لبنان: قتال على جلد الدب قبل... اصطياده
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
زيارة الأسد "القريبة" لبيروت مدار اهتمام
بيروت
يأخذ المشهد السياسي اللبناني شكل "حرب باردة" بين القوى الرئيسية، تدور رحاها فوق "فوهة" من الملفات التي تعكس صراعاً، يخفت حيناً ويشتد احياناً، لكنه يكشف وفي مطلق الاحوال ديمومة التجاذب بين اتجاهين محكومين بـ "المساكنة الاضطرارية" في حكومة ائتلافية فرضتها موازين قوى اقليمية ومحلية، اسمها الحرَكي "اتفاق الدوحة".
وتترجَم الوتيرة التصاعدية في رمي الملفات في سوق التداول السياسي، وعلى نحو لا يخلو من الاثارة، بمحاولة تحمية دائمة للصراع عبر أكثر من مادة اشغال "قابلة للاشتعال"، وهو ما يفسر، في رأي دوائر مراقبة زحمة الملفات المثيرة للجدل التي تم دفعها اخيراً الى الواجهة.
في مقدمة تلك الملفات، التي يختلط فيها المحلي بالاقليمي، حقوق اللاجئين الفلسطينيين، الموارد النفطية في المياه الاقليمية اللبنانية، سفن كسر الحصار عن غزة، اضافة الى سلاح "حزب الله"، المحكمة الدولية، العلاقة مع سورية، والموقع الاقليمي والدولي للبنان. والاكثر اثارة في هذا السياق حملات التشكيك التي تتولاها اطراف داخلية برموز الحكم، كرئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري، والتصويب الدائم على اخلالهما بالعلاقة مع سورية او موقفهما من المقاومة، الامر الذي يجعلهما في موقع اتهام ويدفعهما تالياً الى تقديم ما يشبه كشف الحساب. وبدا الرئيس سليمان اخيراً في مرمى هذه الحملة، التي اضطرته للاعلان عن اتصال قام به في الساعات الأخيرة بنظيره السوري بشار الأسد عشية سفر الأخير الى اميركا اللاتينية.
ونُقل عن مصادر رسمية ان الاتصال "تناول أمورا مشتركة تهم البلدين وأن الحديث بينهما كان ايجابيا ووديا"، فيما اشارت تقارير الى ان سليمان أكد أمام زواره على عمق العلاقة مع دمشق، مشيرا الى أن العلاقة بينه وبين الرئيس السوري ممتازة، وأن الأسد سيزور لبنان قريبا تلبية لدعوة وجهها اليه خلال القمة التي عقدت في العاصمة السورية الأسبوع الماضي، ولافتاً الى أن زيارة الأسد غير مرتبطة بموضوع الانعقاد المقرر هذه السنة للمجلس الأعلى اللبناني - السوري برئاسة رئيسي البلدين.
وأكد سليمان أنه "طرح موضوع ترسيم الحدود، خصوصاً البحرية، خلال المحادثات مع الرئيس الأسد، ولم يلمس انزعاجا أو استياءً من الرئيس السوري حيال هذا الطرح خلافا لما جرى تسريبه حول استياء سوري من هذا الطرح، بل على العكس كانت المحادثات بيننا ودية حول كل الامور ولم تشبها أي شائبة".
وفي سياق متصل، نُقل عن مصادر مطلعة ان التواصل مستمر بين لبنان وسورية وان اللجنة الفنية المشتركة تتابع عملها لانجاز الصيغة النهائية للاتفاقات كي يصار في ضوئها الى تحديد موعد لانعقاد المجلس الاعلى اللبناني - السوري في بيروت. وقد زار الامين العام للمجلس نصري خوري قصر بعبدا امس واطلع الرئيس سليمان على عمل المجلس في تعزيز العلاقة بين البلدين وتطويرها والاتفاقات التي تم توقيعها وتلك التي يتم التحضير لتوقيعها لاحقا.
ووسط توقعات بأن يزور الرئيس السوري بيروت في غضون شهرين، اودرت "وكالة الأنباء المركزية" نقلاً عن زوار دمشق ان الاتصالات قائمة على قدم وساق بين المسؤولين في البلدين تحضيرا لزيارة الأسد التي تعتبر حدثا بحد ذاته من شأنه التأكيد على ترسيخ العلاقات الثنائية وتعزيزها.
في موازاة ذلك، تحوّل "الصراع المبكّر" على الموارد النفطية "الدفينة" في أعماق البحر مادة تندُّر في الشارع اللبناني الذي استذكر القول المأثور "انهم يتقاتلون على جلد الدب قبل اصطياده"، في اشارة الى الاشتباك السياسي حول مرجعية التشريع في ما خص التنقيب عن النفط والغاز وادارة الأموال "الموعودة".
وعشية جلسة اللجان المشتركة التي يترأسها غداً رئيس البرلمان نبيه بري، نشطت "الوساطات" للتوصل الى تفاهم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على صيغة تتيح اعداد مشروع قانون واحد للتنقيب، بمعزل عن "تناتُش الصلاحيات" بين الحكومة والبرلمان والذي كان ادى قبل ايام الى انفراط عقد جلسة اللجان.
