جريدة الجرائد

اللوبي الإسرائيلي في الوسط العربي!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد المختار الفال

كشفت مصادر صحفية أن حكومة إسرائيل تخطط لإنشاء جهاز إعلامي تحت مظلة مؤسسات ومنظمات وهمية بهدف التأثير على الرأي العام العالمي.. وقالت صحيفة "ها آرتس"، التي نشرت الخبر، إن هذا الجهاز الإعلامي سيعمل على "تمرير" رسائل إعلامية للتأثير على سياسيين وصحفيين وصانعي الرأي العام في أوروبا. وطلبت وزارة الخارجية الإسرائيلية من سفاراتها تزويدها بأسماء مسؤولين كبار في الدول الأوروبية وعناوين بريدهم الإلكتروني، بينهم رؤساء حكومات ووزراء خارجية وأعضاء برلمانات ورؤساء منظمات غير حكومية وصحفيين نافذين. وأشار أحد المسؤولين الإسرائيليين إلى ما يمكن أن يحدثه هذا "اللوبي" من الأنصار في الرأي العام وضرب مثلاً: "عندما يتحدث سفير إسرائيل حول التحريض الفلسطيني أو تهريب أسلحة من سوريا إلى حزب الله فإن الأوروبيين يشككون في أقواله، لكن إذا وصلت الرسائل نفسها من جهة لا تبدو أنها مرتبطة بإسرائيل فإن الأمر سيكون ناجعاً أكثر".
قد يسأل البعض ما الجديد في الأمر حتى يستحق أن يلفت النظر؟ فاستخدام إسرائيل للمؤسسات غير الرسمية والأشخاص المؤثرين في أروقة ودهاليز السياسة الدولية ومراكز صناعة الرأي العام والمؤسسات الإعلامية الكبرى المؤثرة ليس جديداً بل هو سياسة معروفة مكشوفة حتى لم تعد إسرائيل تجد حرجاً في إظهارها والتباهي بقدراتها لتكثير المؤيدين ولم تعد تجهد نفسها لإخفاء هذا النشاط أو التستر عليه.. نعم هذا معروف وليس خافياً ويكاد يسلم به الجميع لكن "المسكوت" عنه غير المعروف وغير المعترف به هو امتداد خارطة "الوكلاء" الإسرائيليين في المنطقة العربية التي ترفض هذا التمدد، في عمومها، وظلت تقاومه عشرات السنين وإن بدت في العقود الأخيرة تفقد بعض الصلابة وترق قواها وسماكة جدران مناعتها بعد أن تسلل إلى غددها "فيروس" السلام الوهمي المصنع في معامل الغرب بمادة صهيونية.. فهل هناك "لوبي إسرائيلي" عربي؟ .. وما هو حجمه وتأثيره على المستوى السياسي والثقافي والشعبي؟، ومن هم عناصر هذا "اللوبي"؟.. وهل يوجد لوبي حقيقي أم أن تربية الخوف من الصهيونية وأفعالها على أرض فلسطين هي التي توهم بوجود هذا التيار؟.
ليس شرطا ألا يتم الحديث عن هذه القضية أو إثارتها للمناقشة الهادئة الباحثة عن معرفة الواقع وتدبر ما يطرأ عليه من تغيرات إلا إذا توفرت معلومات موثقة تجزم بوجود هذا اللوبي، فآثاره لا تخطئها العين الناظرة، ولا تخفى آثاره على تقليل "حساسية" المزاج العربي نحو كل ما يتعلق بإسرائيل.. - وقديما قالت العرب "البعرة تدل على البعير" . وإذا قبل البعض "مشروعية" الحديث عن هذا الأمر فمن هم يا ترى الناشطون في ساحته؟.. وكيف تسربوا إليها؟ ولماذا انخرطوا في سلكها؟. يبدو لي أن هذا اللوبي يضم:
bull; الجواسيس الذين يقبضون ثمن تجسسهم، أي الخونة الذين يتجسسون لصالح إسرائيل في الوطن العربي. وهؤلاء وجودهم قديم قدم الصراع العربي الصهيوني وتعليل وجودهم وتفهم طبيعة نشاطهم مفهوم ضمن دائرة "الانحراف" البشري الذي لا تسلم منه أمة أو شعب.. وهؤلاء هم الأقل خطراً والأقل أثرا على المستوى السياسي والثقافي لأنهم منبوذون مكروهون حتى من أقرب الناس إليهم ولأن الجاسوس لا يستطيع أن يتخلى عن طبيعة عمله ومتطلباته التي تكشف صاحبها حين الأزمات والأحداث المفصلية.
