المستقبل الأمني للعراق ما بعد الانسحاب الأميركي الكامل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد
بينما يستعد الجيش الامريكي الخميس المقبل الى تسليم معتقل (كروبر) في بغداد الى الحكومة العراقية، يرى ضباط امريكيون ان القوات العراقية قادرة على مسك زمام الامور بعد الانسحاب في آب المقبل، فيما يحدث احدث موعد لانسحاب القوات الامريكية من العراق شكوكاً من قبل بعض العراقيين في جدية الانسحاب النهائي،
من دون إغفال المتغيرات الأمنية والسياسية التي تشهدها البلاد، في وقت يبدي فيه اخرون تخوفا من احتمال أن تملأ بعض دول الجوار الفراغ الذي سيتركه انسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق الذي اقترب موعده في نهاية آب المقبل.
متطلبات الانسحاب الآمن
التحركات الامريكية تصاعدت، خلال الآونة الاخيرة، على اكثر من صعيد، من اجل تهيئة الاجواء لضمان انسحاب آمن، ويقول رئيس هيئة اركان فرقة المشاة الثالثة في الجيش الامريكي ان القوات الأمنية العراقية تُثبتُ قدرتها على تنفيذ العمليات العسكرية بنفسها ودون الاعتماد على جهةٍ اخرى.
ونشر موقع الجيش الامريكي امس تصريحات للعقيد توماس إس. جيمس تفيد بان القوات الأمنية العراقية مستعدةٌ وبشكلٍ كبير لتولّي المسؤوليات بعد انسحاب التشكيلات والوحدات القتالية للقوات الأمريكية، وبعد تحوّل ما سيتبقّى من الوحدات الأمريكية من العمليات القتالية إلى مرحلة تنفيذ العمليات ذات العلاقة بحالة الاستقرار.
ويرى العقيد توماس جيمس في أداء الفرق العسكرية العراقية الخمس المتواجدة في المحافظات الواقعة في المنطقة الشمالية، قدرتها على تولي زمام الأمور أو كما يمكن التعبير عنهُ بالقول.. أنَّ باستطاعتها الاستحواذ على الكرة والجـَريِ بها حول الملعب، إن جاز التعبير".
يشار الى أن قوة المهام "مارن" التي يُشرف عليها العقيد جيمس، تمتد رقعة مسؤولياتها عبرَ المناطق الواقعة إلى الشمال من بغداد، وتصل الى سبعِ محافظات.
تشكيلات الفرقة الثالثة المذكورة تُمْضي الآن الشهر التاسع من مدة خدمتها داخل العراق والتي تستغرق ثلاثةَ عشرَ شهراً.
وأشار العقيد توماس إس جيمس إلى أنه وخلال تلك الفترة المنصرمة قد جرى العمل على خفض عديد القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة التي تتواجد فيها قواته من 22,000 جندي، إلى مجرّد 15,000 منتسب للخدمة العسكرية. وأوضحَ جيمس بأنهُ يتوقع خفض عديد تلك القوات إلى أقل من 9,500 مع حلول أيلول المقبل.
وأضاف: من المؤشرات الأخرى، أن إجراءات الانسحاب وتسليم المواقع والمعدات قائمة على قدمٍ وساق، وقال بأنه خلال شهر حزيران لوحده تمكنت قوة مهام مارن من تسليم وتحويل أكثر من 750 من العجلات العسكرية، فضلاً عن أكثر من 5,000 قطعة من المواد والمُعدّات.
وقدم العقيد جيمس المزيد من التفاصيل المتعلقة بحجم خفض أعداد القوات وانسحابها، حيثُ قال بأن من بين القواعد العسكرية الأمريكية في هذه المناطق والتي كان يبلغ عددها 41 معسكراً وقاعدة لم يتبقَّ من تلك القواعد الآن سوى ثمانية معسكرات وقواعِدَ عاملة - حسب قوله.
وقال العقيد جيمس أنهُ على الرغم من النجاحات المتحققة، فإن الأوضاع لايمكن وصفها بالمثالية، وأشار إلى أن الجماعات المُغرضة والمتطرّفة قد لاتُشكـّلُ أكثرَ من 1% من مجموع المواطنين العراقيين، إلاّ أن هذه الفئة ما زالت قادرة على تنفيذ عمليات كبيرة في حجمها، ولكنهُ أشار إلى أن تأثير وتهديد هذه الفئة أخذَ ينحسِرُ بشكلٍ ملحوظ".
