هل تفلح المفاوضات المباشرة ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبد المنعم سعيد
هل تفلح المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تم الإعلان عن السعي لها مؤخرا في تحقيق ما لم تنجح فيه المفاوضات غير المباشرة بينهماrlm;,rlm; وباختصار هل نضجت الظروف والشروط
بحيث حانت اللحظة التي يلتقي فيها الطرفان وجها لوجه لحسم موضوعات الوضع الدائم حول الدولة الفلسطينية وحدودها؟ تاريخ القضية لا يقطع بإجابات سهلةrlm;,rlm; ولكن انطلاق الصواريخ في اتجاه إيلات والعقبةrlm;,rlm; والاشتباكات التي جرت بين الجيشين اللبناني والإسرائيليrlm;,rlm; وتطاير التصريحات النارية هنا وهناك تنبئ أن هناك من يأخذ الموضوع بالجدية اللازمة ولا يريد أن يعطي الفرصة لتسوية أو حتي لتقدم علي طريقهاrlm;.rlm; وخلال عقدين من الزمان بات إحباط خطوات الحل السلمي سهلا قدر سهولة تهديد حياة مريض بنكسة دامية بينما لم يترك غرفة العناية المركزةrlm;.rlm; وما يحتاجه أي تقدم في عملية السلام لا يزيد علي تفجير أو عملية انتحارية أو بناء مستوطنة لجماعة من المتعصبين والمتشددين الذين يفضلون العيش في بلد مكروه دائما علي ممارسة الحياة الطبيعية طالما أنهم حققوا رسالة الاستيطان الصهيونيةrlm;.rlm;
ما نعرفـهrlm;,rlm; علي أي الأحـــوالrlm;,rlm; أن هـناك تقدمـــا جري علي مـراحل خـلال العقــد الماضــيrlm;,rlm; بدأ بعـد فشـل مؤتمـر كامب دافيد بحضـور الرئيس الفلســطيني ياسـر عرفـاتrlm;,rlm; ورئيس الوزراء الإسـرائيلي إيهود باراكrlm;,rlm; تحـت إشـراف الرئيس الأمريكـي بيل كلينتــون وقبل أن ينتهــي العامrlm;2000rlm; كـان الرئيـس الأمريكـي قد وضـع مجموعـة من القواعـد التي تتم التسـوية علي أسـاسـها في كل الموضوعـات الحســاسة بما فيهــا القدس واللاجئون والحــدودrlm;.rlm; هذه الخطـــوة التي عرفــت بأفكــار أو مقاييــس أو مؤشــرات كلينتـونrlm;ClintonParametersrlm; وضعت إطارا عاما وافق عليه الطرفان مع تحفظات تم التعامل معها في شهر ينايرrlm;2001rlm; فيما عرف بمحادثات طابا التي جرت بين وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقتrlm;,rlm; وياسر عبد ربه الوزير في الحكومة الفلسطينيةrlm;,rlm; وما تم التوصل إليه في هذه المباحثات وضعه ميجيل موراتينوس مفوض الاتحاد الأوروبي في مفاوضات الشرق الأوسط في شكل وثيقة قيل أن الطرفين قبلا بمحتوياتهاrlm;.rlm; ولكن الانتخابات الإسرائيلية كانت علي الأبوابrlm;,rlm; كما كانت الانتفاضة الفلسطينية الثانية مستعرةrlm;,rlm; وفي النهاية انتخب الإسرائيليون شارونrlm;,rlm; واستمرت الانتفاضة بعد عسكرتهاrlm;,rlm; وبقيت الوثيقة في الأدراج حتي تم استخراجها مرة أخري في إطار عملية أنابوليس في نوفمبرrlm;2007,rlm; وهذه المرة كان رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرتrlm;,rlm; ومعه وزيرة الخارجية تسيبي ليفنيrlm;,rlm; حيث جرت المفاوضات في مستوي أول بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ـ أبو مازن ـ ورئيس الوزراء الإسرائيليrlm;,rlm; وأحمد قريع ـ أبو العلاء ـ ووزيرة الخارجية في مستوي ثانrlm;,rlm; أما المستوي الثالث فقد كان علي مستوي الخبراء والذي كان فيه صائب عريقات ممثلا مع فريقه للطرف الفلسطيني أما الطرف الإسرائيلي فقد قاده أحد أعضاء مكتب رئيس الوزراء يوري ديكيلrlm;.rlm; هذه المفاوضات جرت تحت الإشراف المباشر لوزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس علي أمل أن تنجز تسوية تحسب لرئيسها جورج بوش قبل خروجه من السلطةrlm;,rlm; ولما كان ذلك مستحيلاrlm;,rlm; فإنها قبل خروجها من وزارة الخارجية قامت بوضع وثيقة ـ قيل إنها نهائية ـ منrlm;17rlm; صفحة تم تسليمها إلي إدارة أوباما الجديدةrlm;,rlm; ولكن الحكومة الإسرائيلية كانت قد فقدت مكانها وجاء تحالف الليكود بقيادة نيتانياهو لكي تبدأ العملية من جديدrlm;.rlm;
