلم منه"، لذلك أشعر بالسعادة للشراكة بين "متحف لندن" و"متحف الشيخ زايد الوطني"، ولأن علماء الآثار البريطانيين يواصلون العمل مع زملائهم الإماراتيين للكشف عن معالم تاريخ الإمارات العريق. وفي نفس الوقت تؤسس عدد من كبريات المؤسسات التعليمية البريطانية وجوداً لها في دولة الإمارات، ومعظمها قادر على المساهمة بالفعل في تحسين مستوى التعليم الذي تقدمه، بفضل الهبات المالية المقدمة من دولة الإمارات.
وقد أصبحت "إمبريال كوليج لندن للسكري"، وعيادة "آي كلينيك" للعيون، مؤسستين ذات وجود راسخ في دولة الإمارات. وفي بريطانيا سنعمل من أجل توسيع نطاق تعاوننا مع الإمارات في مجال التعليم والصحة، وغيرهما من المجالات لتطوير رؤيتنا الموحدة.
وهذه الرؤية ممكنة التحقيق، عبر إعادة تصميم الشراكة بين حكومتينا، وقواتنا المسلحة، ومشروعاتنا التجارية، ومؤسساتنا الثقافية والتعليمية، ومواطنينا، وزيري خارجيتنا -انطلاقاً من اجتماعهما الأخير في لندن- سيعملان معاً من أجل التوصل لمقترحات عملية لإقامة تعاون أعمق وأوسع نطاقاً.
وتتطلع حكومتي إلى مزيد من زيارات الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال الإماراتيين إلى بريطانيا. وسنعمل على زيادة عدد الزيارات التي سنقوم بها لدولة الإمارات، كما سنشجع المزيد من البريطانيين على زيارتها أيضاً.
ذات مرة قال الشيخ زايد رحمه الله عن الإمارات: "إن هذا الاتحاد سوف يبقى للأبد"، وأنا أعتقد أن هذا ينطبق أيضاً على الصداقة القائمة بين أمتينا العظيمتين -دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة.
رئيس وزراء بريطانيا