رهان المستقبل .. أمريكا .. وتركيا وبينهما العالم الإسلامي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يوسف الكويليت
خلال عدة شهور قامت إسرائيل بانتهاكاتٍ لقوانين دولية ، اعتدت على سيادة دول أخرى بتزييف واستغلال جوازاتها بقتل المبحوح، وأهانت السفير التركي، واستمرت في حصار غزة ، وضربت واعتدت على أسطول الحرية بقتل العديد من الأبرياء، وكأنها تبعث سيلاً من الرسائل للرئيس الأمريكي الذي تعددت تصريحاته وخطبه حول السلام والدولتين وغيرهما دون أي نتائج..
تخفيف الحصار على غزة جاء بفسح (الكاتشب) والصلصة الحارة من المؤن والمواد التي سيطرت عليها من أسطول الحرية، وأوباما يخسر قاعدته في الداخل الأمريكي معتبرين مواقفه لينة لا تتفق وسلطة الدولة الكبرى سواء مع إيران، أو التسرب النفطي ومضاعفات الأزمة الاقتصادية، ولحق ذلك خسارته لأهم حليف في المنطقة عندما لم تخرج أي تصريحات إدانة تعزز الموقف التركي بمحاكمة من قتلوا المواطنين الأتراك، وفي هذه المعادلة تضاعفت المواقف السلبية لدى العالم الإسلامي عندما أدرك كل مواطن أن من يحكم أمريكا قوى لا تسكن البيت الأبيض ، ولاوزارة الخارجية، وإنما في عمق الكونغرس الذي يمثل المواطنة المطلقة لإسرائيل أكثر من الولاء لأمريكا..
بهذه الصورة، لن توقف إسرائيل بناء المستوطنات، ولن توافق على إنشاء دولة فلسطينية، ولن تفك الحصار عن غزة، ثم، وهو الأهم، إحراج أمريكا مع تركيا التي ظلت ركناً أساسياً في أي تحرك سياسي أو عسكري في المنطقة العربية أو آسيا الوسطى..
كل الرؤساء الأمريكيين أيدوا إلى حد التهديد باستعمال الأسلحة النووية دفاعاً عن إسرائيل، لكن معظمهم وضع حدوداً لعلاقات الدولة العظمى مع الحليف الإسرائيلي، ويبدو أن الرئيس أوباما الذي اختار الدبلوماسية وإدارة القضايا الحساسة بأسلوب النفس الطويل، يجهل أن عامل الزمن يلعب ضده سواء من خلال تمدد إسرائيل على الأرض الفلسطينية أو ممارساتها اللاقانونية، أو تراخيه إلى حد السلبية مع مواقف تحتاج اتخاذ قرارات تخدم السياسة الأمريكية..
لنأخذ تركيا معياراً نزن فيه التأثيرات التي تركتها في المنطقة ، وكيف حرّكت الساكن ونصف الميت سواء على الساحة العربية وتقاربها مع النطاق الواسع للمنطقة والعالم الإسلامي أو رفضها لنموذج السياسة الإسرائيلية التي ظلّ من المحرمات قبول التعرض لها أو حتى لومها، وهنا سقط فعل التحالف الكلاسيكي برؤية تركيا لمصالح أشد التصاقاً ونفعاً لها، مما حدا بأمريكا لأنْ تلوم أوروبا بعدم تأهيل تركيا لعضويتها، وكرد فعل لهذا الموقف أدارت ظهرها للحلفاء القدامى، نحو صلات وتحالفات لعالم يرحب بها، ويقبل بها مركز ثقل في الحلّ ، والتضامن مع العديد من القضايا الشائكة..
المرحلة جاءت بانقلابات لن تكون محتملة من قبل أمريكا وإسرائيل، وإذا كانت إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي، فإن تركيا تعيد صياغة منطقة تمتد لآسيا وأفريقيا، وفي هذه الحال فإن الدول الثانوية باتت تحتل المراكز المتقدمة في التأثير، وهي الصدمة التي خلقت ما يشبه المفاجأة للدولة العظمى وإسرائيل معاً..