إلاّ تركيا!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خليل علي حيدر
امتلأت مقالات الاسلاميين في الصحافة الكويتية وصحف العالم العربي بعبارات الثناء والاعجاب والاشادة تجاه تركيا وقيادتها الاسلامية وتجربة "حزب العدالة والتنمية" فيها.
غير أن هذا الاعجاب والثناء مكرس في الغالب لسياسة تركيا الخارجية، وبخاصة تجاه العالم العربي، وبالذات فيما يخص القضية الفلسطينية وحصار غزة. ولم نطالع حتى الآن مقالات اسلامية تنظيرية تحاول نقل التجربة التركية وحزب العدالة، الى جماعات "الاخوان المسلمين" او "التيار السلفي"، المعتدل والتكفيري منه، أو "حزب التحرير" الذي اشتهر منذ تأسيسه قبل ستين سنة بالدعوة الى اقامة الخلافة الاسلامية، او أية احزاب شيعية او سنية اخرى.
اتساع شعبية حزب العدالة مثلاً، لم يصل إليه الاسلاميون الاتراك بالمزيد من التعصب الحزبي والانغلاق على الذات والجماعة والتمسك بالأفكار القديمة، كما هو الحال مع جماعات الاخوان في مصر والاردن وفلسطين وسوريا وغيرها. بل كان هذا النمو في الشارع التركي ثمرة لمرونة سياسية وتنازلات حزبية، لا يقبل الاخوان في دول عربية كثيرة بتقديمها. في مصر والاردن على الاقل!
السلفيون كذلك معجبون بتحرك الاتراك وزحف الاسلاميين على "حصون اتاتورك" وعودة "العثمانيين الجدد" الى الساحة وغير ذلك، ولكنهم لا يتعمقون في فكر الاسلاميين الاتراك وعلاقتهم الوثيقة بالتيار الصوفي مثلاً وقبول المزارات والقبور.. والعلمانية!
أما "حزب التحرير"، الذي يصف الدنيا كلها بالكفر والاسلام، ولا يرى في الغرب سوى المؤامرات والمخططات، فهو يعلم ان تركيا عضو في حلف الناتو، وان المحور الأساسي في سياسة تركيا الاستراتيجية هو الالتحاق بالاتحاد الاوروبي.
القيادة التركية تدرك جيداً ان علاقاتها مع العالم العربي والتلويح بالورقة الاسلامية وتحريك القضية الفلسطينية امور مفيدة على المدى القريب، ولكن هموم تركيا السياسية والاقتصادية والعسكرية لا يمكن ازالتها بتوسيع وتعميق العلاقة مع العالمين العربي والاسلامي. فهذه البلدان، مثل تياراتها الاسلامية، لديها الكثير لتكسبه من التحرك التركي في الشرق الاوسط، والقليل لتروي به غليل انقرة.
ورغم هذا فالاعجاب الاسلامي بالتجربة التركية سيكون مفيداً جداً للجماعات الاسلامية العربية. هذه الجماعات التي لم تفعل حتى الآن شيئاً يذكر في مجال "عصرنة" فكرها السياسي وادخال التسامح والتفاهم والمرونة في تعاملها العقائدي مع الآخر، ونبذ العنف في العمل السياسي مبدئياً. فالاخوان والسلف ينبذان العنف في الكويت والسعودية والبحرين ومصر ولكنهما لا يقفان ضده بوضوح في العالم الاسلامي بل وحتى العربي.
الاسلاميون الاتراك يبدون مرونة وتسامحاً اجتماعياً ازاء الحريات وحقوق المرأة والتعددية ولا ينددون باليهود والنصارى في كل مناسبة ولا يرفع محاموهم قضايا الحسبة ضد خصومهم كل يوم كما في مصر ولا يدمن رجال الدين فيها اطلاق الفتاوى، بل ولا يكاد احد من قادتهم يطلق لحيته او يقصر بنطاله او يبرز المسواك.
من اكبر التحديات القادمة للزعامة الاسلامية في تركيا بروز مجتمع اسلامي متقدم على المسرح العربي والدولي، فهي ظاهرة مهمة جداً وذات تأثير لا جدال فيه، والكثير من قضايا الحرية السياسية والاجتماعية لدى الاسلاميين بحاجة ماسة الى مختبر مثل تركيا. من بين هذه القضايا كما قلنا سابقاً، حرية العقيدة، وحرية اختيار الدين، وحرية الكتابة والنشر في الامور الدينية والقضايا الاسلامية التي تتسبب اليوم في اعتقال الكاتب وتفريقه عن زوجته وطرده من الجامعة واستتابته.. ثم اعدامه.
هل ستعطي تركيا الاسلامية حرية الدعوة والتجمع لبقية الاديان اسوة ببقية دول الاتحاد الاوروبي؟ ان تركيا تريد ان تدخل مجال القيم الاوروبية الليبرالية، ولهذا كما لا يخفى ثمن.
لننتظر إذن ونراقب كيف سيتعامل اسلاميو تركيا مع هذا "الملف"!
التعليقات
ذاکرة العرب
رونق الصافي -عجیب أمر العرب ، فهم یتخمون بحبة واحدة ، الکل یعرف بأن حزب العدالة یعمل ما في صالحە ولیس من أجل عیون العرب أو المسلمین.ترکیا لا تزال دولة شوفینیة وأن تعددت أسماء الأحزاب وأتجاهاتهم ، ویعرف أوردوغان أن یعزف علی وتر العرب ویلعب بعواطفهم ویعلم أیضا بأن الذاکرة التأریخیة عند العرب ضعیفة وقد نسوا ظلم العثمانیین وتنکروا لنضالهم بمجرد أن هیج فیهم قضیة الأسلام (عاطفیا).ومتی کانت ترکیا دولة للتسامح وحریة الرأي یا أستاذ فها هو الکاتب یحکم من أجل کلمة حق کتبها لصالح القومیات في ترکیا من شرکس وکورد وعرب وأرمن وغیرهم .متی کانت دولة ترکیا دولة العدالة وهي لحد الآن لا تنطق بوجود أیة قومیة في ترکیا.