جريدة الجرائد

علم الفضاء

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سمير عطا الله



في البرنامج التلفزيوني ثلاثة: مقدمه، وهو رجل محايد. ومشاهدة تكتب ساخرة أن للعرب علاقة بالفضائيات وليس بعلم الفضاء. والثالث دكتور في الاتصالات يسأله المذيع عن رأيه في الرسالة.

عملا بالتقاليد، يبدأ الدكتور بالاستنكار ورد السخرية إلى أصحابها. وبعد ذلك يبدأ بالشرح: العرب أول من استخدم الأقمار الصناعية. ونحن أكبر المستهلكين. ونحن أسياد المستهلكين. ونحن غينيس الاستهلاك. بل نحن الاستهلاك والبر نملؤه سفينا.

بكلام آخر، يريد الدكتور القول إن علاقتنا بعلم الفضائيات وأقمارها، مثل علاقتنا بالحليب المجفف وسجائر فيليب موريس ونظارات رالف لورين الشمسية. نحن مستهلكون، نشتري كل ما يعرض علينا، من الساعات المزورة في الصين إلى الساعات المنحوتة في سويسرا. والعلاقة الوحيدة الثابتة بالفضاء والفضائيات، هي أننا ملأنا الفضاء والفضائيات والأقمار الصناعية إما شتما أو كليبات. والمرة الوحيدة التي استخدمنا فيها حريات الأثير كانت في شتم الأوادم والمؤدبين وذوي الأعمال والنوايا الصالحة.

وآسف أن أعارض الأخ الدكتور في ابتهاجه بهذا النوع من علاقتنا بعلم الفضاء. كنت أتمنى لو أنه أطل علينا بخبر يقول إننا اخترعنا برغيا أو مسمارا أو وصلة سلك كهربائي توضع في القمر الصناعي، أو تلصق على قفا التلفزيون. أو اخترعنا قطعة قماش تتلحف بها صاحبات الكليبات. أو لو اخترعنا عتما وصمتا وسكوتا بدل هذه الكميات المريعة من مفسدات الذوق والذاكرة والنفوس الطرية.

نتمنى على الدكاترة أن يكفوا عن تشجيع عصور عبودية الاستهلاك، وعن تبسيط كل القضايا بما فيها العلم. وعندما يخاطبون أجيالنا لا يدعونهم إلا القبول بهذه الحالة العدمية من القصور العلمي. فلا يكفي أمة من 400 مليون إنسان أن يكون فيها أحمد زويل وفاروق الباز. هذه نسبة مبكية في هذا العصر. والفضاء العربي وفضائياته عبارة عن سموم سامة وسموم غبية وجاهلة.

أعرف الجواب طبعا: لا. ليس للحريات سقف. لكن للحريات مفاهيم وقواعد وآدابا. والحريات في بلاد القانون يضبطها ويحكمها القانون. والفضاء العربي لا قانون له ولا ضوابط.

تلك هي النتيجة التي تصل إليها عندما تكون مستهلكا أو بائعا. أما علم الفضاء والفضائيات، فهو علم.. تماما كما يصنع الطب أحيانا من السموم.. وليس العكس.




التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف