جريدة الجرائد

«معضلة» المرأة السعودية!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بصيرة الداود


ما يجهله الكثيرون عن النساء السعوديات هو أن لهن تاريخاً مشرفاً يشهد على ما قدمته المتميزات منهن للمجتمع السعودي، وما أسهمن به في مجالات كانت متاحة لهن حتى قبل قيام الدولة السعودية الحديثة والمعاصرة. ولا يخفى على كل منصف عاقل ما وصلت إليه المرأة السعودية من مكانة مرموقة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فهي قد نالت في عهده - حفظه الله - كثيراً من حقوقها التي حرمتها إياها عقول مغلقة لسنوات عدة مضت على رغم أن هناك كثيراً من الحقوق والقوانين التي لا تزال المرأة السعودية في حاجة إلى استردادها من أجل حمايتها وكفالة معيشة آمنة ومستقرة لها.

مشكلة المرأة السعودية هي مشكلة ثقافية نفسية واجتماعية بالدرجة الأولى، فكون النظام الاجتماعي القبلي في المملكة العربية السعودية هو النظام السائد فهذا بالتالي يلعب دوره الخطر جداً بالنسبة إلى مسألة تقييد حرية المرأة داخله ويجبرها على الخضوع لأعراف وتقاليد وأنظمة القبيلة قبل كل شيء. ولهذا فالمرأة السعودية داخل هذا النظام الاجتماعي لا تمثل سوى أداة للعصبية القبلية وبامتياز، كونها تعد المحور الأساسي لتعزيز قوة العصبية القبلية من خلال المصاهرة كوسيلة لإقامة الأحلاف مع القبائل الأخرى!

ولذلك فهي العضو الذي يتعرض للقبول المشروط واختزال كيانها في وظائف ودلالات تخدم مصالح العصبية القبلية، ومثل هذه الثقافة التي تغرس في عقلية ونفسية المرأة السعودية منذ ولادتها تبقى محاطة بسلوكياتها مثل "الطقوس المقدسة" والتي إن خرجت عليها فهي تعتبر حينها إنسانة متحررة وعاصية تستحق عقوبة الأنظمة والقوانين القبلية غير الإنسانية المجحفة بحقها.

المرأة السعودية في ظل النظام القبلي الصارم تعتبر أكثر الكائنات التي يمنع عليها أن تكون لذاتها! أو على الأقل مجرد أن ترغب في أن تكون مالكة لذاتها، ويحظر عليها أن تتطلع إلى ما وراء ما يناط بها من وظائف وأدوار إلا بموافقة العنصر الرجالي من أسرتها، والذين هم بدورهم مقيّدون ويخضعون للأعراف والتقاليد والأنظمة القبلية نفسها ولا يستطيعون الخروج عليها!

الملاحظ علمياً أن أعراف وتقاليد وأنظمة القبائل العربية في السعودية وغيرها من الدول العربية التي يسود فيها النظام الاجتماعي القبلي نفسه في ما يختص بالمرأة تحديداً تدور جميعها حول جعل المرأة في ظلها مثالاً للطهر والكمال، ولهذا فهي لا تمثل في الذهنية والعقلية القبلية سوى الرحم الذي ينجب والثدي الذي يرضع مهما بلغ شأنها وعلت مكانتها الاجتماعية! وهي بهذا المعنى تختزل كل وظائفها في رمز العطاء من دون حدود. وبالتالي فإن ثقافتها داخل مجتمعها القبلي تنعكس على تربيتها لأبنائها، فتربي الابن على حب التسلّط والسيادة منذ طفولته، كما تربي ابنتها على الرضوخ والتبعية العمياء للرجل، وتمنع عنهم كما منع عنها التفكير في قيمة "الرغبة" خارج نطاق وقيود سلطة العصبية القبلية من أجل ألا يهدد مجرد التفكير في الرغبات كيان العصبية الذاتي مما قد يهدد باستقلال المرء ذاتياً عن سلطته التي يخضع لها اجتماعياً.