انحسار الإرهاب
وقال أنه لاحظَ "على مدى الأشهر التسعة الماضية إنحساراً كبيراً لموارد وإمكانيات الجماعات المتمرّدة، وتضاؤلا في عدد قادتها وقدراتها، وبالتالي تضاؤلِ قدراتهم على تنفيذ العمليات".
وعزا جيمس أسباب تقدّم القوات العراقية في فرضها للأمن، إلى ثقة الجمهور العراقي بها وبقدراتها ومساندة المواطنين لجهودها، الأمر الذي أفضى إلى تراجع وتقويض قدرات الفئات المتمردة. وقال انه بسبب هذه الحقيقة فإن حتى معنويات الجنود الأمريكيين قد وصلت إلى أعلى مستوياتها، لرؤيتهم مدى التقدّم الذي أحرزتهُ القوات الأمنية العراقية.
وأشار جيمس أيضاً إلى أن من الأهداف بعيدة المدى التي ترغب القوات العراقية بتحقيقها هي القدرة على حماية حدود العراق أمام التهديدات الخارجية، ولكنهُ أشار إلى أنه مرتاحٌ لما وصلت إليه هذه القوات من إمكانياتٍ ومهاراتٍ حتى الآن.
تسليم كروبر
على صعيد متصل، اعلنت القوات الامريكية ان ثلاثة من كبار ضباطها سيعقدون مؤتمرا صحفيا الخميس المقبل 15 تموز قبل ساعة من بدء مراسيم تسليم معتقل كروبر التابع لقوات الولايات المتحدة الى الحكومة العراقية.
وحسب البيانات الامريكية فان معتقل كروبر الشهير قرب مطار بغداد والذي يضم كبار المسؤولين في النظام السابق هو آخر المعتقلات البارزة التي كانت تديرها قوات الولايات المتحدة.
غير ان القوات الامريكية اعلنت انها "بناء على طلب من الحكومة العراقية ستظل تحتفظ بـ 100 معتقل يشكلون خطرا عاليا على الامن" يعتقد انهم كبار المسؤولين في النظام السابق.
وسيشترك في المؤتمر الصحفي كل من المتحدث باسم قوات الولايات المتحدة و نائب القائد العام لعمليات المعتقلين اللواء ستيفن لانزا، والقائد العام للشرطة العسكرية الفريق أول ن. جيري كانون، و آمر مركز القيادة التكتيكي للواء الشرطة العسكرية 49 العقيد كريس أيدنبور.
وحسب البيان فان مركز كروبر للاعتقال يحتوي على ما يقارب 1900 معتقل مع امكانية احتواء 4000 معتقل. ويعد نقله الى الحكومة العراقية ، وفقا للمسؤولين الامريكيين "حدثا مهما في ما يخص مراكز الاعتقال".
وكانت القوات الأميركية قد ذكرت الشهر الماضي انها سوف تستمر بعملية الاشراف على العقد الذي سوف يوفر خدمات الدعم مثل ادارة الطاقة الكهربائية والماء والنفايات لغاية 31 كانون الأول.
واوضحت ان هذا المعتقل هو مركز الاعتقال الثالث الذي يتم اغلاقه او نقله الى الحكومة العراقية خلال فترة 12 شهرا الماضية. لقد تم اغلاق معسكر بوكا بتاريخ 17 ايلول 2009 حيث تم نقل المعتقلين الى مركز الاصلاح في معتقل التاجي او الى معسكر كروبر. ثم تم نقل معتقل التاجي والذي يكفي لايواء 2600 معتقل تقريبا الى سيطرة الحكومة العراقية بتاريخ 30 اذار 2010.
بالاضافة الى ذلك فقد تم نقل أكاديمية الاصلاح العراقية في قاعدة عمليات المستقبل المتقدمة الى وزارة العدل بتاريخ 15 كانون الاول 2009.
دعم أميركي
وبينما تجري الاستعدادات ل
لانسحاب العسكري من العراق في اطار تنفيذ الاتفاقية الامنية بين العراق وامريكا، تتخذ الادارة الامريكية عددا من الخطوات لتمكين القوات العراقية من مسك زمام الامور.
وفي هذا الشأن، أعلن الجيش الأميركي أن واشنطن خصصت مبلغ ملياري دولار لتجهيز القوات الأمنية العراقية بالمعدات والأسلحة خلال العامين الجاري والمقبل.
