جريدة الجرائد

محاكم مسيسة في معناها ومبناها

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فيصل جلول

باتت ldquo;محكمة الجنايات الدوليةrdquo; تنسب الى قاضي التحقيق الأرجنتيني لإصراره على شخصنتها وحصرها بالرئيس السوداني عمر البشير، فيقال ldquo;محكمة أوكامبوrdquo; ولا يشار الى صفتها الدولية . والمتابع لتطورات هذه المحكمة يلاحظ انها صارت أشبه بسيارة انزلقت الى وادٍ سحيق وفقدت كل وظائفها، ما خلا ldquo;الراديوrdquo; الذي يعمل من دون توقف . والدافع الى هذا التشبيه هو البيانات والتصريحات النارية التي يطلقها القاضي ldquo;أوكامبوrdquo; من أجل اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة الإبادة الجماعية في دارفور، من دون مجيب لا من الدول التي يزورها الرئيس السوداني ولا من الدول العظمى التي ما عادت قادرة على استخدام المحكمة وفقاً لمخطط انشائها . ومع ذلك يعاند أوكامبو ويدلي بتصريحات مدوية مع علمه التام بأنه لا يملك وسائل إقامة القضاء الذي يريد، وأن قادة البلدان التي يزورها البشير لا يعبأون بهذه المحكمة وبالتالي لا سبب يدعوهم لاعتقال الرئيس السوداني . وإذ يخفق هذا القاضي في مساعيه المرة تلو الأخرى نراه يحيل القضية إلى التاريخ، إذ يقول ldquo;سيعتقل البشير عاجلاً أم آجلاً وسيحاكم بتهمة الإبادة الجماعيةrdquo;، هكذا يبدو أن لا خيار أمام ldquo;أوكامبوrdquo; غير الانتظار إلى أجل غير مسمى، وهذا أمر في غاية السوء بالنسبة للدور الرادع الذي كان على محكمة الجنايات الدولية أن تلعبه في قضايا عدة .

في موقع آخر، لا تبدو ldquo;المحكمة الدوليةrdquo; الخاصة بقضية رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أفضل حالاً، فهي تعمل بطريقة تنعدم مصداقيتها لدى جمهور من الرأي العام اللبناني، ذلك لأن قاضيها الأسبق ديتليف ميليس اتهم سوريا اعتباطاً باغتيال الشهيد الحريري، وحاول تجميع شهود وتزوير اقوال لتبرير اتهامه . ومن ثم جاء القاضي الجديد دانييل بلمار ليصرف النظر عن السوريين وليتهم ldquo;حزب اللهrdquo; باغتيال الرئيس الحريري، وذلك وفقاً لتصريحات متكررة أدلى بها السيد حسن نصرالله، فضلاً عن مقالات نشرت في صحف عالمية وأقوال أدلى بها قادة كبار في الكيان الصهيوني . معروف أن هذه المحكمة اعتقلت في عهد ميليس أربعة من الضباط اللبنانيين الكبار لحوالي أربع سنوات، ثم أفرجت عنهم كأن شيئاً لم يكن، ونسب اليها أنها اعتمدت شهوداً مزورين، وأن مقربين منها أعدوا هؤلاء الشهود، ومعروف أن الجنرال جميل السيد أتهم قاضي المحكمة الأول ديتليف ميليس بتدبير مؤامرة عبر المحكمة لتوريط النظام السوري في قضية الحريري، وأنه عرض عليه في سجن المحكمة الدولية في رومية أن يشي بأسماء ضباط سوريين، بغض النظر عن رتبهم، كي ينقذ نفسه من المحاكمة، وإذ امتنع أبقي في السجن مع رفاقه الضباط الآخرين، ومعلوم أن المحكمة الدولية افرجت عن الضباط المذكورين بعد ثبوت احتجازهم زوراً وتعسفاً .

