جريدة الجرائد

عسكرة أمريكا: ظهور الأنياب والمخالب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سعد محيو

قرار الرئيس أوباما بتعيين الجنرال بيترايوس كان صائباً من الناحية العسكرية - الاستراتيجية، ومخطئاً من الناحية السياسية - الانتخابية .

فالجنرال هو أهم شخصية عسكرية في الولايات المتحدة، وصاحب الاستراتيجية التي مكنّت القوات الأمريكية في العراق من تحويل وضع متفجّر وميؤوس منه إلى وضع مقبول ومستقر نسبياً . هذا ناهيك عن أنه أهم شخصية دبلوماسية ترتدي الزي العسكري .

لكن بيترايوس أيضاً لديه طموحات سياسية كبرى، وهو قد يكون مرشح الحزب الجمهوري لمنصب الرئاسة في العام ،2012 وفي حال تمكّن من تمديد النجاح النسبي الذي حققه في العراق إلى نجاح نسبي آخر في أفغانستان، فأبواب البيت الأبيض قد تُفتح على مصراعيها أمامه بعد سنتين .

الآن، طالما أن أوباما يعرف أن هذا الجنرال يسير بحذاقة على الدرب نفسه الذي أوصل دوايت أيزنهاور إلى سدة الرئاسة في الخمسينات، وأنه ربما يكون أكبر خطر على فرص ولايته الثانية، فلماذا أقدم على خطوة تعيينه؟

ثمة جوابان، أحدهما ldquo;تكتيكي- آنيrdquo; والآخر ldquo;استراتيجي- تاريخيrdquo; له علاقة بطبيعة القوة الإمبراطورية الأمريكية .

الجواب الأول هو أن أوباما كان مُجبراً على تعيين بيترايوس، لأن هذه كانت الطريقة الوحيدة لوقف التدهور على كلٍ من الجبهة الداخلية الأمريكية، حيث الخلافات على أشدّها حول حرب أفغانستان داخل فريق أوباما الحاكم بشطريه المدني والعسكري، وعلى الجبهة الأفغانية التي تشهد بدورها تدهوراً مستمراً بعدما تمكّنت طالبان من انتزاع زمام المبادرة، على رغم أن عديد القوات العسكرية الأمريكية والأطلسية وصل الآن إلى 120 ألف جندي وضابط .

وبالتالي، كان لا مناص أمام الرئيس الأمريكي من اللجوء إلى هذا الجنرال، علماً بأن هذا الأخير ينوي على الأرجح القفز فوق الموعد الذي حدده البيت الأبيض لسحب القوات الأمريكية (يوليو/تموز 2011)، وتصعيد الحرب في بلاد الأفغان .

الجواب الثاني، الاستراتيجي- التاريخي، يتعلق بالعسكرة العامة التي دمغت المجتمع والدولة الأمريكيتين، منذ أن بدأت الولايات المتحدة رحلة النزول عن عرش التفوق الاقتصادي الكاسح على كل دول العالم مجتمعة . إذ أدى هذا الانحدار إلى دفع واشنطن إلى التركيز على دورها العسكري في العالم، باعتبارها الضمانة الأمنية الأولى للنظام الدولي، كي تُبرر بقاءها كدولة عظمى يجب تمويل ديونها والاستثمار في اقتصادها .

وفي الوقت نفسه، كانت القوة العسكرية الأمريكية تتحوّل إلى جيش حقيقي في خدمة العولمة . وهذا بالتحديد ما بدأت تفعله في الحروب والتدخلات العسكرية ال180 التي نفذتها طيلة العقود الأربعة الماضية، بهدف دمج كل البلدان في الاقتصاد العالمي وفتح كل الأسواق أمام الشركات متعددة الجنسيات .

كل هذه المعطيات منحت القوات المسلحة الأمريكية نفوذاً كبيراً في الكونجرس والبيت الأبيض، وجعلت وزارة الدفاع الأمريكية تحل مكان وزارة الخارجية في تنفيذ السياسات الأمريكية حول العالم .

كما أنها (المعطيات) تُفسّر أسباب تطاول الجنرال ماكريستال المُهين على القادة المدنيين الأمريكيين، بمن فيهم الرئيس أوباما نفسه . فحين يتحوّل الجنرالات إلى وزراء خارجية فعليين ويمتلكون قرار الحرب والسلم، لن يطول الوقت قبل أن يعتبروا القادة المدنيين عبئاً على حروبهم وأدوارهم واستراتيجياتهم، ومادة احتقار وسخرية كما فعل ماكريستال مع الرئيس ونائبه وكل فريقه .

إنها العسكرة وقد أفصحت عن نفسها بجلاء في أنياب ماكريستال ومخالبه .



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نهاية الرامبو
ابو دارين -

لاتنسى ياسيد سعد تقول لبتريوس اذا يريد ان ينتصر في افغانستان يربط العصابه الحمراء على راسه واكيد بينتصر بس في الافلام