وقال الناطق باسم الجيش الأميركي الجنرال ستيفان لانزا، في تصريح صحفي امس إن الحكومة الأميركية قررت إطلاق مليار دولار خلال العام الجاري لتسليح وتجهيز الجيش العراقي، مبينا أن المبلغ سيتم تسليمه إلى الحكومة العراقية التي ستتولى مهمة شراء الأسلحة والمعدات.
وأوضح لانزا أن الإدارة الأميركية خصصت مليارا آخر، سيصرف خلال العام المقبل، للغرض ذاته.
وفي الوقت الذي توالي القوات الأمريكية تقليص عديدها في العراق ليصل الى 50 الفا نهاية آب المقبل اكدت مصادر عسكرية عراقية استعداد الجيش العراقي لمواجهة الوضع الناجم عن هذا الانسحاب.
وقال وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي لاذاعة العراق الحر ان القيادات الأمنية مستعدة لأسوأ الاحتمالات، وان خططا معدة للتعامل مع الانسحاب الامريكي.
وقلل العبيدي من قدرة تنظيم القاعدة الحالية الذي فقد بحسب العبيدي الكثير من عناصر قوته في العراق وبات يعتمد في عملياته على العبوات الناسفة. وفيما يتعلق بتسليح الجيش العراقي اوضح وزير الدفاع ان لدى وزارته خطة تسليح تمتد الى عام 2020، على ثلاث مراحل تنتهي الاولى منها عام 2012 وتتضمن توفير متطلبات حماية البنى التحتية وتدعيم الأمن الداخلي فيما تتضمن المراحل التالية تجهيز القوات الجوية والدفاع الجوي وفق المواصفة القياسية التي سيتم في ضوئها اختيار المناشئ العالمية للسلاح العراقي.
وفي الوقت الذي أبدى فيه خبراء عسكريون ثقتهم بقدرات الجيش
العراقي في مسك زمام الأمور واحلال الفراغ الناجم من انسحاب القوات الأمريكية فانهم نبهوا الى ما اسموه بـ "الخلل" المتمثل بنشر قطعات الجيش في الشوارع وفي نقاط التفتيش ما اضر بتطوير القدرات القتالية لأفراده.
وكانت القوات الأمريكية قد انسحبت من المدن العراقية في 30 حزيران 2009 تمهيدا لانسحاب القوات القتالية من البلاد بحلول آب المقبل، حسب خطط الانسحاب الأمريكي من العراق، بمقتضى الاتفاقية الأمنية التي وقعها العراق مع الولايات المتحدة الأمريكية في 13 كانون الأول 2008.
شكوك الانسحاب النهائي.. ومخاوف تحققه
اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية من العراق احدث شكوكاً من قبل بعض العراقيين في جدية الانسحاب النهائي، من دون إغفال المتغيرات الأمنية والسياسية التي تشهدها البلاد، فيما يبدي اخرون تخوفهم من احتمال أن تملأ بعض دول الجوار الفراغ الذي سيتركه انسحاب القوات القتالية الأميركية من العراق الذي اقترب موعده في نهاية آب المقبل.
ومن المقرر أن ينهي الجيش الأمريكي، وفقا للاتفاقية الأمنية، سحب وحداته القتالية في نهاية آب المقبل من العام الحالي 2010، بحيث يتبقى نحو خمسين ألف جندي أميركي فقط، في مَهماتِ إسنادٍ وتدريب حتى موعد الانسحاب العسكري الشامل من البلاد بحلول نهاية العام المقبل، وسيتم الانسحاب من البلاد كليا بحلول نهاية عام 2011.
ويؤكد التدريسي في كلية الإدارة بجامعة الموصل جمال سالم (40 سنة) في حديث لـوكالة السومرية نيوز، أن "القوات الأمريكية لم تنسحب من العراق، وخاصة من الموصل لأن القرار ما زال بيد الأمريكان"، ويتوقع أن "أكثر من 131 ألف عسكري أمريكي ينتظمون في 12 فرقة سيبقون في العراق في المستقبل المنظور، ولن ينخفض عددهم عن 128 ألف قبل إعلان تشكيل الحكومة المنتخبة في الشهور القادمة".
وذكرت تقارير دولية سابقة أن الوحَدات الأميركية القتالية في العراق أنجزت ستين في المائة من انسحابها مع معداتها، بحيث تقلص عدد جنودها إلى 84 ألف جندي، كما جرى تسليم فائض الولايات المتحدة من معدات قيمتها 91,4 مليون دولار إلى الحكومة العراقية، وكذلك لوازم أخرى مثل ذخيرة البنادق التي سيتم التخلي عنها، لأن شحنها إلى الولايات المتحدة سيكلّف غاليا.