السيرة السابقة توضح أننا أمام جهد متراكم استمر لأكثر من عقدينrlm;,rlm; جري السعي فيه عبر طريق طويل ربما كانت نقطة بدايته بالنسبة للفلسطينيين هي اعتراف الرئيس عرفات عامrlm;1988rlm; بقرار مجلس الأمنrlm;242rlm; وقبوله بحل الدولتينrlm;;rlm; وبالنسبة للإسرائيليين فقد بدأ مع التوصل إلي اتفاق أوسلو واعتراف إسحق رابين بمنظمة التحرير الفلسطينية وحل الدولتين هو الآخرrlm;.rlm; ومن الممكن إرجاع الأمر كله إلي اتفاقيات كامب دافيد المصرية التي وضعت الإطار الأول لفصل الأراضي الفلسطينية عن دولة الاحتلال الإسرائيليةrlm;.rlm; وبعد ذلك تراكمت التوافقات والتفاهمات التي كانت تقطعها دائما توجهات العنف والاستيطان الإسرائيلية من ناحيةrlm;,rlm; وحركات المقاومة الفلسطينية من ناحية أخريrlm;,rlm; والتغيرات الجارية في السياسة الإسرائيلية الداخلية من ناحية ثالثة والتي كانت تقود دائما إلي بداية جديدة في المفاوضات تكون الجولة الأولي فيها عادة عما إذا كان يمكن قبول ما جري الاتفاق عليه من قبل أم لا؟rlm;!.rlm; ولكن المفاوضات السابقة كانت دائما لها قوة دفع خاصة تجعلها تعود مرة أخريrlm;,rlm; وحينما جاء نيتانياهو إلي السلطة عامrlm;1996rlm; فإنه رغم رفضه لعملية أوسلو كلها انتهي به الأمر إلي عقد اتفاقين علي أساسهاrlm;:rlm; اتفاق الخليلrlm;,rlm; واتفاق واي ريفرrlm;;rlm; وفي كليهما كان عليه القيام بانسحابات جديدة من الأرض الفلسطينيةrlm;.rlm; وعندما جاء إيهود باراك إلي السلطة في عامrlm;1999,rlm; وتحت غطاء البحث عن تسوية قضايا الحل النهائي فإنه لم يجد هناك سببا لتنفيذ اتفاق واي ريفرrlm;,rlm; ولكن اجتماعا في شرم الشيخ عقد بعد بضعة شهور أعاد القضية إلي مسارها من جديدrlm;.rlm;
الخلاصة أنه رغم محاولات التملص الإسرائيلية دائما فإن ما تم الاتفاق عليه لا ينتهي في أعماق بحرrlm;,rlm; وربما كان ذلك ما جري عندما بدأت عملية السلام الحالية بالمفاوضات غير المباشرة حيث قدم أبومازن إلي المفوض الأمريكي جورج ميتشيل اتفاقية سلام كاملة مستندا فيها إلي نفس الاتفاقية التي قدمتها رايس للإدارة الأمريكية الجديدةrlm;.rlm; القضية بعد ذلك أنه ليس معلوما رد فعل نيتانياهو بشأن هذه الاتفاقيةrlm;,rlm; ولكن ما تسرب يوحي بأن المنهج الإسرائيلي لا يزال علي حاله وهو الرفض في البداية لما تم الاتفاق عليه من قبل اعتمادا أولا علي أنه لم يجر التوقيع عليهrlm;,rlm; ولأن الفلسطينيين لم يحدث أن أعلنوا رسميا عن مواقفهم خلال المفاوضاتrlm;,rlm; وأخيرا فإن حجة الانقسام الفلسطيني ما بين غزة ورام الله فيها الكفاية للتملص من تفاهمات سابقةrlm;,rlm; والتخلص من ضغوط راهنة تجريها الإدارة الأمريكية التي رغم اعترافها بأن القضية ظهرت أكثر تعقيدا مما كان متخيلاrlm;'rlm; من قبل أوباما وفريقهrlm;,rlm; فإنه يبدو أن واشنطن باتت مقتنعة أن هناك ما يكفي من التقارب الآن لكي يتم الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلي المفاوضات المباشرةrlm;.rlm; ولكن ذلك لم يكن الاقتناع الذي توصل إليه أبو مازنrlm;,rlm; ومن ثم كان تردده في دخول هذه المفاوضات حتي جاءته الرسالة الخشنة جدا من أوباماrlm;(rlm; قيل من مصادر أمريكية أنها احتوت علي دستة متنوعة من أشكال التهديدrlm;,rlm; نفتها جميعا المصادر الفلسطينيةrlm;)rlm; لكي يلجأ إلي لجنة المتابعة العربية التابعة للجامعة العربية لكي يحصل من العالم العربي علي المدد اللازم في المباحثات المقبلةrlm;.rlm;
