«الفشخرة» الخليجية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جميل الذيابي
في صيف لندن هذا العام لا موطأ قدم من كثرة السياح القادمين من أرجاء المعمورة، خصوصاً بعد منع النقاب في دول أوروبية. سياح من جنسيات مختلفة يندمجون سريعاً في فضاءات لندن الرحبة، وتذوب جنسياتهم ولهجاتهم، وتتقاطع علاقاتهم وعاداتهم ما عدا سياح من دول الخليج العربية يصرون على التمظهر والفشخرة، فتظهر ألوانهم وصفاتهم ولهجاتهم بشكل يوحي بالثراء ولا عزاء.
في لندن خليجيون فارون من الحر. هاربون من عيون ترصدهم في ديارهم، وربما تتلصص على طبيعة حياتهم. جاؤوا إلى عاصمة الضباب ليفرحوا بالحرية والبرد والمطر. جاؤوا إلى لندن كما يقال، حيث الخضرة والماء والوجه الحسن و"سبيكر كورنر".
يتحرك السياح الخليجيون في حياة لندن كيفما يشاءون. ويعبّرون عن أنفسهم كيفما يشاءون، لكن مشكلتهم تبدو واضحة للعيان في حب التمظهر المبالغ فيه، للفت الأنظار إلى لباسهم وحركاتهم وسكناتهم وطريقة عيشهم وغناهم.
تبدو مشكلة "الفشخرة الخليجية" في لندن هذا العام ذات معالم ديناميكية، فكل من يعرف تلك المدينة الهادئة جيداً وحياة أهلها وطبيعة سياحها من الأوروبيين والآسيويين يستغرب تلك التصرفات الصيفية الطارئة.
في شوارع لندن وأسواقها المكتظة بوجوه عربية "فشخرة" مفرطة حد الجنون وربما المجون، حتى انه يمكنك أن ترسم في شارع "اديجوير رود" أو "نايتس بريدج"، خريطة جديدة لدول مجلس التعاون الخليجي من جراء وجود تلك السحنات والسيارات الفارهة التي تحمل لوحات دول خليجية، ويمتطيها صبيان مترفون بالمال والطاقة.
أمام المقاهي والمطاعم في "نايتس بريدج" و"البيكاديلي"، يحجز خليجيون طاولات معدة لارتشاف القهوة أو لتناول العشاء منذ وقت مبكر، ويدفعون عليها ضريبة مضاعفة، أو ما يسمى "بخشيش مسبق الدفع"، وللعلم هذه الضريبة لا تعرفها لندن إلا في فصل الصيف مع قدوم سياح الخليج البارعين في دفع المال، وإفساد عمال المقاهي بـ "البخشيش".
وعلى الضفة الأنثوية، تشاهد عباءات مزركشة وألواناً زاهية ووجوهاً نسائية تتلألأ محملة بجدران من أجود ماركات "الميك أب". وتشتم رائحة العطور الباريسية، وتشاهد لباساً ناعماً من أفخم دور الأزياء العالمية، وترى على الأكتاف وفي الأيدي حقائب نسائية فاخرة تظهر رشاقة وحسن ذوق المرأة الخليجية الهاربة من السموم والحر، للتفسح تحت الضباب وزخات المطر.
من المضحكات المبكيات قبل سنتين تقريباً، بادر مواطن قطري بشحن سيارته الرياضية الفاخرة من طراز "لامبرغيني" جواً إلى بريطانيا لتغيير زيتها ومن ثم إعادتها إلى قطر، وذلك بحسب ما أفادت به صحيفة "الصن" آنذاك. وذكرت الصحيفة أن كلفة الرحلة مع تغيير الزيت وصلت إلى نحو 23 ألف جنيه إسترليني، أي حوالى (138 ألف ريال).
الغريب في الأمر أن كل من تجلس أو تتناقش معه من الخليجيين حول ظاهرة "الفشخرة"، يرى فيها خطأ كبيراً ويتحدث عنها بامتعاض كبير ويرفضها، وهو في الوقت نفسه ربما يهوى ممارستها.
قبل فترة قصيرة لفت نظري تحقيق نشرته إحدى الصحف السعودية عن "الفشخرة" الكذابة التي تكبل بعض البسطاء بالديون. و"الفشخرة" في القاموس السعودي الشعبي هي التظاهر بمظهر "غير صادق" يقوم على المديونيات وركوب ولباس ما لا يملك الإنسان قيمته.
والفشخرة لغة تعني التباهي بما لا فائدة منه ولا ضرورة. ومن العجيب أنه على رغم انتشار معنى هذه العبارة (الفشخرة) في اللغة المولدة، فإن المعاجم الحديثة كالمعجم الوسيط مثلاً لم تتناولها، مع أنها تناولت عبارات أقل منها انتشاراً، وزعم بعض اللغويين أنها (أي الفشخرة) موجودة في معجم مختار الصحاح للرازي، وليس ذلك صحيحاً عند التحقيق.
لكن هل يعلم البعض أن هناك من أهل فلسطين القابعة أرضهم تحت الاحتلال والحصار من يتفشخر ويشخر في لندن من دون أن يتبرع لأهله في الضفة والقطاع بريال واحد؟
لا شك في أن حب الظهور والاهتمام بالمظهر شيء جميل ومهم في جوانب مختلفة من الحياة، ومطلب إنساني محبب للعين، لكن ليس بتلك الطريقة التي يمارسها خليجيون مهووسون، لكون تلك الممارسات والمبالغات عندما تزيد عن حدها تنقلب إلى ممارسة غير مقبولة ومقززة اجتماعياً.
"الفشخرة" الكاذبة يجب أن تلجم لكونها إسرافاً وتبذيراً، فمثلاً يمكن مشاهدة قمة البذخ في صالة أفراح الزواج، أو عند دعوة مسؤول أو أمير منطقة، إذ تقام له موائد طويلة وعريضة في مباهاة مذمومة، ليقال عن المضيف إنه في إكرام الضيف لم يسبقه أحد، ولن يجاريه أحد، على رغم أن بعض هؤلاء لا تتوافر لديه المادة، بل انه يستدين المبلغ للمباهاة في الكرم أمام الآخرين.
إن استمرار تلك المظاهر الكاذبة واستمراءها يتحولان إلى مشكلة كبيرة ومكلفة أسرياً، ولا يعكسان الواقع الاجتماعي والمادي الصحيح، ومع الأسف فإن انتشار هذا التمظهر الزائف من دون مبرر إلا من أجل التفاخر والمباهاة والانجراف نحو التقليد الأعمى لا يعبّر عن حقيقة المجتمعات الخليجية وطبيعة تعاطيها مع الحقيقة، لكنه ربما يخبئ في "المتفشخرين" شخصيات مركبة ومريضة نفسياً، وهذا يتطلب من المؤسسات المعنية في دول الخليج العربية زيادة جرعات الوعي والتثقيف الاجتماعي والنفسي، لإبعاد الناس عن خداع الأنفس والإسراف والاستهتار واستمراء التظاهر وادعاء الغنى، ما ينعكس سلباً على حقيقة المجتمعات الخليجية وطبيعتها، ويعطي صورة مشوهة عنها داخلياً وخارجياً.
التعليقات
سعوديه
هيا عبدالله المحارب -مشكله الحقوودين ... الله موزع الارزاق ...عشان فلسطين خلاص نحرم حالنا... بعدين السعوديه والخليج ماقصرووو مع فلسطين سؤالي انتم ايش قدمتم لفلسطين ماغير الكلام الكلام الكلام وبس
سعوديه
هيا عبدالله المحارب -مشكله الحقوودين ... الله موزع الارزاق ...عشان فلسطين خلاص نحرم حالنا... بعدين السعوديه والخليج ماقصرووو مع فلسطين سؤالي انتم ايش قدمتم لفلسطين ماغير الكلام الكلام الكلام وبس
so what
مشمئز -مع احترامي لكاتب المقال ولكن طريقته تنم عن حسد وحفد على من انعم الله عليه. يا اخي هذه ارزاق والله يوزع الارزاق كيفما يشاء. شو دخلك كيف يصرفون اموالهم وانا متأكد انهم غير مقصرين في اوطانهم من العطاء للفقراء والمحتاجبن. لا تحكم على الناس من مظاهرهم
UAE
س م -أنا أويد جميع ما ذكره الكاتب و لقد كنت في لندن هذا الصيف و شاهدت التصرفات الخليجية الغير مقبوله .
UAE
س م -أنا أويد جميع ما ذكره الكاتب و لقد كنت في لندن هذا الصيف و شاهدت التصرفات الخليجية الغير مقبوله .
العقل نعمة
محمد العابد -صاحبة التعليق رقم 1 ينطبق عليها المثل القائل عذر اقبح من ذنب بالاضافة الى نقص واضح وفاضح في فهم المقال لانه لم يطلب منك التبرع لفلسطين وكلمة فلسطين جائت في سياق المقال ان هناك اشخاص من فلسطين يتفشخرون في لندن واهلهم تحت الحصار واخيرا الفشخرة هي تعويض عن نقص حاد وشعور بالدونية لذلك يحاول اصحابها التعويض عن نقصهم باظهار الغنى امام الناس ولو على سبيل الكذب
العقل نعمة
محمد العابد -صاحبة التعليق رقم 1 ينطبق عليها المثل القائل عذر اقبح من ذنب بالاضافة الى نقص واضح وفاضح في فهم المقال لانه لم يطلب منك التبرع لفلسطين وكلمة فلسطين جائت في سياق المقال ان هناك اشخاص من فلسطين يتفشخرون في لندن واهلهم تحت الحصار واخيرا الفشخرة هي تعويض عن نقص حاد وشعور بالدونية لذلك يحاول اصحابها التعويض عن نقصهم باظهار الغنى امام الناس ولو على سبيل الكذب
رد على السعودية هيا
خالد -صاحبة التعليق رقم 1 يبدو لاتعرف تقرأ والمقالة لم تورد فلسطين للتبرع لها أو انها تعتقد الكاتب فلسطيني فالكاتب سعودي وكلامه صحيح 100%
So waht - again
Mostafa ElGazzar -Brother Jameel,from your article, I don''t see anything wrong with that !! To the contrary, seeing Arabs dressed good, smelled good, etc. is a source of pride to all of us. We dont need to look poor or mell awful to gain respect of others. I would have to say you missed out on this one.
كلام سليم
فهد العوفي -شعوب من العالم الثالث وهبها الله ذهبا تحت الارض . لا استبعد حدوث مثل هذا الشيء . مع ان القاعدة لاتعمم , هناك عقول عظيمة في العالم الخليجي
كلام سليم
فهد العوفي -شعوب من العالم الثالث وهبها الله ذهبا تحت الارض . لا استبعد حدوث مثل هذا الشيء . مع ان القاعدة لاتعمم , هناك عقول عظيمة في العالم الخليجي