ويبدو ان المخرج الممكن الذي عمل من أجله وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، الذي زار امس رئيس الحكومة سعد الحريري غداة زيارته رئيسيْ الجمهورية والبرلمان، يقوم على مناقشة مشروع القانون الذي كان باسيل تقدّم به قبل نحو ثلاثة اشهر الى الحكومة والذي يتم بحثه في اللجنة الوزارية التي سبق ان تم تشكيلها برئاسة الحريري قبل ان "يباغت" الرئيس بري الحكومة بتقديم أحد نوابه اقتراح قانون للتنقيب اعترض عليه في الشكل نواب "المستقبل" الذين تأكد انهم سيحضرون الى البرلمان غداً ويشاركون في جلسة اللجان المشتركة.
ولفت اعلان باسيل في تصريح صحافي أن "الطريق الطبيعي لاقرار القانون يبدأ على طاولة مجلس الوزراء لينتهي في مجلس النواب وليس العكس". وأضاف: "وزارة الطاقة هي الوزارة المعنية وقد رفعت قانونا شارك في اعداده كل الأطراف المعنية تقنيا وسياسيا، ولكن المشكلة هي في التأخير في اقراره". ولكنه تابع: "اذا كان هدف الرئيس بري من تقديم نفس المشروع مع تعديلات لا نؤيدها على طاولة مجلس النواب، هو حثّ الحكومة على الاسراع في اقرار مشروعها، فتحركه مرحب به. ولكن اذا كان التحرك خارج هذا الاطار فلن نقف متفرجين".
وكان الرئيس الحريري تطرق من تونس الى ملف النفط، نافياً وجود أي اشكال مع الرئيس برّي بالنسبة لموضوع التنقيب، وقال "ان الحكومة قامت بعمل كبير بالنسبة لهذا الموضوع خلال السنتين الماضيتين، ويجب التعامل مع هذا الأمر بشكل يفيد اللبنانيين، وان شاء الله نتفاهم عليه مع الرئيس بري".
وفيما وصف وزير النقل والأشغال العامة غازي العريضي "ما يدور من نقاش وسجال وخلاف على من يدير هذا الصندوق (واردات النفط)، كأنّ الثروة أصبحت بين أيدينا قبل أن تصل الينا" بأنه "معيب"، وكان بارزاً اعلان النائب علي حسن خليل (من كتلة بري وهو مقّدم اقتراح القانون حول النفط) "اننا لا نريد السجال مع أحد ولا ان نصادر قرار الحكومة، والمطلوب ان يقر القانون بالتكامل في العمل بين الحكومة ومجلس النواب وسنصر على اقتراحنا ليس على قاعدة التحدي انما لان التأخير حتى الآن يحمل عناوين واهية لم تقنع احدا، المطلوب الاسراع في اقرار القانون"، وقال: "نعتبر معركتنا الحقيقية مع العدو الاسرائيلي من اجل تحرير أرضنا وتحرير ثرواتنا الطبيعية ومنها النفط والغاز".
وسط هذه الملفات، يراوح مصير السفينتين المزمع انطلاقهما نحو غزة عبر قبرص، على غموضه وسط موقف رسمي لبناني يقوم على رفض "مضمر" لركوب مغامرات غير محسوبة، وموقف علني لـ "حزب الله" الذي سبق ان نفض يديه من هذه المسألة التي نأى بنفسه عنها. وفيما بقي الاكثر التباساً موقف منظمي الرحلتين بعدما اعلنت الحكومة اللبنانية موقفها "القانوني" من عدم منح تراخيص للابحار الى مرفأ غزة لوقوعه تحت الاحتلال، ورفْض قبرص منح تراخيص مماثلة استناداً الى مرسوم رئاسي في هذا الشأن، اضافة الى تمادي اسرائيل في توعدها اي سفينة تقترب من مياه غزة وتحذير واشنطن من "تصرفات غير مسؤولة" ودعوتها الى "تجنب المواجهات غير المجدية"، تلقفت بيروت باهتمام و"استغراب" تطورين هما:
gt; اعلان طهران الغاء رحلة كانت ستنطلق الى غزة "لسحب الذرائع من اسرائيل"، لافتةً في الوقت نفسه الى أن المساعدات الايرانية للغزاويين "سترسل الى القطاع عبر أساليب أخرى"، لم توضحها.
gt; اعلان النائب محمود أحمدي بيغاش عضو لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني ان نوابا برلمانيين ايرانيين يحتجون على الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة يخططون للسفر على متن سفينة مساعدات تعتزم الابحار من لبنان، لافتاً الى ان "السفينة ستتوجه من لبنان الى غزة خلال الأسبوع الجاري"، موضحاً أن قرار الذهاب عبر السفينة من لبنان بدل الحدود البرية المصرية مع غزة اتخذ خلال اجتماع مع علي لاريجاني رئيس البرلمان.