من جهتها تشاطر ربة البيت عايدة شهاب (33 سنة) من سكنة الموصل تأكيدات التدريسي بعدم انسحاب القوات الأميركية وتقول لـ"السومرية نيوز"، "أنا لاعتقد أن هناك انسحابا لأي قوة أمريكية لأنني أرى يوميا عشرات الأمريكان وهم يمرون بالقرب من الشارع المحايد لمنزلنا".
وتنص المادة الرابعة من الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن على أن حكومة العراق تطلب المساعدة المؤقتة (بعد انسحاب القوات الأميركية من المدن) من قوات الولايات المتحدة لمساندتها في جهودها من اجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق، بما في ذلك التعاون في القيام بعمليات ضد تنظيم القاعدة والمجموعات الإرهابية الأخرى والجماعات الخارجة عن القانون وبقايا النظام السابق. وتجرى جميع العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها بموجب هذا الاتفاق بموافقة حكومة العراق، ويتم التنسيق الكامل بشأن هذه العمليات مع السلطات العراقية.
فيما تعتبر المهندسة ابتسام سمير (29 سنة) أن "خروج القوات الأمريكية من المدن العراقية كان خطوة فعالة لتحسين الوضع الأمني نظريا وليس عمليا.
من ناحيته، يقول قائد عمليات محافظة نينوى الفريق الركن حسن خضير إن "قوات الأمن العراقية كانت وما زالت جاهزة لاستلام الملف الأمني في الموصل وخير دليل على ذلك هو انسحاب القوات الأمريكية من المدن وتسليم هذه المهام لها، ونجاحها في بسط الأمن وأثباتها أنها قادرة على العمل لوحدها على عكس ما تروج له بعض الجهات التي لا تريد الخير للعراق".
ويعتبر خضير أن انسحاب القوات الأمريكية بالكامل سيوفر استقرارا أكبر، لان هناك جماعات تستهدف القوات الأمريكية، لذلك فان وجودها يؤدي إلى إرباك الوضع الأمني"، حسب قوله.
وفي محافظة واسط، اعتبر مواطنون أن الانسحاب الأميركي من المدن العراقية أثر إيجابا على مستوى الجاهزية الذي وصلت إليه القوات الأمنية العراقية، فيما رأى مسؤولون أن القوات العراقية أثبتت قدرتها على تسلم زمام الأمور وبسط الأمن في المحافظة دون الاستعانة بالقوات الأميركية التي اتهمها آخرون بخرق بنود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن.
ويرى محمد البدري، صاحب مكتبة لبيع الصحف في الكوت، أن "المدة التي مرت على الانسحاب من المدن شهدت الكثير من الفعاليات الأمنية التي قامت بها قوات مشتركة عراقية أمريكية وهو ما نرفضه كليا، لأن القوات العراقية قادرة على مسك الملف الأمني في عموم البلاد"، وفقاً لقوله.
إلا أن هناك من يعتقد أن "هناك التزاماً واضحاً في معيار تطبيق الاتفاقية وهو المستوى العالي من الجاهزية الذي وصلته القوات الأمنية العراقية، حيث أنها أصبحت لا تحتاج الدعم والإسناد الذي توفره لها القوات الأمريكية سابقا".
وهو الأمر الذي يتفق معه محافظ واسط لطيف حمد الطرفة الذي يقول إن "القوات العراقية في المحافظة هي الآن بمستوى عال من الجاهزية، وأثبتت قدرتها الكافية على تسلم الملف الأمني"، إلا أن عضو مجلس المحافظة منتظر النعماني يبين أن "القوات الأميركية خالفت بنود الاتفاقية الأمنية بتنفيذها عدة عمليات دهم واعتقال دون علمنا بذلك".
وتتواجد القوات الأميركية حاليا في محافظة واسط، 180 كم جنوب شرق العاصمة بغداد، في قاعدة الدلتا (5 كم شمال غرب الكوت)، إضافة إلى تواجد فريق الدعم الأمريكي، وهو وحدات أمريكية غير قتالية تتعلق مهامه في تنفيذ الأعمال والمشاريع المدنية، التي يدخل معظم مدن المحافظة ومنها مدينة الكوت بسبب طبيعة عمله المدنية، وفق اتفاق بين الجانبين العراقي والأمريكي.
