لبنان: مصير «اليونيفيل» على المحك بعد الاحتكاكات «النقالة»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت
تستبعد مصادر ديبلوماسية مطلعة في بيروت، وجود معطيات جدية من شأنها ان تثير القلق الفعلي على استمرار مهمة القوات الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل"، باعتبار ان الواقع المحلي والاقليمي والدولي الذي نشأ عقب اصدار القرار 1701 قبل اربعة اعوام لم يتغير ولا مصلحة لأي طرف ضمن معادلة هذا القرار ان تغيره اقله في المدى المنظور.
ومع ذلك فان المصادر قالت لـ "الراي" ان ما شهده الجنوب الحدودي في الايام الاخيرة حيث تكررت الاحتكاكات بين اهالٍ في قرى المنطقة و"اليونيفيل" يثير القلق من ناحية تأثيره السلبي على صورة لبنان لدى المجتمع الدولي، وهو امر يستدعي التمعن في بعض الجوانب المفتعلة على الارجح في هذه الاحتكاكات.
وترى ان هذه الاحداث ومع انها لم تتطور الى درجات امنية كبيرة الخطورة، رسمت ظلالاً جدية من الشكوك حول المستقبل القريب لواقع "اليونيفيل" وعملها في المنطقة اذ بدا ان هذه الاحتكاكات اريد لها ان تضع "اليونيفيل" عملياً في اطار التقييد اكثر من السابق وإفهامها ان حركتها اصبحت تحت الضبط والمراقبة اكثر من اي وقت مضى. وهنا طرحت المصادر اسئلة حساسة تقول ان الاجوبة عليها مرهونة بمزيد من الانتظار، ومن بينها: هل هناك مقدمات معينة لسخونة اقليمية مرتبطة بالصراع مع اسرائيل وسط كل الكلام الديبلوماسي عن استبعاد الحرب في هذه الآونة؟ ام ان هناك احتداماً لمضاعفات الملف الايراني والعقوبات الدولية على ايران بدأ يتنفس على الساحة الجنوبية اللبنانية؟
وعبر هذه التساؤلات، لا تنكر المصادر ان وجهة نظر الغالبية لدى البعثات الديبلوماسية الاجنبية وحتى العربية في بيروت تميل الى الاعتقاد ان ما يجري يتصل بمضاعفات الملف الايراني اكثر منه باحتمالات المواجهة مع اسرائيل. ولذا فان توقيت الاحتكاكات اتخذ من صدور التقرير الدوري حول تنفيذ القرار 1701 الذي اصدره الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون علامة فارقة، اذ بدأت الاحتكاكات عشية صدور التقرير، ثم تواصلت بعده، الامر الذي يجعل التوقيت ملتبساً لكن الرسالة السياسية قرأها المعنيون بأنها موجهة لمعظم الدول المشاركة في "اليونيفيل" لا سيما فرنسا.
وفي اي حال تؤكد المصادر الديبلوماسية ان هذا التطور اساء على نحو واسع الى صورة الدولة اللبنانية بالدرجة الاولى. فمع ان معظم الدول المعنية تتفهم واقع لبنان وجنوبه، فان ذلك لن يكفل بعد الآن مرور المضاعفات لاحداث كهذه من دون كلفة خارجية وديبلوماسية مرتفعة. فاذا كان سحب دول لوحداتها من "اليونيفيل" مستبعداً الآن على الاقل، فان ذلك لا يحجب التبعات السلبية الاخرى التي قد تظهر تباعاً في تراجع الاهتمام الدولي تدريجياً بلبنان، وهو امر يفترض التحسب له جدياً مع ما يعنيه من اخطار على المدى البعيد.
وكان رئيس الحكومة سعد الحريري أجرى منذ وقوع الحادث الذي استهدف مجدداً دورية من الكتيبة الفرنسية في قبريخا وتولين (يوم السبت) اتصالات عاجلة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومع قيادة الجيش بغية اتخاذ التدابير اللازمة التي تعيد الاستقرار الى مناطق التوتر وتسمح لـ "اليونيفيل" بممارسة دورها بالتعاون مع الجيش اللبناني.
