عبد الله في واشنطن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله بن بجاد العتيبي
"التفاهم بيننا وبين أمريكا أمر ضروري"، هكذا قال الملك عبدالعزيز في تعليماته لابنه الأمير سعود عند زيارته الرسمية لأمريكا عام 1947 إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
إن السياسة لغتها المصلحة، والأخلاق لغتها الحق، والعلاقات السياسية بين الدول تزيد وتنقص بحسب هاتين اللغتين، ولئن اختلفت لهجات المصلحة فلغتها الأم واحدة، ولئن تغايرت التعبيرات عن الحق فمنطقه واحد، فمتفق ومختلف، وحليف ومخاصم، وامتلاك اللغتين والذكاء في التوازن بينهما يقرر قوة التأثير السياسي لهذه الدولة أو تلك ويؤهلها لتعزيز مكانتها العالمية وتأثيرها الدولي.
إن التاريخ هو المطبخ الذي تنضج فيه هذه العلاقات السياسية، فمن جهة ثمة بناء للثقة يحتاج سنين عددا لتثبيته وتأكيده، كما هي العلاقات السعودية الأمريكية الممتدة لأكثر من سبعين عاما، ومن جهة أخرى ثمة تهشيم لهذه الثقة تتداخل فيه عوامل شتى، ولهذا أمثلة كثيرة في التاريخ والواقع.
في هذا الإطار فإن العلاقات السعودية الأمريكية كما بدأت قوية فإنها لم تزل تزداد تماسكا وقوة، بناء على وعي القيادتين في البلدين بأهمية هذه العلاقة على كافة المستويات، مع التأكيد على أن متانة العلاقة بين البلدين لا تعني التوافق الكامل أو الدائم في السياسات، بل إن ثمة اختلافات قوية أحيانا، يدفعها وضع كل من البلدين واختلاف أولوياتهما، وخصوصا في بعض ملفات المنطقة، كالملف الفلسطيني وغيره من الملفات التي طرحت بين الملك عبدالله والرئيس أوباما.
في الملف الفلسطيني كان عبدالعزيز "عنيدا" ــ كما يحكي التاريخ ــ في لقائه الأول مع روزفلت، وكان عبدالله عنيدا في أكثر من لقاء له مع بوش الابن فيما يتعلق بنفس القضية، وبالتأكيد سيكون موقفه أكثر قوة مع أوباما الذي أبدى تفهما أكبر للقضايا العربية والإسلامية، وكذلك مع وجود مبادرة الملك عبدالله العادلة لحل قضية فلسطين التي هي أساس مشكلات الشرق الأوسط، ولئن كان أوباما يعاني الأمرين من تعنت الحكومة اليمينية الإسرائيلية، فإن الملك عبدالله يحظى بالمقابل بتأييد عربي كامل، وتأييد إسلامي واف.
ثمة ملفات أخرى شديدة الأهمية، كملف الأزمة الاقتصادية وأسعار النفط على المستوى العالمي، وكالملف الإيراني أو العراقي أو الأفغاني أو غيرها من الملفات الحساسة على مستوى المنطقة، والتي دار حولها بالتأكيد حوار نرجو أن يكون "مثمرا" كما عبر أوباما، فمكانة السعودية واضحة لا لبس فيها، ومواقف الملك عبدالله يثبتها التاريخ ويؤيدها الحق ويدعمها الواقع.