ولايات أفغانستان ستصبح دولاً واقعية !
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سركيس نعوم
عن اليمن الذي سمعت البعض في واشنطن يقول ان دولته تختفي، تحدّث الباحث الاميركي البارز والمهم نفسه في احد مراكز الأبحاث الاميركية (نيويورك) الأكثر عراقة، قال: "تشكّل دولة اليمن التحدّي الأبرز والخطر الاكبر على السعودية. معدّل الولادة فيها مرتفع كثيراً كما هو في السعودية. العمالة اليمنية في السعودية كبيرة جداً، واليمنيون محترفون. اليمن تفتقر الى المياه ولا توجد فيها موارد مائية. وهي تحتاج الى عسكرها والى المال السعودي والى السلاح الاميركي كي تستمر وتالياً كي لا تشكّل تحدّياً حقيقياً للسعودية".
ماذا عن افغانستان؟ سألتُ. أجاب: "مع الوقت قد تنجح قواتنا (الاميركية) في اخراج "طالبان" الى ضواحي المدن الكبرى. لكن حركة "طالبان" ستبقى قوية. سنجمِّع قواتنا وننسحب من افغانستان في مرحلة معينة، وستصبح الولايات او المحافظات الافغانية دولاً واقعية. اي ستعيش في ظل نوع من الفيديرالية غير المعلنة. وكل ولاية او محافظة ستكون مدعومة من قوة اقليمية او من قوة دولية".
ماذا عن باكستان؟ سألتُ. أجاب: "ستكون باكستان كابوس المنطقة وايران خلال السنوات 2010 و2011 و2012. العنف فيها سيستمر من دون ان يصل الى مستوى الحرب الاهلية. وتردّي وضعها الاقتصادي سيستمر وسيتضاءل ربما الى درجة انعدام تقديم الخدمات فيها حتى الاساسية منها. ستصبح باكستان غير قابلة للحكم اي لأن تُحكم. ربما يتحكّم بها مستقبلاً ديكتاتور عسكري مثل الجنرال ضياء الحق الذي قضى بعد سنوات طويلة من الاستيلاء على السلطة في حادث تحطم طائرة، وهو كان اسلامياً. لكنه كان يحب اميركا لأنها ساعدته في تسليح الجيش الباكستاني وفي تمويل مشاريعه وحكوماته. لكن هذا الديكتاتور الجديد لن يكون مثل ضياء الحق، وذلك يعني تحديداً إنه يكره اميركا. ستتضايق ايران في افغانستان من دون اميركا وباكستان. ذلك ان حرباً شبه اهلية قد تندلع فيها. وفي العراق قد تعود الحرب الاهلية من جديد. ومبعث الضيق هو خشية ايران من ان تستعمل اميركا الوضع هذا ضدها".
سألتُ: هل ترى حرباً اميركية على ايران؟ اجاب: "لا أراها الآن، وهي قد تكون بعيدة جدا". هل ترى ضربة عسكرية اسرائيلية لايران؟ سألتُ. اجاب: "لا اراها". علّقتُ: أنا ارى احتمالاً كبيراً لحرب اهلية وتحديداً سنّية - شيعية في المنطقة، لكن حصولها يفترض ان يبدأ من العراق وتنتشر في محيطها العربي وغير العربي. ردّ: "انا ارى الحرب المذهبية عائدة الى العراق. لكنها ستبقى محصورة فيه، اي لن تنتشر في المنطقة، وستكون مدعومة من السعودية. إذ ربما يتوصل السنّة العراقيون بواسطتها والخليجيون عموماً الى صفقة (Deal) جديدة يكون لهم فيها مصلحة اكبر. وربما لا يحققون ذلك".