وفي محافظة الأنبار يقول عضو مجلس محافظة الأنبار مزهر حسن الملا إن "عاما كاملا حمل في طياته الكثير من الخروق الأمنية والأخطاء القاتلة لقوات الأمن العراقية واعتقال أبرياء وترك إرهابيين بدون ملاحقة"، متمنيا "إشراق يوم يكون فيه العراقيون لديهم قبضة من حديد على ملفهم الأمني دون الحاجة إلى الغرباء".
وفي بعقوبة بديالى، تبادر إلى ذهن الطفل أحمد وعمره سبع سنوات وكان على مقربة من مبنى الإدارة المحلية وسط بعقوبة وهو يرى أرتال القوات الأمريكية تسير وسط الشارع المحاذي للمبنى، أن يسأل أبيه سؤالا مفاجئا، وقال له "أبي متى يرحل الأمريكان؟" فرد أبوه بعبارة مقتضبة "سيرحلون قريبا".
ويقول الأب وهو الموظف الحكومي ويدعى شامل مزاحم النعيمي، يبلغ من العمر، 37 سنة، إن "الاتفاقية الأمنية وما يقال عن انسحاب القوات الأمريكية مجرد سيناريو لتهدئة الرأي العام ليس إلا، والقوات الأمريكية ستبقى سواء أكان عددها مئة ألف جندي أو جندي واحد فكلاهما يؤدي المهام نفسها".
بدوره، يذكر مستشار محافظ ديالى للشؤون الأمنية عامر الطائي أن "القوات الأمريكية انسحبت من نحو 80% من قواعدها العسكرية المنتشرة في العديد من الوحدات الإدارية بالمحافظة منذ بداية التطبيق العملي لمحاور الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية في 30 حزيران العام الماضي"، مبينا أن "الجزء الأكبر لتواجد الجنود الأمريكيين ينحصر الآن في قاعدة عسكرية تسمى الوير هاوس، 9كم شمال بعقوبة".
ويضيف الطائي أن تطبيق الاتفاقية الأمنية من قبل القوات الأمريكية أدخل على الأهالي مشاعر الفرح والسرور الذي أسهم في زيادة دعم القوات الأمنية العراقية، لوجود رغبة شعبية بأن يكون الملف الأمني بيد القوات الأمنية العراقية وليس الأجنبية"، مؤكدا أن ا"لقوات الأمنية حققت انجازات كبيرة واستطاعت مسك الملف الأمني بقوة وحزم رغم وجود بعض الخروق، إلا أنها تبقى في نطاق ضيق استطاعت تجاوزه".
ويكشف مستشار محافظ ديالى للشؤون الأمنية أن "القوات الأمريكية ارتكبت أخطاء في الأشهر الأولى لتطبيق الاتفاقية الأمنية لكنها استطاعت معالجتها بعد ذلك، واعترفت بها وقدمت اعتذارا رسميا عنها، وكان بعضها مشتركا بينها وبين القوات العراقية"، لافتا إلى "قدرة القوات الأمنية على مسك الملف الأمني بعد انسحاب القوات الأمريكية بشكل نهائي عام 2011".
من جانبه، يعتقد نائب رئيس مجلس محافظة ديالى صادق الحسيني أن "بدء انسحاب القوات الأمريكية في حزيران 2009 أسهم في دفع جهات غير مؤمنة بالعملية السياسية إلى إعادة النظر بأفكارها، وتنخرط بالعملية السياسية لأنها فقدت ذريعة الاحتلال".
ويعتبر الحسيني أن "مرور الأرتال الأميركية في الشوارع هو لسحب المعدات وإيصال مواد الدعم اللوجيستي لبعض قواعدها العسكرية في بعقوبة".
فيما يشير المحلل السياسي إبراهيم الاركوازي إلى المشكلة التي يعتبرها أساسية بعد الانسحاب الأميركي الكامل وهو بقاء الديمقراطية صامدة بوجه التيارات القوية التي تريد إفشالها لأنها "تجربة فتية ربما تثير الأزمات في أنظمة دول الجوار الشمولية التي قد تستهدفها"، حسب قوله.
أما بالنسبة للطفلة ذات الخمسة أعوام نورة علي، فهي تخشى كثيرا رؤية القوات الأمريكية أو دروعها حين تسير في الشوارع، وتصاب بنوبات فزع قوية ومخيفة عند رؤيتها للدروع الأمريكية، لمشاهدتها قبل عام لعملية قامت بها القوات الأمريكية والعراقية لمنزل عائلتها في أطراف بعقوبة في ساعة متأخرة من الليل، ما أدى إلى إصابتها منذ ذلك الحين بصدمة نفسية جراء ذلك".