جريدة الجرائد

عود الكبريت.. وحريق الغابة!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يوسف الكويليت

هناك حكمة تقول: "من شجرة واحدة تصنع مليون عود كبريت، ويمكن لعود كبريت واحد أن يحرق مليون شجرة" وهي الصورة الحقيقية للحرب والسلام اللذين اعتمدهما الإنسان ضرورة للبقاء والموت، ولعل ما يجري بين الكوريتين من تراشق، ثم إغراق سفينة لكوريا الجنوبية ودخول أمريكا خط النار باعتبارها الحليف الأهم للجنوبيين، صعّد الموقف، ولأن الحروب لا تقابل بالانفعال السريع، فالفارق يبقى متباعداً بين من يخطط ويراعي كل الاحتمالات، وآخر يلجأ للشعارات والتهديدات، وهو حال كوريا الشمالية التي خرجت عن منطق الدبلوماسية إلى استعمال الأسلحة النووية في حال هاجمتها أمريكا وكوريا الجنوبية..

الحرب مؤذية ومدمرة للكبار والصغار على حد سواء ، وفي حال اختلال الموازين لصالح دولة كبرى على من هي دونها في السلاح، فالحظوظ ليست دائماً مع الأقوى، وشواهد التاريخ كثيرة، غير أن نُذر المواجهة بين الخصوم تؤكد أن المناورة التي تجري في بحر اليابان هي استعداد لأي احتمالات قد تحدث، لكن التجاذب الحاد لم يحرّك ساكن الصين الحليف الأهم لكوريا الشمالية، وربما ترى في كل ما يجري مجرد ليّ أذرعة من كل الأطراف، في الوقت نفسه قد لا تسمح بأن تصل القضية إلى الحرب لدولة تحادها، وقد تؤخر جهودها للحظات الحرجة، أي عندما تضاء الأنوار الحمراء لتتدخل وتتوسط بين الفرقاء..

اليابان لا تقل خوفاً من كوريا الجنوبية وإن لم تعش نفس الخطر، إلا أن مشاركتها الرمزية ببعض الضباط كمراقبين، يعني أنها ليست بعيدة عن الواقع الجديد، أما أن تقوم حرب تستعمل فيها الأسلحة النووية، فذلك أمر بعيد حتى لو جاءت التصريحات نارية، مقابل أخرى هادئة..

إسرائيل دست أنفها في القضية معلنة أن كوريا الشمالية عدوة لها طالما تتعاون مع إيران وسورية بمدهما بالصواريخ والمشاريع النووية، لكنها لم تعلن أنها ستشارك في المناورة، أو أي حرب إذا وقعت، وهذا بدوره يعولم المشكلة، فلا أوروبا والصين وغيرهما، يرغبون بحرب في منطقة حساسة، ولا كوريا الشمالية لديها الرغبة في إطفاء الحرائق حولها، وهي الدولة الشيوعية التي لاتزال تعيش إرث المرحلة السوفياتية ولم تستوعب المتغير العالمي بما فيه الانقلاب الذي حدث في النهج الصيني وتبلور من خلال نمو اقتصادي أبهر كل العالم، كذلك فيتنام التي تركض لتكون نمراً آسيوياً، وبالتطابق مع الاتجاه الصيني..

الرحلة في آسيا ستطول، ومعها الاحتمالات الإيجابية والسلبية، فالقوتان الأكبر فيها الصين والهند تركضان اقتصادياً بتفوق، وتعززان ترسانتهما العسكرية، وأمريكا ترغب لأنْ تكون الهند قوة عظمى أمام الصين، وروسيا شبه حليف للصين في نفس الميدان والتطلع، وبين العمالقة تجري مناورات سياسية وعسكرية وخاصة داخل الكوريتين..

حالات الاستفزاز التي تجري من هذه الأطراف تشير إلى أن الحرب لن تقع، لكن عود الثقاب الذي يحرق مليون شجرة، قد يشتعل في هذه المنطقة الآسيوية..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف