عن مصرع معتقلي جوانتانامو الثلاثة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بشرى فيصل السباعي
سررت كثيرا بخبر قيام فريق محامين عرب برفع دعوى قضائية في أمريكا لكشف ملابسات مصرع ثلاثة معتقلين في جوانتانامو "سعوديان ويمني" وقيام والد أحدهم السعودي "ياسر الزهراني" بإرسال رسالة مسجلة للمحكمة "فمن أمن الحساب أساء الأدب". وتعود قضية المعتقلين الثلاثة لـ 10يونيو 2006 عندما أعلنت سلطات جوانتانامو أنهم قاموا بشكل متزامن رغم وجودهم في أقفاص متباعدة بالانتحار بالحيثيات التالية: لتضليل الحرس الذين يمرون كل ثلاث دقائق ويتأكدون من نوم المعتقلين في أماكنهم ومع وجود كاميرات مراقبة قام كل منهم بصنع دمية من القماش ووضعها مكانه وغطى مجال المراقبة بغطاء وقام بابتلاع كتل من القماش خنقت جوفه وكمم وجهه بكمامة وربط يديه وقدميه وقفز على المغسلة التي في قفصه وعلق أنشوطة من القماش بحافة شبك قفصه وشنق نفسه بها وهذا كله والمعتقل يداه مربوطتان! وحسب تقرير التشريح الرسمي كانت هناك كدمات وجروح وكسور على أجسادهم، وعند إعادة جثثهم كان قد تم استئصال أجزاء العنق التي تثبت أو تنفي زعم السلطات أن الثلاثة شنقوا أنفسهم، علما أنه لا يتوفر للمعتقل هذا القدر من القماش، ولاحقا تقدم فريق حراسة المعسكر الذي كان يوجد فيه المعتقلون بالشهادة لمجلة "هاربرز" الأمريكية بأنهم ليلة مصرع المعتقلين رأوهم يتم أخذهم أحياء الواحد تلو الآخر بعربة إلى موقع سري داخل المعتقل يسميه الحرس (camp no - المعسكر لا) لأن لديهم تعليمات بالإجابة بـ "لا" على من يسألهم إن كان موجودا، ولاحقا رأى الحرس العربة تنزل جثث المعتقلين في المركز الصحي، وهناك شاهد على مصرع المعتقلين كان معهم وتعرض لما تعرضوا له من عنف وخنق لكنه لم يمت وهو "شاكر عامر" (43 سنة) سعودي مقيم في بريطانيا وعمل فيها مع مكتب محاماة وعمل لصالح مؤسسة الحرمين، ويبدو أن جلسة التعذيب القاتلة هدفت لكسر شوكة الإضراب الجماعي عن الطعام الذي برز فيه المعتقلون الأربعة، وحسب محاميه والمعتقلين البريطانيين المفرج عنهم فما شهده هو سبب عدم إطلاقه، فصديقه البريطاني معظم بيك الذي عمل معه على ذات المشاريع الإغاثية وعاشا في ذات البيت أطلق سراحه منذ سنوات، وشاكر يحظى بشهرة إيجابية واسعة في الإعلام الغربي وحظي باحترام المعتقلين ومسؤولي المعتقل حتى أن آمر المعتقل الكولونيل مايكل بومجارنجر صرح بأنه كان معجبا به، وحسب مقال مطول "للنيويورك تايمز 17سبتمبر 2006" تناول شخصية ودور شاكر القيادي في المعتقل ولقبه بقائد وبطل جوانتانامو، فإدارة المعتقل اعتمدت عليه في التوصل لتفاهم لتهدئة التمرد الاحتجاجي للمعتقلين، ومسؤولو المعتقل يعتقدون أنه لا علاقة لشاكر بالإرهاب، والحرس يلقبونه بالبروفيسور لرقي لغته الإنجليزية وشخصيته الكازماتية، وقد وصف الكولونيل بومجارنجر موقف عودة شاكر للمعسكر بعد خوضه المفاوضات معه كمتحدث باسم المعتقلين وكان الكولونيل مرافقا لشاكر أثناء إعادته من الوحدة الصحية التي أخذ إليها بسبب طول إضرابه عن الطعام وما إن دخلوا للمعسكر حتى استقبل المعتقلون شاكر استقبال الأبطال وحيوه وهم يبكون من التأثر وقد استطاع أن يحصل لهم بتضحياته وبقدراته الكارزماتية بعض الحقوق، وتأثر الكولونيل بالموقف وقال: "لم أر قط في حياتي رجالا ذوي لحى أشداء يبكون لمجرد رؤية رجل" وقال إنه شعر أنه برفقة نجم. لكن بعيد إعلان مصرع المعتقلين الثلاثة زعموا أن شاكر هو العقل المدبر لما زعموا أنها كانت عملية انتحار منسقة لتحريك الرأي العام ضد جوانتانامو، وبهذا برروا حجزه في العزل الانفرادي لسنوات أطول من أي معتقل آخر. وأخيرا ونقلا عن الكولونيل لورانس ويلكرسون كبير طاقم وزير الخارجية في عهد بوش، فالرئيس وأعضاء حكومته عرفوا منذ البداية أن غالبية المعتقلين أبرياء لكنهم رفضوا الإفراج عنهم لأنهم كانوا يحتاجون لكتلة بشرية كبيرة من المعتقلين لاستعمالهم كأداة دعائية تعطي وهم كبر عدد الإرهابيين عالميا لتبرير غزو الدول باسم "الحرب على الإرهاب".