لا تختلف محكمة ldquo;اوكامبوrdquo; عن محكمة ldquo;ميليس وبلمارrdquo;، فالأولى تذرعت بالحرب الأهلية السودانية في دارفور للقضاء على النظام السوداني الذي لا يطيع الغرب، وزج مسؤوليه في السجن والانتصار للمتمردين على الحكومة المركزية، والمحكمة الثانية استخدمت قضية الحريري من أجل إسقاط النظام السوري المناهض للغرب وrdquo;إسرائيلrdquo;، وعندما فشلت تحاول اليوم الارتداد نحو المقاومة اللبنانية لتوريطها في دم الحريري، والتسبب في فتنة طائفية في لبنان . وفي الحالتين يبدو القضاء وسيلة للتدخل الغربي في عالمنا العربي، وسلاحاً لقمع أو لتخويف الزعماء العرب الذين يتجرأون على تحدي الدول العظمى أو ldquo;إسرائيلrdquo; .

بيد أن الرهان على القضاء الدولي لتأديب العرب والتدخل في شؤونهم وإخضاع المتمردين من بينهم على الإرادة الغربية والصهيونية، هذا الرهان كان ناجحاً في ذروة الهجوم الأمريكي والغربي على الشرق الأوسط، منذ انهيار الحرب الباردة، فقد ارتضى الزعيم الليبي معمر القذافي، أن يدفع مئات الملايين من الدولارات، كتعويضات لذوي ضحايا ldquo;لوكيربيrdquo; وكان على وشك أن يدفع تعويضات لضحايا الجيش الجمهوري الايرلندي بحجة ان ليبيا كانت تمول هذا الجيش . إلا أن انهيار حملة بوش على الشرق الأوسط أدى إلى صرف النظر عن التعويضات، وإلى تعثر عمل المحاكم الدولية، وبالتالي التخلي عنها وركنها على قارعة الطريق .

في هذه الأيام، تبدو محكمة ldquo;أوكامبوrdquo; كأنها تقول للعرب: يجب التخلي عن عمر البشير والموافقة على انفصال ldquo;دارفورrdquo; ومباركة انفصال جنوب السودان، في حين تقول محكمة بلمار لقسم كبير من اللبنانيين وللعرب الممانعين لابد من التخلي عن المقاومة اللبنانية والخضوع لما تطلبه ldquo;إسرائيلrdquo; والغرب، وفي الحالتين يتم التذرع بالقضاء الدولي بوجوب تحقيق العدالة لقسم من أهالي دارفور ولورثة الرئيس الراحل رفيق الحريري .

لا ldquo;قضاءrdquo; في هذا النوع من ldquo;المحاكمrdquo; الذرائعية التي لا تعبأ حتى بالنظر في تزوير الشهود وفبركة أقوالهم، بل ldquo;قدرrdquo; يراد له أن يضرب بقوة هذا أو ذاك من العرب الذين ما زالوا قادرين على رفع رؤوسهم . إنه ldquo;قدرrdquo; أريد له أن يواكب الحملة الأمريكية على الشرق الأوسط، وها هو يقف على قارعة الطريق، بعد أن تراجعت هذه الحملة وأخذ المعنيون بها يبحثون عن وسائل لسحبها من دون إهراق ماء الوجه . يبقى الوجه المضحك في هذا القضاء الذي ترفضه واشنطن لنفسها، لكنها تنصح السودان ولبنان باعتماده كأنها تقول إنه سيئ لي ولكنه جيد لكم .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نظريات ابو شحاطة
معاوية -

كانت أجهزة الراديو قديما (قبل إختراع الترانسيستور) كبيرة الحجم بداخلها لمبات يتعطل الجهاز عند تخلخلها، فيعمد البعض الى خبطه بيده فيعود الارسال. حدث ذلك في إحدى المقاهي العامة فقام أحدهم وخلع شحاطته (الشبشب) وضرب المذياع فعاد الارسال وصفق له الجميع واصبح لقبه خبير الصيانة، وتطور الوضع في العهد النصيري في سوريا ولبنان واصبح رجل الأمن هو الخبير في كل شئ بما فيها القضاء، فالعدالة الوحيدة في أروقة المحاكم هي قوة الوسيط المخابراتي ابو شحاطة الذي يخلط الاوراق محولا المجرم الى ضحية أو العكس، وأصبح المفهوم السائد للقضاء والعدالة ويبنى عليهما. ومعظم الانتقادات للمحاكم الدولية تبنى على اساس نظرية ابو شحاطة إما عن عمد أو جهل بالقضاء الدولي ونزاهته، وهذه أمور بديهية لا تحتاج الى ايضاح يمكن التحقق من صحتها.

