أصحاب لبنان الصغير!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
علي الظفيري
أكبر الأخطاء التي تقع فيها حركات المقاومة في فلسطين ولبنان هو التساهل مع العملاء، حدث هذا في أكثر من مناسبة في الحالتين اللبنانية والفلسطينية، وكان مبرراً من ناحية وجود أطراف محلية منافسة تتحين الفرص لاتهام العمل المقاوم تحت ذرائع مختلفة، لكنه -أي التساهل- مع حالة العمالة أدى لنتائج وخيمة على حركات المقاومة، وقدَّم فائدة كبيرة للعدو الصهيوني في حروبه التي لا تتوقف على غزة ولبنان، ومن هنا كان وما زال الواجب على المقاومة حسم هذه القضية وعدم التردد في القضاء على هذه الظاهرة وتحجيمها مهما كانت الظروف، ولنتذكر جيدا أن من يقف في خندق المناهضة ضد عمل المقاومة لا يفعل ذلك لأخطاء ارتكبتها المقاومة، بل يفعل ذلك لأنها تقوم بالعمل الصحيح!
في لبنان يمكن أن تكون عميلا لأية جهة، فهذا البلد مخترق إلى أبعد مدى، وبحجة التوازنات الطائفية يتم التساهل مع حالة العمالة الفاضحة لإسرائيل التي تكررت بشكل غير مقبول، أي أنه ليس بإمكاننا تنفيذ القانون على مواطن تخابر مع أجهزة العدو وعمل لصالحها على حساب الوطن، فقط "كرمال" الطائفة الأخرى، يمكنك في عصر التوازن الطائفي أن تفعل ما يروق لك، وبالشكل الذي تريده، وستجد المندوب الطائفي الأعلى عند باب زنزانتك مدافعا عنك، وتجد من يستقبلك عند خروجك السريع وتبرئتك من الخيانة، هذا ما يحدث -فقط- في "طائفة لبنان الكبير"!
السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله قال في خطابه بعد القبض على العملاء في شركة "ألفا" المملوكة للحكومة وآخر هو مسؤول سابق في قطاع الاتصالات: "إن المصيبة تكمن في البيئة الحاضنة، والتي لا ترى عيباً في أن يكون ابنها أو زوجها أو الأستاذ أو الجندي أو المهندس أو رئيس البلدية أو الإعلامي أو المثقف على علاقة مع إسرائيل أو عميلاً لإسرائيل، وصولاً إلى مرحلة باتت فيها العمالة وجهة نظر، العمالة خيار في الصراع المحلي والإقليمي، وبالتالي، كما أنتم لكم علاقة مع سوريا، هناك أشخاص لديهم علاقة مع إسرائيل"، فهل باتت العمالة في لبنان وجهة نظر فعلاً؟
يمكن الجزم بأنها باتت كذلك في نظر فريق سياسي لبناني لم تعد لديه حاسة وطنية، لا يستطيع التفريق بين سوريا والسعودية وإيران وإسرائيل! ولا قدرة لديه على التمييز بين تحالفات عربية وإقليمية ضرورية وإن كانت سلبية أحياناً، وبين الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، التخابر مع العدو والشراكة معه والعمل لصالحه تحت بند التنافس القائم مع فرقاء الوطن والصراع على مكاسب داخلية صرفة! لا يميز هؤلاء بين مشروع وآخر، المهم هو السير قدماً في مشروع القضاء على الآخر وتحطيم قدراته وشلّ حركته، ليس مهماً لصالح من سيكون تحقيق هذا الهدف وكيف، وربما كان الصراع الداخلي مفهوما كمبرر أو حجة في هذا الفعل لولا ذلك التاريخ الطويل للسلوك غير الوطني الذي يمارسه هذا الفريق اللبناني بحجة البقاء والمحافظة على الهوية، الهوية المصطنعة في أذهان هذا الفريق والتي يريد إقناعنا بحقيقتها بشكل يخالف الوقائع المعروفة لدى الجميع، هو لبنان الصغير كما يريدونه لا كما يجب أن يكون!
في فلسطين يحدث الأمر ذاته، تقوم معظم قيادات وعناصر حركة فتح بالعمالة -وهي بخلاف التعامل- لإسرائيل من أجل البقاء والقضاء على المنافس المقاوم، وتتردد المقاومة أحيانا في ردع العملاء بحجة الصراع والانقسام الداخلي وتربص الطرف الآخر والخشية من توظيف ذلك في المسّ بصورة المقاومة، ومع ذلك لا يتغير شيء في الضفة الأخرى، يظل العمل المقاوم مداناً في أذهان العملاء الكبار والصغار، ما دامت منفعة العميل تقتضي البقاء في أحضان العدو ومصالحه الضيقة والبسيطة تستلزم ذلك.
لا أحد يلوم المطالبين بالقضاء على العملاء وتنفيذ الأحكام المستعجلة فيهم، بعد التأكد من إدانتهم ومحاكمتهم، أما أولئك الذين باعوا كل شيء، وتفرعنوا في الدفاع عن العملاء بحجج واهية، فهم جذر المشكلة والخيانة، ولا بد من القضاء على امتداداتهم بأسرع وقت