أصبحت المرأة السعودية في يومنا هذا في حاجة إلى تكثيف جهود الناشطين والناشطات ثقافياً واجتماعياً ونفسياً من جميع أفراد المجتمع مهما بلغت مكانتهم الاجتماعية بهدف تغيير الثقافة النمطية القبلية تجاه المرأة والقيام بنشاط على المستوى الاجتماعي القبلي يهدف إلى محو ثقافة العصبية القبلية داخل المجتمع، والتي تمثل الانغلاق والميل إلى إعادة إنتاج ذاتها والجمود ورفع الأعراف والتقاليد القبلية داخلها مهما كانت خاطئة إلى مرتبة القيم التي تستحق كل تقدير واعتزاز وفخر، والتي هي في الواقع تقاوم التغيير ولا تتقبل الآخر لأنها ترى فيه تهديداً وعقبة وجودية إزاء توطيد كيانها العصبي القبلي، واستبدال كل ذلك بغرس ثقافة الأنظمة المفتوحة على العالم الخارجي التي تسمح بالتغيير والانفتاح وتتقبل الآخر الوطني أولاً قبل الآخر الخارجي. واستمرار المجتمعات في التشبث بثقافة الأعراف والتقاليد والأنظمة القبلية لا يعطيه مجالاً للاعتراف بإنسانية الإنسان سواء كان رجلاً أم امرأة ككائن قائم بذاته وكمشروع وجود، وإنما يعزز ثقافة التبعية التي ليست لها أية فاعلية أو تطلعات وإنما تنبع من رسوخ ثقافة العادات والتقاليد "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون"، وهي حالة مثالية في الخطاب والفكر تتمثل دائماً في الرجوع إلى الأصول والجمود والثبات وتسد كل المنافذ أمام الفكر والإبداع الذي يعتبر "بدعة" في أعراف وتقاليد وأنظمة العصبية القبلية!

لقد حورب الفكر النقدي وحورب الانفتاح وحوربت الفلسفة بلا هوادة، مقابل ذلك فرضت العصبية القبلية نفسها لخدمة سلطتها ونفوذها، وعززت مكانتها في مقابل القضاء على مؤسسات المجتمع المدني الذي احتلت دوره ومكانته المفترضة داخل المجتمع، وأحلت هويتها مكان الهوية الوطنية، وصادرت مفهوم الوطن لتشكّل بدلاً منه الوطن القبيلة الذي لا مجال لهوية مواطنة مشاركة في مجاله المدني!

إن الإصلاح في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في حاجة إلى ترجمته بلغة واقعية وملموسة بحيث يبدأ بتغيير وإصلاح أية ثقافة أثرت في شكل سلبي في تطور ونمو المجتمع السعودي بجميع فئاته وشرائحه الاجتماعية، وفي مقدمها ثقافة العصبية القبلية التي كانت أعرافها وتقاليدها وأنظمتها غير الإنسانية تعتبر من الأسباب الرئيسية للتخلف الواضح في ذهنية وعقلية بعض أبناء المجتمع على رغم هذا التقدم الحضاري العمراني والتطور في التربية والتعليم عن فترات سابقة له، والتي جاءت على رغم كل ما تبذله الحكومة السعودية من جهود أقل من الآمال والتطلعات التي لو بنيت أسسها فكرياً وثقافياً منذ البداية بالشكل الحضاري الصحيح لأصبح بناء الإنسان السعودي اليوم يمثل قدوة للآخر، وهو ما يستحقه بالفعل.