نظريات ابو شحاطة
معاوية -

كانت أجهزة الراديو قديما (قبل إختراع الترانسيستور) كبيرة الحجم بداخلها لمبات يتعطل الجهاز عند تخلخلها، فيعمد البعض الى خبطه بيده فيعود الارسال. حدث ذلك في إحدى المقاهي العامة فقام أحدهم وخلع شحاطته (الشبشب) وضرب المذياع فعاد الارسال وصفق له الجميع واصبح لقبه خبير الصيانة، وتطور الوضع في العهد النصيري في سوريا ولبنان واصبح رجل الأمن هو الخبير في كل شئ بما فيها القضاء، فالعدالة الوحيدة في أروقة المحاكم هي قوة الوسيط المخابراتي ابو شحاطة الذي يخلط الاوراق محولا المجرم الى ضحية أو العكس، وأصبح المفهوم السائد للقضاء والعدالة ويبنى عليهما. ومعظم الانتقادات للمحاكم الدولية تبنى على اساس نظرية ابو شحاطة إما عن عمد أو جهل بالقضاء الدولي ونزاهته، وهذه أمور بديهية لا تحتاج الى ايضاح يمكن التحقق من صحتها.

مع الشكر
عادل -

أشكرك يامعاوية على هــذا الرد اللاذع على الكاتب وعلى من نصب نفسه خبيراً ومستشاراً وعليماً بالقضاء الدولي، وكأن المحكمة الدولية أصبحت تنشر تقاريرها علناً وفي الصحافة الصفراء.

نظريات ابو شحاطة
معاوية -

كانت أجهزة الراديو قديما (قبل إختراع الترانسيستور) كبيرة الحجم بداخلها لمبات يتعطل الجهاز عند تخلخلها، فيعمد البعض الى خبطه بيده فيعود الارسال. حدث ذلك في إحدى المقاهي العامة فقام أحدهم وخلع شحاطته (الشبشب) وضرب المذياع فعاد الارسال وصفق له الجميع واصبح لقبه خبير الصيانة، وتطور الوضع في العهد النصيري في سوريا ولبنان واصبح رجل الأمن هو الخبير في كل شئ بما فيها القضاء، فالعدالة الوحيدة في أروقة المحاكم هي قوة الوسيط المخابراتي ابو شحاطة الذي يخلط الاوراق محولا المجرم الى ضحية أو العكس، وأصبح المفهوم السائد للقضاء والعدالة ويبنى عليهما. ومعظم الانتقادات للمحاكم الدولية تبنى على اساس نظرية ابو شحاطة إما عن عمد أو جهل بالقضاء الدولي ونزاهته، وهذه أمور بديهية لا تحتاج الى ايضاح يمكن التحقق من صحتها.

محكمة معاوية
علي -

مخالف لشروط النشر

جرائم الحرب
عثمان طه -

مقالك عتذاري دفاعا عن مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الانسان

محكمة معاوية
علي -

مخالف لشروط النشر

مع الشكر
عادل -

أشكرك يامعاوية على هــذا الرد اللاذع على الكاتب وعلى من نصب نفسه خبيراً ومستشاراً وعليماً بالقضاء الدولي، وكأن المحكمة الدولية أصبحت تنشر تقاريرها علناً وفي الصحافة الصفراء.

مع الشكر
عادل -

أشكرك يامعاوية على هــذا الرد اللاذع على الكاتب وعلى من نصب نفسه خبيراً ومستشاراً وعليماً بالقضاء الدولي، وكأن المحكمة الدولية أصبحت تنشر تقاريرها علناً وفي الصحافة الصفراء.

محكمة معاوية
علي -

مخالف لشروط النشر

جرائم الحرب
عثمان طه -

مقالك عتذاري دفاعا عن مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الانسان

جرائم الحرب
عثمان طه -

مقالك عتذاري دفاعا عن مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الانسان