جريدة الجرائد

الحرام.. باب الإرهاب الصغير

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سمر المقرن

ما زلت مؤمنة بأن باب الإرهاب الصغير هو باب التحريم غير الموثّق، فكلما زادت موجة "التجريم" و"التحريم" ولد ألف إرهابي في بلدنا، وكلما زاد عدد راكبي مطيّة التحريم خلقنا بيئة جيدة للتشدد والإرهاب والعنف، التحريم هو "توقيع" نيابة عن الله سبحانه وتعالى. وتحريم الأشياء بلا أدلة واضحة وصريحة هو ميل صريح للتشدد، والأصل في الأشياء الإباحة، ولا يأثم من يميل للتحليل لأنه مال للأصل، والإثم كل الإثم في الميل للتحريم وتقييد الناس بالتوقيع نيابة عن الله سبحانه وتعالى بتحريم الحلال أو تحليل الحرام.
التحريم بوّابة كبيرة خطيرة تزف الناس لأبواب جهنم الدنيا قبل جهنم الآخرة، إن التحريم ليس مقياس الديانة ولا عنوان الالتزام ولا شكلا من أشكال الطاعة، بل هو افتئات على الله -عز وجل- إن لم يكن في صف الدليل الصحيح الصريح العقلي المقبول بعد عرضه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الميّالون للتحريم ميالون لتعذيب الناس وجاعلون الناس على مفرق طرق، صعب أن يشعروا بأنهم بعيدون عن الله فيزداد نفورهم أو ينضموا لقافلة التشدد فيسلب أساتذته التشدد منهم عقولهم بكثرة الحرام حتى تصبح الدنيا في أعينهم ليست سوى محرّمات مُجمعة حتى لم يبق للواحد منهم إلا أن يقبع في بيته أو يقاوم المحرمات بالمحرمات!
التحريم هو وسيلة لتقويم المجتمع نحو الطريق الصحيح ومنع أذية الناس للعباد أو أذيتهم لأنفسهم أو البعد عن الله، لكن إذا زاد عن حده صار أداة أذية بدلاً من منعها. ولو سألت أحد المتشددين أنت وسطي فقل لي من المتشدد في المجتمع لأشار إلى التنويريين والعلمانيين والليبراليين، ولو سألتهم أنت وسطي فأين الطرف المتشدد؟ فما وجد لأنه هو الطرف المتشدد وهو لا يعلم! فقاتل الله التشدد وأهله ممن لم يبق على شيء حتى حرمه على الناس وعلى نفسه وأغرى الصغار بالتحريم حتى تحولت الطفولة والمراهقة إلى حياة قتال عنيف بين إفراد المجتمع.
بلا شك، نتذكر جميعا سطوة الصحوة على الناس، وإنكار المنكرات وغير المنكرات لأنهم فقط خالفوهم في آرائهم، وصار مجتمعنا مجتمعا قلقا، كل واحد يخاف أن يفعل شيئا يصبح بعده عرضة لسطوة صغار ومراهقي الصحوة محترفي التحريم والمنع والتجريم.
لقد ماتت في قلوب المتشددين لغة التسامح والحل وسماع صوت آخر من الفتاوى التي توسع على الناس ولا تضيّق عليهم في دينهم ودنياهم، فصرنا في حالة قلق متواصلة من تحريم وتحريم وتجريم حتى بتنا نشك هل يمكن أن يكون العالم الإسلامي كله في ضلال ونحن الوحيدون في الطريق القويم؟!
لماذا يهوى أصحابنا أن يُدخلونا النار ويُدخلوا معظم المسلمين في الدول الأخرى الذين لا يتبعون آراءهم؟ لأنهم أحاديون متشددون قلقون محرمون من كل شيء وأي شيء، وكأن (الجنة) قد خلقها الله لهم وحدهم. لعلنا في هذا الشهر الكريم نراجع حساباتنا ونتذكر أن لو لم يجدوا لهم جماهير من الصبية والمراهقين لما استمروا وتمادوا، فلا يغتر الأهالي إذا رأوا آثار التدين على أبنائهم، فقد يكون أحدهم مشروع إرهابي "صغير".
حمى الله أبنائي وأبناءكم من براثن هذا الطريق، وكل عام وأنتم بخير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
احسنت
الصيدلي -

كلام جميل عذب موزون مقفىاتفق معك في كل ما قلته اختي العزيزة اتمنى من مجتمعنا العربي ان يتدارك نفسه ولا يسقط في العصور المضلمة لاوربا ونزاعها من الكنيسة