وبرز اعلان داوود الصايغ مستشار الرئيس الحريري أن لا مصلحة للبنان بأن تتعرض "اليونيفيل" في الجنوب لأي اعتداء، مشيرا الى أن تكرار الاعتداءات يشكل خطرا كبيرا على لبنان، ومذكّراً بطلب مصر سحب قوات الطوارئ من قناة السويس عام 1967 فوقعت بعد 3 او 4 أيام حرب حزيران 1967، ومحذرا من "أن سحب اليونيفيل من الجنوب هو بمثابة اعلان الحرب". واذ أكد "ان تغيير قواعد الاشتباك ليس سهلا"، شدّد على "ضرورة معالجة الثغر"، ومشيراً الى "أن المسؤولين أجمعوا على تسوية الموضوع".
وفي موازاة معلومات لصحيفة "النهار" كشفت عن حادث تعرضت له دورية من الكتيبة الايطالية الاربعاء الماضي عند مفترق صديقين - جبال البطم (قضاء صور) حيث قامت مجموعة من الشبان برشق الدورية بالحجارة واضطروها الى ان تعود ادراجها بعد تدخل الجيش، اشارت تقارير الى اجتماع عُقد السبت في مقر وزارة الدفاع اللبنانية وضم القائد العام لـ "اليونيفيل" الجنرال البرتو اسارتا ونائب مدير المخابرات العميد عباس ابرهيم، وجرى خلاله التداول بالحوادث التي شهدها الجنوب.
وروت "اليونيفيل" بلسان الناطق العسكري باسمها الكولونيل ناريش بهات وقائع ما حصل السبت، فقالت: "قرابة العاشرة من صباح السبت تم اعتراض دورية تابعة لليونفيل، مكونة من آلية عسكرية مصفحة وأخرى خفيفة، من عدد من المدنيين على مسافة نحو 50 مترا شمال قرية قبريخا، حيث قام المدنيون برشق الدورية بالحجارة، وحصل تلاسن مع عنصر من الدورية يتحدث العربية". واضاف بهات في بيان: "فيما استمر رشق الحجارة، قررت الدورية مغادرة المكان، وخلال ذلك قامت الدورية بصدم دراجة نارية كانت متوقفة في طريق يعترض مرور الدورية، وبعد مسافة قامت مجموعة مكونة من 50 شخصا بمحاصرة الدورية وأفرغت اطارات سياراتها من الهواء، وقامت برشق الحجارة محطمة زجاج الاليات واستولت على هوائيات السيارات. وعندما حاولت المجموعة الاستيلاء على الاسلحة المحمولة على الدورية قام الجنود باطلاق عيارات نارية في الهواء. وحينها ترجل قائد الدورية من الآلية في محاولة منه للتحدث مع المدنيين، فتعرض له بعض الحشود، وتم نزع سلاحه وأصيب بجروح في جبينه، حيث قام بعض المدنيين بحمايته في منزل قريب".
وذكر أن تعزيزات لـ "اليونيفيل" والجيش اللبناني حضرت إلى المكان وقام الجيش باستعادة أسلحة القوات الدولية من المدنيين، وأعاد الهدوء الى المنطقة.
ونقل بهات عن القائد العام لـ "اليونيفيل"، "إن من واجب السلطات اللبنانية تأمين أمن وحرية حركة اليونيفل، داخل منطقة عملياتها"، وتذكيره "بأن مجلس الأمن في قراره رقم 1701 الصادر في العام 2006، كان حض جميع الأطراف على الالتزام باحترام سلامة عناصر اليونيفل وضمان أمنها، وتمتعها بحرية تنقل كاملة في منطقة عملياتها".
وأشار الى أنه "خلال مجريات الأحداث كان القائد العام لليونيفل على اتصال مستمر مع قادة الجيش اللبناني المسؤولين عن منطقة جنوب الليطاني ومخابراته، من أجل السيطرة على الوضع، وتخفيف حدة التوتر".
