الأمن قبل السياسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية
الأمن قبل السياسة
عدنان السيد حسين
بعد خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في جامعة القاهرة، الذي خاطب من خلاله العالم الإسلامي، طُرحت أسئلة عدة بشأن الصراع العربي الإسرائيلي والدور الأميركي في التسوية السلمية المتوقّعة.
هل يتمكن الرئيس الأميركي من إلزام إسرائيل بالتقيّد بقرارات الأمم المتحدة إفساحاً في المجال أمام إنجاز تسوية سلمية بدءاً من المسار الفلسطيني؟
كيف ستتصرف، والحال هذه، جماعات الضغط الصهيونية داخل الولايات المتحدة، وهل ستمكّن الرئيس الأميركي من إنجاز مشروعه في تحقيق التسوية؟
وكيف ستتصرّف الحكومات العربية حيال هذا الملف، لجهة مساعدة الإدارة الأميركية على إرغام إسرائيل للإنخراط في عملية التسوية؟
هذه الأسئلة، وغيرها، ظلت مطروحة إلى الآن، وستبقى إلى أمد غير معلوم، طالما أن التسوية السلمية مجمّدة تحت الضغوط والشروط الإسرائيلية.
وقعت خلافات سياسية ودبلوماسية بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو، وموضوعاتها: حصار غزة الذي تنفّذه إسرائيل، وتطويق الضفة الغربية واختراقها بالحواجز والإعتقالات التعسفية، واستمرار عمليات الإستيطان تحت ذرائع واهية، وعدم الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين...
على أن اللجنة الرباعية الدولية، المكوّنة من الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، لم تتمكن من أخذ زمام المبادرة وتحريك العملية السلمية، بل أن مصير اللجنة الرباعية صار مطروحاً! وتراجعت معها وعود وشعارات سابقة: خارطة الطريق، وحدود دولة فلسطين، ومصير القدس واللاجئين، وتجميد الإستيطان، وغيرها.
كما لم تتمكن مجموعة الدول العربية من صوغ استراتيجيات بديلة عن تلك التي أقرتها القمة العربية في بيروت سنة 2002.
الملاحظ أن الخلافات السياسية بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو لم تؤثر سلباً في العلاقات الأمنية بين الجانبين. لا بل حصل تعاون أمني مفتوح، وكأن العلاقات السياسية والدبلوماسية مستقرة وثابتة!
من مظاهر التعاون الأمني الواسع بين الطرفين: الإستعداد لنشر منظومة (القبّة الحديدية) في العام المقبل، وإجراء إختبار ناجح لنظام الدفاع الصاروخي الجديد. وتساهم الخزينة الأميركية بمبلغ 205 مليون دولار أميركي لتمويل هذا المشروع. وصولاً إلى إشعار إسرائيل بأنها قوية، وليست عرضة لتهديد دول أو جماعات في الشرق الأوسط، وفقاً لوجهة النظر الأميركية في وزارة الدفاع ووكالة الإستخبارات المركزية.
إلى ذلك، تستمر اللقاءات على مستوى نواب ومساعدي وزراء الخارجية لتبادل الخبرات الأمنية والعسكرية، وقد بلغ عددها أكثر من 75 لقاءً. وتناولت قضايا عدة بينها، تطوير نظام الدفاع الصاروخي في إسرائيل، وزيادة الدعم المالي الأميركي في الشؤون العسكرية الإسرائيلية ليصل إلى ربع الإنفاق العسكري الشامل.
يوجز المتحدث باسم البنتاغون جيف موريل عن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قوله: (أنه يؤمن بأن التعاون العسكري بين بلاده وإسرائيل هو تعاون غير مسبوق). وهذه علامة بارزة من علامات صعود العلاقات الأمنية والعسكرية على الرغم من التعثّر السياسي والدبلوماسي.
تبدو القمة الأميركية الإسرائيلية الأخيرة، بين أوباما ونتنياهو، في وضع متقدم على مستوى تطوير العلاقات الدبلوماسية والسياسية، ومعالجة الإشكالات السابقة في هذا المجال. فلا ضغوط سياسية متوقعة في المرحلة القصيرة التي تسبق الإنتخابات الجزئية للكونغرس في الخريف المقبل، لأسباب أميركية في الدرجة الأولى، وبعدما تراجع الزخم الذي أحدثه انتخاب أوباما رئيساً للولايات المتحدة، وتراجع معه تأثير الحزب الديمقراطي في قطاعات مختلفة.
في المقابل، لا تبدو عملية التسوية في وضع جديد، أو في إنطلاقة جديدة متوقعة. لا بل أن أمين عام جامعة الدول العربية أبدى قلقه من الوصول إلى نهاية الثلاثة شهور، التي أعطتها الجامعة للنشاط الدبلوماسي العربي كي يتم تفعيله في مجال التسوية، دون تحقيق أي نتيجة حتى الآن.
هذا القلق له ما يبرره، لا سيما وأن الأوضاع الإقليمية والدولية غير مساعدة، والتهديدات الإسرائيلية بالتصعيد مستمرة بما لا يوحي بأجواء السلام أو الإستقرار على اتساع منطقة الشرق الأوسط.