bull; وهناك فئة أخرى تقع في مجرى الدعاية الصهيونية دون أن تدرك ذلك. و يأتي في مقدمة هذه الفئة "المحبطون" الذين أفرغوا شحناتهم العاطفية في الشعارات التي لا تقف على أرض صلبة ولا تتغذى على معان روحية أصيلة ولا يوجهها منطق عقلي يرصد الواقع بأدوات التاريخ وسنن التغيير.. وهؤلاء لهم تأثيرهم النفسي في محيطهم لأن تاريخهم وسابقتهم في الممانعة تعطي رأيهم المصداقية وتشفع لهم عند الكثيرين من الجماهير العربية.. هؤلاء يوفرون خدمة لإسرائيل دون أن يقبضوا ثمنها فهم بروحهم "المحبطة" وخطابهم "المائع" بيئة صالحة لرسائل الدعاية.. وهؤلاء لا تطرق إسرائيل وأجهزتها الرسمية أو شبه الرسمية أبوابهم بل تسرب إليهم رسائلها من خلال المنابر الثقافية واللقاءات الدولية والمواقف السياسية التي ترفع لا فتة "السلام".
bull; وهناك المتشنجون المعادون لكل الشعوب والثقافات، الصارخون في وجه كل من يختلف معهم .. هؤلاء أبعد ما يكونون عن تهمة "الخدمة" المباشرة ،بكل أبعادها، لكنهم يقعون من حيث لا يدرون في شباك الدعاية التي تريد أن توهم الرأي العام العالمي أنها ضحية الكراهية العربية والإسلامية. وأن "صراخ" هؤلاء هو الذي يعبر عن روح الإسلام وثقافته وموقفه من الثقافات الإنسانية المخالفة. وأن ما يقوله المثقفون والرسميون العرب تجاه المخالف وما تتخذه الحكومات من مواقف لا يعدو أن يكون خطاب "تجميل" للمستهلك الغربي. وهذه الفئة "الصاخبة" تلحق ضررا بالغا بقضايا العرب وثقافة الإسلام حين تصوره "عدائيا" رافضا للتعايش. ومن أسف أن "ضجيج" هؤلاء مادة مرغوبة من الإعلام الدعائي الذي يعمل على تشويه صورة العربي وجلب "تعاطف" الآخرين.
bull; وهناك الكتاب والصحفيون والمؤسسات الثقافية التي يتماها خطابها مع خطاب الدعاية الذي "يعمق" هشاشة هذه الأمة و"يرسخ" فشلها في النهوض بدون الركون إلى غيرها وأن محطاتها المضيئة هي التي اتصلت بالغرب وثقافته وأسلوب حياته.. هذه المجموعة ينشط فيها أفراد مهنيون اتصلوا بالغرب السياسي والثقافي المنشغل بمنطقتنا، وتولد عن هذا التواصل "مزاج" مشترك يدفع باتجاه التخلص من نزعة المقاومة بكل أشكالها وألوانها والتضييق على أصحابها وتقزيم صورهم وتضييق مساحة تحركهم وظهورهم على الوسائل الإعلامية المؤثرة والمنابر الثقافية والشعبية. ويساند نشاط هذه الشريحة "مراكز أبحاث" أعطت اهتماماً خاصاً للقضايا الاجتماعية والتغيرات التي تجري في المنطقة ودراسة واقع الحركات والتجمعات التي يمكن أن تؤثر في مزاج وفكر الناس.. وتلقى هذه المجموعة دعما نفسيا ومعنويا - إن لم يكن ماديا - من بعض مراكز المال وقطاع الأعمال الذي تغريه المكاسب المادية المتوقعة من "الاستقرار" بعد إنشاء علاقات "طبيعية" بين كل دول منطقة الشرق الأوسط وشعوبها. وهذه الفئة هي التي تستحق وصف "لوبي" لأنها تعمل بوعي ولديها هدف عام وتوظف كل مواقفها وإمكانياتها لتحقيقه وتتناغم أساليبها مع خطاب "دعاية السلام" الإسرائيلي.
هذه بعض "القنوات" المحتملة لنقل الدعاية الإسرائيلية إلى المنطقة العربية فهل تستحق التأمل من البعض؟.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف