الانسحاب الأمريكي المرتقب من العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صالح عبدالرحمن المانع
ينتظر أن تنهي الولايات المتحدة سحب معظم أفراد قواتها المسلحة والجنود المحاربين من العراق بنهاية شهر أغسطس الجاري. ولن يبقى في العراق سوى خمسين ألف جندي سيوكل إليهم تدريب الجنود العراقيين، والقيام بأعمال مراقبة الحدود وغيرها من المهام التي لا زال الجيش العراقي غير قادر بشكل كامل على إدارتها. ولاشك أن انسحاب القوات الأمريكية يمثل انتصارا مهما للقوى التي حاربت الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب على العراق عام 2003م. ولكن مثل هذه السعادة يشوبها اليوم الكثير من التساؤلات حول عدم قدرة النخبة السياسية العراقية على إدارة شؤون الدولة الجديدة والالتزام بالقواعد الديموقراطية المتمثلة في تداول السلطة بشكل سلمي، بناء على نتائج الانتخابات النيابية التي عقدت في السابع من شهر مارس الماضي.
كما أن هذه النخبة والكتل السياسية العراقية لم تحزم أمرها على تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على قيادة هذا البلد إلى شاطئ الأمان والاستقرار. والأغلب ألا يتم تشكيل مثل هذه الحكومة قبل نهاية شهر رمضان المقبل، وهو ما قد يخلق الكثير من المتاعب للحكومة الانتقالية الحالية، وللشعب العراقي الذي عانى حتى الآن من انعدام الأمن في مدنه وقراه، حتى وصل بهيئة علماء الفلوجة في الأسبوع الماضي إلى تعليق أداة صلاة الجمعة جماعة بسبب انعدام الأمن في المدينة.
والتحديات التي ستواجهها الحكومة الجديدة في العراق كثيرة، ومن أهمها تحقيق المصلحة الوطنية والتقريب بين مختلف القوى والتيارات السياسية، وإشاعة جو من السلام والحوار بين الفئات العراقية. وإعادة الخدمات الأساسية للمواطنين، بما فيها خدمات توفير المياه النظيفة والكهرباء، وكذلك تحسين الخدمات الصحية، وظروف البيئة العامة للمواطن العراقي.
ويتعين على الحكومة العراقية المرتقبة أن تحسن علاقاتها بدول الجوار العربي، فالعراق كان ولا يزال جزءا أصيلا من العالم العربي، ولن تتمكن أي قوة بديلة أن تنزع عنه مثل هذا الانتماء.
كما يتعين على الحكومة العراقية المقبلة أن تشرع وعلى الفور في تعميق تواصلها الاقتصادي مع دول الخليج العربية. فالخليج العربي بالنسبة للعراق هو الرئة التي يتنفس عبرها، ولذلك فلا يمكن أن تستمر السياسات الماضية التي تتناسى مثل هذا التواصل والانتماء.
وفي المجال الاستراتيجي، فبالرغم من تحسين قدرة الجيش العراقي الجديد، فإن تعميق التواؤم الاجتماعي بين أطرافه المختلفة، وزيادة أعداد أبناء الصحوة في صفوفه سيجعله أكثر تمثيلا للقوى والمكونات العراقية المختلفة. وبالرغم من زيادة قدرات هذا الجيش الاستراتيجية، فإن هناك جوانب خاصة بتطور سلاحه الجوي ستجعله في الأمد المنظور أكثر اعتمادا على القدرات العسكرية الأمريكية، حتى بعد الانسحاب الجزئي الذي نشهده في الوقت الحاضر.
قائمة الأجندة التي تواجه الحكومة العراقية المقبلة قائمة طويلة، كما أن التحديات التي تقابلها ستكون تحديات عميقة. ولكن الأصل أن يتوصل القادة والساسة العراقيون إلى تشكيل مثل هذه الحكومة في المقام الأول.