ثم دار حديث مع الباحث الاميركي البارز والمهم نفسه عن المرأة المسلمة وحقوقها وعن التفسير في الدين الاسلامي وعن الاجتهاد الذي يختلف عند الشيعة عنه عند السنّة، قال على اثره: "أنا ذهبت الى العراق، وشاهدت المرأة العراقية تعمل، لكن هناك مشكلات تعانيها نساء ايران". علّقتُ: "قد تكون المرأة الايرانية تعاني مشكلات. لا أحد يستطيع ان ينفي ذلك. لكن مشكلات نساء ايران لها علاقة بالحريات السياسية والاجتماعية وليس بالعمل والحق في القيام بأمور عدة مثل قيادة السيارة. في السعودية يُقال ان لا حقوق للمرأة إطلاقاً او انها قليلة جداً. هل ترى مصالحة ما او التقاء مصالح ما بين ايران واميركا؟ سألتُ. أجاب: "مشكلة ايران مع اميركا التي مدت اليها يد الحوار بعد وصول اوباما الى البيت الابيض ان شرعية نظامها الاسلامي الحاكم قامت على العداء لاميركا وعلى وجوب محاربتها باعتبارها الشيطان الاكبر. اي تخلٍ عن هذا المبدأ يعرّض النظام للخطر، وما يهم اركان النظام والمستفيدين منه وانصاره هو استمراره اكثر من اي شيء آخر. طبعاً هناك مؤسسات اميركية بحثية مهمة تدعو على قلّتها حتى الآن الى مصالحة اميركية - ايرانية بسبب التقاء المصالح الاستراتيجية بين طهران وواشنطن. لكن النظام الحالي في ايران لا يفكر في هذا الأمر الآن او لا يستطيع الخروج من موقعه".
ماذا في جعبة باحث اميركي يهودي كبير معروف بنشاطه الداعي الى حل المشكلة الفلسطينية - الاسرائيلية على نحو عادل ومنتقد شديد لسياسات اسرائيل وخصوصاً بعد سيطرة اليمين بكل اشكاله عليها بقيادة تكتل "ليكود" وزعيمه بنيامين نتنياهو؟
سألته بداية اذا كان نتنياهو اليوم افضل من نتنياهو 1996، واذا كان صار رجل دولة كما يعتقد البعض من اصدقائه في واشنطن اجاب: "انا لا اعتقد ذلك على الإطلاق. بعد وصوله الى رئاسة الحكومة عام 1996 كنت مجتمعاً مع الرئيس المصري حسني مبارك. قال لي: ان نتنياهو رجل عملي وبراغماتي، ويمكن التعامل معه والتوصل الى نتائج فعلية. أجبته: انه ليس كما تقول يا سيادة الرئيس، وستتحسرون او بالأحرى ستندمون اذا بقيتم على هذا الاعتقاد. عندما صار نتنياهو مرة ثانية رئيساً للحكومة (الحالية) زار الرئيس مبارك واشنطن وكان اول من استقبلهم باراك اوباما بعد تسلّمه الرئاسة. التقيته بعد ذلك مع عدد من الشخصيات الاميركية فقال لنا الكلام نفسه الذي قاله لنا عن نتنياهو عام 1996 والذي اشاد ببراغماتيته. علّقت: انه ليس براغماتياً ولا يمكن التوصل معه الى نتائج، وأنا اذكّرك بما قلته لك عام 1996 او بعده عن هذا الرجل. وتذكّر مبارك ذلك الحديث. انا قطعت صلتي بهذا الرجل. لا أمل منه وفيه. عندما تنتهي مرحلة تجميد الاستيطان التي حددها بعشرة اشهر في اواخر ايلول المقبل سيعود بناء المستوطنات وعلى نطاق واسع. ولن يوقف ذلك احد. عندما اعلن في "بار ايلان" على ما اعتقد التزامه حل الدولتين فلسطين واسرائيل قامت قيامة فريقه اي اليمين الاسرائيلي عليه داخل حزبه وخارجه، فعقد اجتماعاً داخلياً اذا جازت تسميته كذلك قال فيه للمشاركين: "انا مع الدولتين، لكن شروط قيام الدولة الفلسطينية سأضعها بطريقة تجعل الفلسطينيين يرفضونها بل يرفضون الدولة من اساسها. وايهود باراك زعيم العمل ووزير الدفاع اسوأ من نتنياهو ومن اليمين. انه يسير نحو اليمين".
ماذا عن مجموعة الشخصيات الاميركية العامة سابقاً التي عملت معها اثناء حملة اوباما الرئاسية وبعد نجاحها لإقناعه بضرورة حل أزمة المنطقة وتحديداً الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي؟