محتويات هذه الاتفاقيات والتفاهمات ليست معروفةrlm;,rlm; ولكنها لن تخرج كثيرا عن مقاييس كلينتون التي قامت علي انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عامrlm;1967rlm; علي أن تتم عملية تبادل للأراضي التي تقع فيها المستوطنات الإسرائيلية بعد تجميعها في ثلاث مستوطنات كبري قدرت السلطة الوطنية الفلسطينية مساحتها بما مقدارهrlm;1.9%rlm; من الضفة الغربية بينما كان الإسرائيليون يطرحون أن هذه المستوطنات ومستلزماتها الأمنية تجعل مساحة التبادل بما يوازيrlm;7%rlm; من أراضي الضفةrlm;.rlm; ونقلا عن مصادر فلسطينية فإن الفلسطينيين باتوا علي استعداد لتبادلrlm;2.3%,rlm; أما المصادر الأمريكية فرفعت النسبة إلي ما يقرب منrlm;4%.rlm; أما بالنسبة للاجئين فإن عودتهم سوف تكون في الأساس باتجاه الدولة الفلسطينيةrlm;,rlm; مع طلب المفاوض الفلسطيني عودةrlm;150rlm; ألف فلسطيني إلي أراضيهم داخل إسرائيلrlm;.rlm;
مثل هذه الأخبار والتسريبات والأحاديث الجانبية تشير من ناحية إلي أن الإطار العام لايزال موجودا للمفاوضاتrlm;,rlm; ومن ناحية أخري فإن كل طرف يحاول تحسين مركزه التفاوضيrlm;,rlm; وأن إسرائيل تحاول الاستفادة من الانقسام الفلسطيني الجاري بعد الانقلاب الذي قامت به حركة حماس علي السلطة الوطنية الفلسطينية في غزةrlm;.rlm; ولكن هناك جانبا ثالثا لا يمكن تجاهله وهو أن هناك توافقا علي بدء عملية السلام من جديد برعاية أمريكية يقودها هذه المرة باراك أوباما شخصياrlm;,rlm; ويدخل فيها العالم العربي ممثلا بدول عربية رئيسيةrlm;,rlm; وبالجامعة العربية المسئولة عن المبادرة العربية للسلامrlm;.rlm;
هل معني ذلك أن الإجابة عن السؤالrlm;:rlm; هل تفلح المفاوضات المباشرة؟ هي بالإيجابrlm;;rlm; والحقيقة أن مثل ذلك ليس مبكرا فقطrlm;,rlm; بل إن هناك في الواقع ما يمنع ذلك من الحدوثrlm;.rlm; وفي كل الأحوال فإن ما لدينا هو أقاويل غير موثقة حتي لو كانت المصادر قريبة وموثوقا بهاrlm;,rlm; كما أن القضية ليست التوصل إلي اتفاق بقدر ما هي الشجاعة والقدرة علي تنفيذه وسط بيئة سياسية تعتبر كل تنازل خيانةrlm;.rlm; وإذا كان أبا إيبان قد قال ذات مرة أن الفلسطينيين لم يتركوا فرصة إلا وأضاعوهاrlm;,rlm; فإن من يدرس تاريخ الصراع سوف يدرك أن المقولة تصدق علي الإسرائيليين أكثرrlm;.rlm; ولكن المعترضين علي الاتفاق كثرة ولديها العزيمة والزخم وما تتصوره تفوقا أخلاقياrlm;,rlm; وبين هؤلاء مستوطنون ومتعصبون ولديهم من الكراهية ما يكفي لاستمرار الصراع حتي نهاية التاريخrlm;.rlm; وببساطة فإن الصراع الفلسطينيrlm;,rlm; والعربيrlm;,rlm; الإسرائيلي فيه من وقود الصدام ما يشبه ذلك الموجود في المفاعلات الذرية الذي لا ينطفئ إلا عندما ينتهي الأجل وتحين الساعةrlm;.rlm; ولا يوجد صراع علي وجه الأرض تحدي الزمن وعصر الاستعمارrlm;,rlm; وتعدد الأقطابrlm;,rlm; والقطبية الثنائية والحرب الباردةrlm;,rlm; والأحادية الأمريكية والعولمةrlm;,rlm; والآن في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبرrlm;,rlm; مثل الصراع العربي ـ الإسرائيلي الذي تلون وتشكل مع كل عصر وزمانrlm;.rlm;