الاشتباك الحدودي... هل يعيد التوتر إلى لبنان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جانين زكريا - القدس
أدى تبادل إطلاق النار بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني أول من أمس الثلاثاء، إلى تقويض حالة الهدوء النسبي التي عرفتها الحدود اللبنانية- الإسرائيلية منذ الحرب الأخيرة التي خاضتها الدولة العبرية قبل أربع سنوات ضد "حزب الله"، والتي دامت شهراً كاملاً، وأسفرت عن مقتل المئات وتشريد الآلاف. وفي المواجهة الأخيرة التي تعد الأخطر منذ حرب 2006 قُتل جنديان لبنانيان وصحفي يعمل في إحدى الصحف اللبنانية، فيما سقط على الجانب الإسرائيلي ضابط برتبة مقدم وأصيب قائد الكتيبة الإسرائيلية بجروح بليغة.
وقد أثار الصدام الدامي شبح اندلاع نزاع آخر على الحدود الإسرائيلية في وقت تواجه فيه حدود إسرائيل الجنوبية تزايداً في عدد الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة الواقعة تحت سيطرة "حماس".
ما جرى على حدود البلدين يكتنفه بعض الغموض، ففيما قال الجيش الإسرائيلي إنه كان يدافع عن نفسه ضد القوات اللبنانية التي أطلقت النار على الجنود اليهود أثناء قيامهم بأعمال روتينية لنزع الأشجار على جانبهم من الحدود، نقلت وسائل الإعلام اللبنانية في المقابل ما صرح به الجيش اللبناني من أن جنوده أطلقوا نيراناً تحذيرية عندما كانت إحدى الدوريات الإسرائيلية تحاول قطع شجرة على الحدود فرد الجنود الإسرائيليون بفتح النار. وأكدت قوات حفظ السلام الأممية المنتشرة في الجنوب اللبناني أنها ستحقق في الظروف والملابسات التي قادت إلى وقوع الحادث، كما حث الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تصريح له الأطراف "بممارسة أقصى درجات ضبط النفس" للحفاظ على الهدوء في المنطقة.
غير أن مسؤولا أميركياً طلب عدم الإفصاح عن هويته- لحساسية الموضوع- قال: يبدو بأن "القوات اللبنانية بادرت بإطلاق النار"، مضيفاً "لقد أجرينا اتصالاتنا مع جميع الأطراف المعنية، واستناداً إلى ما نعرفه إلى غاية الساعة، يبدو أن التصعيد بدأ على الجانب اللبناني من الحدود، وهو ما يثير قلقاً بالغاً".
وكان التوتر قد زاد بين إسرائيل ولبنان قبل الحادث بعد الاتهامات التي تبادلها الطرفان حول خرق بنود اتفاقية وقف إطلاق النار التي رعتها الأمم المتحدة وأنهت حرب العام 2006، حيث راقبت إسرائيل عن كثب بناء "حزب الله"، الذي أمطر البلدات الإسرائيلية بصواريخ الكاتيوشا في حرب 2006 لقواته المسلحة من خلال تزوده بعشرات الآلاف من الصواريخ المختلفة، هذه الجهود التي يبذلها "حزب الله" لبناء قوته دفعت إسرائيل إلى التقدم بشكوى لدى الأمم المتحدة وقواتها لحفظ السلام في المنطقة، التي ارتفع عديدها بعد حرب 2006، مطالبة بوقف تدفق المعدات العسكرية التي ما فتئت تصل إلى "حزب الله"، وتضيف إسرائيل أن الصواريخ الإيرانية التي يتزود بها الحزب تصل إلى لبنان عبر الحدود السورية، لكن لبنان من جهته اشتكى دائماً من الخروقات الإسرائيلية لمجاله الجوي، معتبراً أنها محاولات متكررة من إسرائيل لإدامة التوتر في المنطقة.
هذا التوتر على الحدود الإسرائيلية- اللبنانية دفع بعض الخبراء إلى توقع حرب جديدة في المنطقة، ومن بين هؤلاء، "دانيال كورتز"، السفير الأميركي السابق لدى كل من إسرائيل ومصر، والمحلل بمجلس "العلاقات الخارجية" الأميركي الذي قال إنه "بالرغم من الهدوء الذي يسود المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان مقارنة بالعقود السابقة، فإن احتمالات اندلاع حرب بين الطرفين خلال الإثني عشر شهراً إلى الثمانية عشر شهراً المقبلة ما فتئت تتصاعد". وفي أعقاب الحادث الحدودي، صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بيان يقول إن "إسرائيل سترد في المستقبل" على أية محاولات لزعزعة الاستقرار على حدودها الشمالية.
وقد سبق هذا التحذير تهديد آخر أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي، في الشهر الماضي من أن بلاده ستحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية أي استفزاز يقوم به "حزب الله"؛ وفي المقابل أدان رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، الانتهاك الإسرائيلي للسيادة اللبنانية، مطالباً "المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها".
وفي تعليق لها على الحادث قالت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، "أفيتال ليبوفيتش"، إن الصدام اندلع عندما كان "جنود إسرائيليون يزيحون النباتات لأسباب متعلقة بالعملية التي يقومون بها" في منطقة توجد داخل الحدود الإسرائيلية الواقعة بين السياج الأمني الإسرائيلي الذي يصل إلى حدود الدولة العبرية وبين الحدود المعترف بها دولياً بين إسرائيل ولبنان، وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه أطلع قوات حفظ السلام الأممية مسبقاً بعملية إزاحة الأشجار التي سيقوم بها، وعندما بدأ الجنود الإسرائيليون عملهم -حسب تعليقات المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي- صرخ الجنود اللبنانيون في وجوههم مطالبين إياهم بمغادرة المكان فيما رد الإسرائيليون بأنهم يعملون داخل الحدود الإسرائيلية، مضيفة أنه في ذلك الوقت فتح الجنود اللبنانيون النار على نظرائهم الإسرائيليين فردت الكتيبة الإسرائيلية بإطلاق قذائف المدفعية.
وكانت حرب 2006 قد اندلعت بعدما قام "حزب الله" بعملية على الحدود الإسرائيلية استهدفت دورية عسكرية فردت إسرائيل بقصف منشآت البنية التحتية في لبنان، وعلى مدى 34 يوماً تعرضت البلدات الإسرائيلية لصواريخ الحزب، وفي محاولة لتفسيرهم الحادث اعتبر بعض المحللين الإسرائيليين أن الصدام الحدودي الأخير يندرج في إطار المساعي التي يقوم بها "حزب الله" لدعم موقفه قبل صدور قرار المحكمة التي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، والذي من المتوقع أن يوجه تهماً للحزب، وهو ما عبر عنه نائب وزير الدفاع السابق، "إفرايم سنيه"، قائلا "على حزب الله أن يُثبت الحاجة إليه للدفاع عن الجنوب، لذا يلجأ إلى الاستفزاز كي يبرهن ضرورة تواجده".
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
"واشنطن بوست"