* أكاديمية سعودية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المراه السعودية
لجيــــن -

ما يجهله الكثيرون عن النساء السعوديات هو أن لهن تاريخاً مشرفاً يشهد على ما قدمته المتميزات منهن للمجتمع السعودي، وما أسهمن به في مجالات كانت متاحة لهن حتى قبل قيام الدولة السعودية الحديثة والمعاصرة.؟؟؟ يحتاج تعديل او مراجعه لان المراه على مااعتقد محرومة من تلقى التعليم في المدارس. فكيف هي تنجز وتبدع وقد حرمت من ابسط حقوقها هناك من يطالب الي الان بمكوث المراه في البيت لان خروجها فتنة حتى بذهابها الي المدرسة تعتبر فتنه وهناك من يطالب بتغطيت وجهها وكفيها وهناك من يطالب بقيادتها للسيارة لاحظي دور الرجل في حياة المراه والمراه في الاول والاخير هي من سمحت باهانتها لخضوعها للرجل حتى بعد ان تعلمت واصبحت اكثر نضجاَ وعرفت حقوقها وواجباتها

للكاتبة
خوليو -

ليست العادات القبلية هي التي تحد من تحرر المرأة بل هو الدين ،حيث جوهره مؤسس على اضطهاد المرأة،لأنه مكتوب من قبل ذكور القبيلة، ما قبل الاسلام كانت المرأة حرة وتعمل وتختار الرجل بنفسها، الاسلام حجزها وقيدها وغطاها وأعطاها دور خادمة في بيت زوجها ولتجميل خدمتها سماها راعية في بيت زوجها، القبيلة قبل الاسلام بريئة مما ذكرت ، ولكن القبيلة التي اعتنقت الاسلام تحولت لمُضطهدة للمرأة، ولا ننكر أنّ كل ما ذكرتيه صحيح، ولكنك أخطأت في تعريف السبب.

من رحم أنثى !
فواز -

أكثر من ذلك فالمرأة في عقلية القبيلة ما هي إلا كائن دنس، بل ينظر إليها بوصفها رجس من عمل الشيطان. اعتقد ان المرأة العربية لا زال أمامها سنوات ضوئية للإنفكاك من ربقة هذه العادات والتقاليد البالية، وهذا لن يتم إلا إذا تحركت المراة بشكل جدي وفاعل ومنظم للمطالبة بالنظر إليها نظرة تقدير وإحترام ومساواة بالرجل، لا بوصفها كيان مكمل لحياة الرجل. إننا في عالمنا العربي في أمس الحاجة اليوم لمشاركة المرأة في شتى ميادين العمل المعاصر، بل وتشجيعها لأخذ فرصتها إسوة بالرجل، وأني لأستغرب أشد الأستغراب هذا التجاهل الصارخ للمراة العربية من قبل الكثير من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، والأصرار على التعامل معها بقدر من الفوقية والرمزية الشديدة بوصفها كائن لا يرتقى إلى مستوى الإدراك الذكوري. فليت أمثال هؤلاء من الذكور يدركون ولو لحظة فقط أنهم قدموا إلى الدنيا من رحم أنثى !fmm123@hotmail.com

للكاتبة
خوليو -

ليست العادات القبلية هي التي تحد من تحرر المرأة بل هو الدين ،حيث جوهره مؤسس على اضطهاد المرأة،لأنه مكتوب من قبل ذكور القبيلة، ما قبل الاسلام كانت المرأة حرة وتعمل وتختار الرجل بنفسها، الاسلام حجزها وقيدها وغطاها وأعطاها دور خادمة في بيت زوجها ولتجميل خدمتها سماها راعية في بيت زوجها، القبيلة قبل الاسلام بريئة مما ذكرت ، ولكن القبيلة التي اعتنقت الاسلام تحولت لمُضطهدة للمرأة، ولا ننكر أنّ كل ما ذكرتيه صحيح، ولكنك أخطأت في تعريف السبب.

معلومة خاطئة
مواطن عربي -

الى السيد خوليوتصحيحاً للمعلومة التي ذكرتها, فأود تذكيرك بأن القرآن الكريم هو كلام الله (كلام منزّل) بينما الانجيل هو من تأليف أتباع السيد المسيح (أي أنه غير منزّل) وإنما بعض من قام بكتابته لم يرى السيد المسيح في حياته.

فتش عن الوهابية
هيفاء -

ليست العصبية القبلية بل هو التشدد الوهابي الذي استطاع ان يختزل المرأة في انها عورة وااسترسل في التفسير الشبقي لكل ماهو متعلق بها