في موازاة ذلك، قام الحريري بزيارة للإمارات العربية المتحدة، حيث التقى ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وجرى "بحث مجمل التطورات الراهنة إقليمياً ودولياً وموقف البلدين تجاهها وفي مقدمها الجهود المبذولة لتحقيق السلام في المنطقة وتم تأكيد أن لا سلام ولا أمن في المنطقة من دون التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية استنادا للمرجعيات الدولية المتفق عليها خصوصا مبادرة السلام العربية".
كما تناول اللقاء "سبل تقوية وتعزيز العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات ولبنان في مختلف المجالات بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين". وأكد الشيخ محمد "وقوف دولة الإمارات إلى جانب لبنان ومساندة شعبه الشقيق في مواجهة التحديات التي تعترض طريق بناء لبنان الآمن والمستقر، متمنياً للحكومة اللبنانية برئاسة الحريري كل توفيق ونجاح في سبيل تقدم لبنان وازدهاره وتحقيق طموحات الشعب اللبناني".
ولم يحجب "الضجيج" الذي يملأ الساحة الجنوبية "الصخب" المستمر حول ملف "جاسوس الاتصالات" والذي "انفجر" على خلفيته سجال بين "حزب الله" والنائب عقاب صقر (من كتلة الحريري) الذي كان شنّ هجوماً على الأجهزة الامنية ومخابرات الجيش على خلفية التسريبات المتعلقة بالتحقيقات مع الموظف في شركة الخليوي "الفا" شربا القزي، وسط استمرار "ارتياب" افرقاء "14 مارس" من عملية الربط التي قام بها فريق "8 مارس" بين ملف "عميل الخليوي" والمحكمة الخاصة بلبنان التي تتولى النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وسائر الجرائم المتصلة.
فقد اعلن نائب "حزب الله" نواف الموسوي "ان جزءا كبيرا من اسباب العمالة لاسرائيل يكمن في الارضية الخصبة التي تنشئها وتنميها الحملات المعادية للمقاومة في لبنان"، وقال: "اذا اردنا ان نواجه العمالة بحملة امنية مكثفة فينبغي الا يسمح احد لنفسه في لبنان بان يتطاول على ضباط في الجيش اللبناني أو على مخابراته لانهم تمكّنوا من اكتشاف عميل اسرائيلي. واذا برّر احد لنفسه حملته على ضباط الجيش بأن ثمة تسريباً اعلامياً حصل قبل انتهاء التحقيق، فان لنا الحق الكامل بان نظن ان حرص البعض على التعتيم على قضية عميل شركة "الفا" يكشف عن نية مبيتة كانت معدة للفلفة قضية هذا العميل واطفائها، وقد أدى التسريب الاعلامي الى افشال مخططهم الرامي الى لفلفة هذه القضية"، رافضا "إخضاع ملف العمالة لمنطق التسوية الطوائفية أو أن يقدم اي احد ممن يسمى "مرجعية" او ما الى ذلك حصانة الى اي عميل تحت دعوى حماية حقوق الطوائف او حماية رعايا الطائفة".
ودعا الأجهزة الرسمية الى تحمل مسؤوليتها كاملة، وقال: "اذا كان من كلام يوجه لجهاز امني فليس الى مخابرات الجيش التي تمكنت من تحقيق هذا الانجاز الامني المهمّ، بل يجب ان يتوجّه اللوم الى اجهزة امنية كفت عن ملاحقة عملاء اسرائيل وكأنها اهتمت بهذه الملاحقة في مرحلة سياسية انتخابية معينة ثم انصرفت الى موضوعات والى قضايا اخرى"، مشيرا الى ان مخابرات الجيش "تستحقّ التنويه ومَن يجب ان توجَّه اليه اصابع التشكيك ان لم تكن اصابع الاتهام فضلا عن اللوم هو اي جهاز امني يتقاعس عن ملاحقة عملاء اسرائيل".
