اتفاق بيروت واستكمال اتفاق الدوحة

عدنان السيد حسين

صحيح أن تفاصيل الواقع اللبناني طغت على القمة الثلاثية، اللبنانية السورية السعودية، بيد ان العمل العربي المشترك كان حاضراً ومؤثراً.
بيروت استعادت بعضاً من دورها، وتستعد لمتابعة تعزيز هذا الدور بعيداً من التفاصيل اللبنانية الداخلية، والنزاعات العربية - العربية التي أثقلت العمل العربي وبدّدت قدراته. ويمكن القول أن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان استطاع تجميع الصف العربي حول لبنان وقضاياه، هذا فضلاً عن نجاحه في طرح القضايا العربية الأساسية في غير محفل دولي.
وفوق ذلك، جاءت زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لتعطي بعداً إضافياً للقمة الثلاثية، ولتؤكد التواصل مع اتفاق الدوحة الذي أفضى منذ أكثر من سنتين إلى إعادة الإستقرار للبنان، وتكوين سلطته السياسية من جديد بعيداً من الإنقسامات الحادة. وكيف لا يهتم اللبنانيون بالدور القطري بعدما تمكنت الدوحة من مساعدة لبنان في إعادة الإعمار، ومعالجة الآثار السلبية لحرب تموز 2006؟
من أهم الخلاصات للقمة الثلاثية، ولزيارة أمير قطر، تأكيد التضامن العربي حول لبنان ومن أجله، نظراً لما يمثّل في المنطقة استراتيجياً.
لبنان معنيّ بالقضايا العربية من العراق الى فلسطين الى وادي النيل والقرن الأفريقي... هناك ترابط أمني وسياسي بين بلاد العرب أكدته الأحداث الماضية والحاضرة. ووجود لبنان، كياناً ودولة، مرتبط بالإرادة العربية فضلاً عن إرادة اللبنانيين. هكذا كانت الحال منذ نشأة الكيان اللبناني.
لا يحتمل اللبنانيون أية انتكاسة داخلية، في الوقت الذي تمعن إسرائيل في عدوانها وخرقها اليومي للقرار الدولي، 1701، وتهددنا بالدمار الشامل. وكيف إذا كانت تداعيات المنطقة، بدءاً من الملفات العراقية والفلسطينية ضاغطة على جميع اللبنانيين؟
لذلك، لاحظنا في البيان الختامي للقمة الثلاثية إعادة التأكيد على دعم مؤسسات الدولة وسلطاتها الشرعية. وكأننا أمام اتفاق عربي جديد، وهو تتمة لاتفاق الدوحة. إتفاق يؤسس لاستقرار داخلي، هو بمثابة الشرط الأول لإنجاز النهوض التنموي الشامل.
في هذا الإتفاق، رفض للفئوية داخل لبنان، وهذا شرط ضروري وموضوعي لقيام الدولة واستمرارها. فلنتحرك إذاً في ضوء تفاصيل هذه القمة ونتائجها، بعيداً من الإتهامات المتبادلة، والتطرف والغوغاء.
ولنعتمد على أنفسنا في كثير من القضايا السياسية والأمنية والإقتصادية، استناداً إلى البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية، ولخطاب القسم لرئيس الجمهورية. هذا فضلاً عن ضرورة تنفيذ بنود اتفاق الطائفـ الذي يعني ميثاق العيش المشترك. صحيح أن الدول الصغيرة كلبنان بحاجة الى رعاية خارجية، بيد أنها مطالبة بتأكيد وحدتها الوطنية عند كل منعطف إقليمي أو عالمي.
عامل الثقة بين القوى السياسية اللبنانية ضروري، على قاعدة تكامل القدرات بين الشعب والجيش والمقاومة. ثقة قائمة على التعاون، وعلى فكرة المواطنة بعيداً من منطق المحاصصة الطائفية والمذهبية والفئوية. ثقة بين شباب لبنان بغدٍ واعد بعيداً من خطاب التخويف. ثقة بضرورة الوصول الى دولة المواطنين لا دولة رعايا الطوائف.
نحن أمام اتفاق جديد، هو اتفاق بيروت الناتج عن القمة الثلاثية، والمدعوم من دولة قطر، ودول عربية عدة. اتفاق يؤسس لمرحلة نهوض جديد للبنان، ولعمل عربي مشترك ستظهر نتائجه في غير بلد عربي، وبصورة تدريجية. ولا بد والحال هذه من إطلالة جديدة على قضايا لبنان والمنطقة، تقوم بها وسائل الإعلام من وحي رسالتها الثقافية والحضارية، في إطار الإنتظام العام، مع احترام الحريات العامة والخاصة.