حكم الشعوب للشعب!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
زياد بن عبدالله الدريس
(استقبل فخامة الرئيس اللبناني ميشال سليمان صباح اليوم بقصر الرئاسة في بعبدا فخامة الرئيس سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية. وبعد عزف السلام الوطني للبلدين "الشقيقين" واستعراض حرس الشرف، استهل الرئيس اللبناني مع الرئيس اللبناني ضيف البلاد الكبير، مباحثاتهما حول القضايا الثنائية بين البلدين "بيروت الشرقية وبيروت الغربية"، وسبل تعزيز أواصر العلاقات الديبلوماسية وتفعيل التبادلات التجارية والاتفاقيات الثنائية في كل ما من شأنه توثيق أواصر الصداقة بين الشعبين الصديقين اللبناني واللبناني. وكان الرئيس سعد الحريري قد التقى في وقت سابق من يوم أمس بمقر الحكومة اللبنانية دولة الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني، وبعد عزف السلام الوطني للبلدين واستعراض حرس الشرف، بدأ الرئيسان مباحثاتهما حول القضايا الثنائية بين البلدين "لبنان الشمالي ولبنان الجنوبي"، وسبل تعزيز أواصر العلاقات الدينية والتجارية، وتفعيل كل ما من شأنه الرفع من مستوى الثقة وتبادل الدعم بين الشعبين الشقيقين اللبناني واللبناني في القضايا المشتركة.)!!
* * *
قد يبدو المقطع الإخباري أعلاه من نسج الخيال، هذا صحيح... لكن إلى حد ما. إذ أصبح مألوفاً لدى مدمني الأخبار الاستماع إلى هذه "الحشوة" الإخبارية كل يوم من القنوات التلفزيونية الحكومية، مع تعديلات في أسماء الدول والزعماء فقط. هذا أمر طبيعي وممل...
لكن الأمر غير الطبيعي، والممل أيضاً، هو مشاهدة أخبار الاستقبالات التبادلية بين "رؤساء لبنان"، إذ تتم في إطار بروتوكولي يجعلك تظن للوهلة الأولى أن الخبر سيسير وفق السيناريو الافتراضي أعلاه.
ظللنا لسنوات، عند الحديث عن التجارب الديموقراطية في العالم العربي لا يأتي سوى ذكر تجربتين فقط: الكويت ولبنان.
لكن يبدو أن الاتكاء الفائض على مديح هاتين التجربتين قد قادهما إلى الأكل من طبق الديموقراطية بشراهة، حتى أصابتهما التخمة. وقد تجلت أعراض التخمة الديموقراطية الكويتية "قبلياً"، فيما ظهرت أعراض التخمة اللبنانية "طائفياً"!
وظللنا لسنوات أيضاً، نقرأ أن الديموقراطية هي حكم الشعب للشعب، لكننا لم نتخيل أن تسارع المسيرة الديموقراطية اللبنانية سيقودها في ألّا تكتفي برئيس واحد ينتخبه الشعب، لأن الرئيس "الواحد" قد يتحول أحياناً إلى رئيس "أوحد" هو الذي ينتخب الشعب، لا الشعب هو الذي ينتخبه، كما هو مشاهد في الجمهوريات العربية الأخرى "جمهوريات الفوز"!
وهرباً من فخ الرئيس الأوحد تمكن لبنان من تطوير صيغة ديموقراطية تجعل رئاسة البلد في يد ثلاثة أو أربعة أو خمسة رؤساء هم الذين يحكمون، بحيث أصبح كل رئيس لبناني يمثل فئة لبنانية أشبه ما تكون بشعب مستقل، وعندها أصبح لدينا، من جراء التجربة اللبنانية (المطورة)، تعريف جديد للديموقراطية بديلاً عن (حكم الشعب للشعب) هو (حكم الشعوب للشعب)، فالشعوب اللبنانية المنتفعة هي التي تحكم الشعب اللبناني "المواطن"!
* * *
قال دريد لحام في مسرحيته كاسك يا وطن: (اليمن صار يمنين، ولبنان أربعة، والخير لقدام).
هل ما زال لبنان أربعة فقط؟!