في المقابل، اعلن صقر في بيان حول موضوع التسريبات الاعلامية واتهام البعض له بمحاولة تحريف التحقيق انه "بعدما أشرنا إلى خلل فادح في التسريبات الإعلامية لمعلومات سرية حول التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية وما تضمنته هذه التسريبات من مغالطات ودسائس وتلفيق أحداث ووقائع تسيء إلى المشهد السياسي والوحدة الوطنية، كما إلى التحقيقات الأمنية نفسها عبر خرق سريتها بما يقدم خدمة مجانية إلى شبكات العملاء والخارجين على القانون، تفتقت عبقرية أحد المتوترين التاريخيين عن نظرية تخوينية، على جاري عادته، يصعب استيعابها من ذي عقل سليم أو من مطلع على ألفبائيات القانون، وتفترض هذه النظرية أن منع التخوين والتزوير المسرب والمفبرك في وسائل الإعلام عن التحقيقات الأولية هو مسعى من قبلنا لتحريف التحقيق، ودعماً للمتهم بالإفلات من العدالة، وكأن الأجهزة الأمنية تستند إلى التزوير والتحريف الإعلامي في متابعة سياق التحقيق أو تغيير مساره".
وختم: "إن في كلام هذا المدافع وربما المستفيد من التحريف والتزوير، من السذاجة ما يجعلنا نسأل الله أن يعيد الأدمغة اللبنانية في المهجر وتلك المهاجرة من جماجم أصحابها في لبنان".
وتعليقاً على قضية موظف "ألفا"، اعتبر نائب "القوات اللبنانية" أنطوان زهرا "أن البعض حوّل هذه القضية مسألة كبيرة حيث جعلوا "من الحبة قبة"، وذلك عبر تسريبات لا نعلم اذا كانت حصلت فعلاً، ومعطيات لا احد يستطيع ان يؤكدها لأنها لم تصدر عن التحقيق، لا عير بيان رسمي ولا عبر قرار اتهامي"، جازماً "ان كل ذلك هو من اجل استهداف المحكمة عبر جعل كل المعطيات التي استندت عليها المحكمة الدولية برسم التسخيف ونسفها والتسويق انها مفبركة من العدو الاسرائيلي، فمرة جديدة انها المحكمة يا أعزائي".
"شعبة المعلومات" كشفت توقيف "عميل" في21 يونيو
في إطار ما بدا انه "سباق" بين الأجهزة الامنية على تحقيق الإنجازات في ملف "الحرب على العملاء" وفي تطور يعكس "شيئاً ما" يحدث على وقع الانتقادات من فريق "14 مارس" لمديرية المخابرات في الجيش على خلفية تسريب معلومات عن التحقيقات مع "جاسوس الخليوي" شربل القزي ولا سيما بعد موقف نائب "حزب الله" نواف الموسوي الذي دعا لتوجيه الاتهام "لاجهزة كفت عن ملاحقة العملاء وكأنها اهتمّت بذلك بمرحلة انتخابية"، اعلنت شعبة المعلومات في المديرية العامة لقوى الامن امس انها وفي "إطار رصد ومراقبة شبكات التعامل مع استخبارات العدو الاسرائيلي منذ بداية العام 2009 تمكنت من توقيف 22 شبكة تعامل، عشر شبكات منها تم توقيفها خلال العام الحالي كان آخرها بتاريخ 21 يونيو الماضي، وتمثلت باستدراج المدعو (أ.خ) من داخل أحد المخيمات الفلسطينية في الجنوب اللبناني من خلال تنفيذ عملية نوعية، وضبطت بحوزته أجهزة اتصال وبرامج تشفير متطورة".
واعلنت شعبة المعلومات انه بنتيجة التحقيق مع أ. خ تبينّ أنه "كان يعمل لمصلحة استخبارات العدو الاسرائيلي منذ العام 2005 وزودها بمعلومات أمنية مهمة على صعيد منطقة الجنوب اللبناني بواسطة جهاز الارسال المضبوط. وأحيل الموقوف المذكور على السلطات القضائية المختصة".