جريدة الجرائد

إعلاميون... وسياسة !

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

غسان المفلح

لبنان لم يستطع ان يتحول إلى نموذج حريات والعراق لايزال يحبو نحو ديمقراطية لانعرف أين تتجه
لست ممن يناصبون التحسن النسبي لوضع الحريات والتنمية والمجتمع المدني, في أي بلد عربي, العداء بمطلقات أخزنها, وجاهزة دوما للتعميم من أجل التعتيم. مطلقات عربية لثقافة سياسية راهنة. كما أنني لم أعد أميل إلى الدراسات والمقالات السريعة التي تناقش الوضع العربي كعنوان وعلى سبيل المثال" لا تناقش حرية الإعلام في مصر كما لو أنها نفسها في سورية, كما لا يمكنني نقاش الوضع التنموي في تونس في العشرية الأولى من هذا القرن, مع التراجع التنموي المستمر لسورية بفضل سياسيات نظامها. هذا لا يغير من أن هناك ديكتاتورية ما في تونس, ولكنها تصبح ديمقراطية عندما نقارنها بالوضع في سورية.
الإعلاميون العرب باتوا يستخدمون القالب العربي, من دون أدنى تدقيق أحيانا, مما يترك القارئ العربي, أمام عبثية ما, عبثية لها مصالح خلفها, مثلا كأن نقارن علاقة الحكومة المصرية مع الإعلام المصري, كعلاقة الحكومة الليبية مع الإعلام الليبي. أو نقارن انتخابات عمر البشير رغم كل ما في هذا النظام من مساوئ, بما يجري من استفتاء في سورية.
كما لا يمكنني أن أرى أن المدنية والعلمانية في تونس هي كحالها في سورية. بالطبع مثلي مثل غيري وجهة نظري لا تنطق عن حيادية كاذبة! بل الشرط المصلحي حاضر, ولكنه لا يجعلني لا أرى النسبي من الأمور. مثلما لا يمكنني مشابهة الرسالة الإعلامية لقناة "العربية" بالرسالة الإعلامية لقناة "الجزيرة"أنه كله إعلام عربي! بغض النظر عن ميلي لهذه القناة أو تلك.
لماذا نحاول أن نجعل من شرطنا الفردي- القطري كمفهوم عزيز على قلب القوميون العرب- مطلقا عاما?
بهذا المعنى لا يوجد إعلام عربي مستقل عن السلطة العربية, وبالتالي كل الإعلام العربي من المحيط إلى الخليج, ومن دبي إلى لندن, كله متساو في الذيلية, وهذا غير صحيح, فمساحة الحرية في صحيفة الحياة على سبيل المثال لا تقارن بمساحة الحرية في صحيفتي "تشرين" أو "الوطن" السوريتين وهذه من جهتي كمواطن سوري, ولكن لا أعرف رأي المواطن السعودي أو المصري في هذا الأمر هل يرى كما أرى أنا?
وإذا كانت رؤية المواطن المصري غير رؤيتي بالطبع لا ألومه, لأنه ينظر إلى الامر من زاويته, ولكن ألا يوجد إعلاميون, يمكن لهم رؤية الأمور من نظرة أشمل? بالتأكيد يوجد ولكن أين هي مساحتهم? وما قصدته ليس هؤلاء الذين يكتبون تحت عنوان" كله عند العرب صابون" بل أقصد هؤلاء الذين يمتلكون نظرة موضوعية للنسبي في التفاوت التطوري بين المجتمعات العربية.
لبنان لم يستطع أن يتحول إلى نموذج حريات, والعراق لازال يحبو نحو ديمقراطية لا أحد يتنبأ إلى أين تسير, فلبنان أزاحوه من الخارطة- النموذج, كما هي الحال تونس في قضية مجتمعها المدني, ولكل حالة نقاشها الخاص,والمرتبط بشكل تطورها كدولة في محيطها الإقليمي والدولي.
الكويت في الغالب تحتل المؤشر الأول في الحريات في العالم العربي, ولكن لصغرها لم تستطع أن تكون النموذج لباقي الدول العربية, الوضع العربي ليس جوهر قار, ولهذا حركية مصر بكل ما في نظامها السياسي من عيوب, هي التي يمكن أن تتحول إلى نموذج عربي, وهذا ما يخيف بعضاً من الاعلاميين العرب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف