جريدة الجرائد

مواثيق العراق الجديد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حسن عبدالله عباس

تذكرون قبل أسبوع أو أكثر صرّح مسؤول عراقي بأن مسألة الحدود بين البلدين غير منتهية معيداً بذلك، مندوب العراق لدى الجامعة العربية الدكتور قيس العزاوي، ذكريات البعث وشجون الغزو وأيامه المشؤومة، فكلامه هذا أستثار النواب بكلام قرأناه جميعاً بعضه موزون والبعض الآخر مأسوف عليه وفي حاجة إلى مراجعة وتوقف!
بدايةً كلمات كترسيم الحدود والنفط تجعلنا نخشى ولا نطمئن ونقلق وتنتابنا حساسية مفرطة وشديدة تجاه كل من يتقرب للموضوع. فالمصيبة التي حلّت بالكويت لم تكن بالأمر البسيط الذي يمكن لأي كويتي عاش الحدث أو سمع به أن يطنّش من يذكر سالفة الحدود من دون أن يتوقف ويسترق السمع جيداً، ويحلل ويناقش ويتزاحم على رأسه مليون سؤال وسؤال: لماذا، ولم، وما السبب، وأين، وغيرها من الاستفهامات، فالقلق مازال شديداً وهاجس الغزو مزمن لحد عميق ولا يبدو أن المستقبل المنظور، ولا الإدارات السياسية الحالية والمقبلة، ستقدر على تجاوزها ومحوها بسهولة!
فما حدث بين الكويت والعراق كبير، فالشهداء والضحايا والأسرى والذكريات، وآثار التعذيب، والمليارات، وانتهاك الحرمات، والمصائب الكثيرة التي يعف عن ذكرها اللسان، كل هذه المصائب من الصعب نسيانها إن لم يكن مستحيلاً. لكن هذا لا يبرر أبداً أن نرى وفي الوقت نفسه هذه الهجمة الشرسة من قبل نواب الشعب على ما جاء على لسان ممثل العراق. ليس من باب أن الموضوع لا يستحق، لا أبداً فمن ينكر ويتشكك في مسألة الحدود لابد أن تكون لنا معه وقفة، ولكن شتان بين وقفة نوابنا ووقفة وزارة خارجيتنا. ففي موضوع العزاوي متغيرات تجعلنا نتريث ولا نتهور ونصل إلى سقف ما كُنا في حاجة لبلوغه من التشنج.
وبصراحة أشكر الله سبحانه وتعالى أن وزارة الخارجية ما زالت سليمة ولم تقع في مستنقع التهور، وما زالت تُدار من قبل مسؤولين عقلاء وحكماء، وأخص بالذكر وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله الذي غالباً ما يهوّن الأمور ويعيدها إلى نصاب الهدوء بتصريحات ديبلوماسية تنم عن خبرة طويلة ونظرة استراتيجية في العلاقات مع الدول الأخرى، لا كنظرة بعض نوابنا ممن لا يرون أبعد من أرنبة انوفهم!
عزيزي النائب الزعلان الحمقان الغضبان العلاقات بين الدول لا تُدار بهذه الكيفية، فلا نهاجم ونصرخ مع كل كلمة أو هفوة أو زلة، بل نبدأ بالهدوء والحكمة والتوضيح والاحتجاج. دعنا نأخذ العزاوي كدرس لهذا الهدوء ونقيس الظرف الذي عاش فيه تصريحه ذاك... ففي اليوم التالي مباشرة وضّح الرجل بأن ما قاله لم يكن رأيه الشخصي، ولا موقف الإدارة السياسية في العراق، بل موقف الإدارة البعثية السابقة. التطمينات كذلك أتت من سفير العراق الرجل المؤدب والوقور السيد محمد حسين بحر العلوم خصوصاً بعدما سلمته وزارة خارجيتنا مذكرة احتجاج حول ما قاله العزاوي. وإلى جانب ذلك ما قاله وزير الخارجية العراقي زيباري تارة في مكالمة هاتفية مع نظيره الكويتي، وتارة أخرى ما قاله مباشرة للإعلام بعدم صحة تصريحات العزاوي، وأن العراق الجديد يحترم المواثيق والعهود الدولية، خصوصا المتعلقة بالحدود التي لا رجعة للعراق عنها. فهل كُنا في حاجة لكل هذه الجعجعة!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف