القرار الاستراتيجي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالزهرة الركابي
في هذا الوقت تحديدا و"وفقا" لمصادر قريبة من الإدارة الأميركية، فإن الأخيرة تحرص على عدم فسح المجال لأي أزمة تنشب بينها، وبين حكومة إسرائيل، من واقع أن هناك قرارا "استراتيجيا" داخل الادارة الاميركية لتغيير طبيعة العلاقات بين الادارة الاميركية ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو وخاصة في الناحية الامنية، وأن لهذا القرار علاقة بالمسائل والتحديات الخارجية التي تواجهها الولايات المتحدة، فالادارة الاميركية مقدمة على خطوات حساسة في المنطقة، من بينها، اقتراب انسحاب القوات الاميركية من العراق، لذلك تقوم ادارة اوباما بحملة تطمينات لحلفائها في المنطقة، وهي ليست في وارد تعكير مزاج نتانياهو خصوصا، والدولة الصهيونية على العموم.
واوضحت هذه المصادر أن عدم الاستقرار في العراق، وعدم القدرة على ادارة عملية سياسية عراقية داخلية حقيقية يمكن ان توحّد الاطراف المختلفة للمحافظة على ما اسمته المصادر بالانجازات الامنية التي حققها الجيش الاميركي، شكّل احد الاسباب التي عرضها رئيس وزراء اسرائيل على الرئيس الاميركي خلال لقائهما في البيت الابيض أخيرا، عندما تمسّك نتانياهو بسيطرة اسرائيلية على طول الحدود الشرقية، وأكد اوباما دعمه الكامل لموقف نتانياهو حول اهمية السيطرة الاسرائيلية على منطقة الاغوار.
ومن الواضح ان إدارة أوباما قد وضعت حدا "حاسما" للتطلعات التفاؤلية التي أبداها البعض في المنطقة في مستهل مجيء أوباما على رأس الإدارة الأميركية، إذ ان هذه الإدارة باتت رهنا "لتحديات خارجية وداخلية، وهي بالتالي قامت بفرز واضح بين الأهم والمهم، حيث تنصب جهودها في هذا الوقت على كيفية المحافظة على وجودها في العراق في ما إذا نفذت انسحابها الرسمي من هذا البلد المحتل، الذي يشهد تدهورا مستمرا. كما لا ننسى ظروف قواتها المضطربة في أفغانستان، بعدما راح حلفاؤها ينسحبون أو ينسلون من هناك واحدا بعد الآخر.
وكذلك فإن أميركا تبتلع على مضض حجم التنازلات غير المعلنة التي قدمتها الى روسيا والصين وبعض الدول الأخرى، كمساومة على موافقة هذه الدول على العقوبات التي فُرضت على إيران في الفترة الأخيرة، فضلا عن ان أميركا خيبت ظن المراهنين عليها في إيجاد حل عادل لقضية الشرق الأوسط، بعدما اتضح تأكيدا، ومرة تلو الأخرى، ان واشنطن ليس بمقدورها أداء دورين في قضية واحدة، أي دور الوسيط أو الحكم العادل من جهة، ومن جهة أخرى دور المنحاز الأعمى لأحد الطرفين، وهي في هذه الحال تحاول خلط الأوراق، لاسيما بين أوراق الملف النووي الإيراني وأوراق قضية الشرق الأوسط، بغرض تفريغ القضية الأخيرة من كل عناصر ديمومتها ومناعتها، بعدما جعلت إسرائيل معنية بدرجة قصوى في الملف المذكور، بل وتُعد أحد مخالب القط الذي تهدد بها الملف النووي الإيراني.