نيويورك تايمز : أميركا قوية ومتقلبة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن
واشنطن لا تفهم أهمية الزمن كما يفهمه الناشطون الإسلاميون وزعماء سوريا وجيران العراق.
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن القصة في العراق لم تنته فصولها بعد، بغض النظر عن ما تقوله الإدارة الأميركية وجنرالاتها ودبلوماسيوها الذين يأتمرون بأمرها.
فالعراق لا هو بالبلد المحتل ولا المستقل، "بل في تيه وتكتنفه أوضاع تناسب كل الأوصاف التي يمكن أن تطلق عليه تماماً، كما الذرائع التي سيقت لتبرير الغزو الذي دشن سبع سنوات من التورط الأميركي".
وطوال تلك السنوات، اتسمت التجربة الأميركية بوعود بدت كأنها تنطوي على ترويج للديموقراطية، والحكم الرشيد، ولحياة أفضل. ولعل العنصر الثابت في تلك التجربة يظل هو عامل الزمن.
فالأجندة العراقية متخمة بمواقيت ومواعيد نهائية وجداول زمنية بأمر من الولايات المتحدة تهدف إلى فرض حقائق في واقع غير موجود.
والقول إن الإدارة الأميركية تهم الآن بالانسحاب من العراق وفق شروطها هي، ذلك أن البقاء ربما يزيد الأوضاع سوءاً في ذلك البلد "الذي تثخنه الجراح".
على أن الانسحاب الأميركي من العراق في وقت لم تتشكل فيه حكومته بعد، وتغلب على جيشه نزعة لا يمكن التنبؤ بها، وتسود فيه حالة من السخط الشعبي العميق، ونخبة سياسية "تعيسة"، يمثل أحد السمات الثابتة في الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط.
الولايات المتحدة دولة قوية، لكنها متقلبة ولم تفهم قط على ما يبدو أهمية الزمن كما يدركها "الناشطون الإسلاميون المستعدون لقضاء عشرات السنين في المعتقل"، أو كما فهمها الرؤساء السوريون الذين راهنوا على تبدل السياسات الأميركية في نهاية المطاف، أو كما يعلمها جيران العراق الذين يتربصون لملء الفراغ الذي سيتركه الأميركيون بانسحابهم من العراق.
ولعل سياسات الولايات المتحدة المتمثلة في دعمها لإسرائيل وللحكومات العربية وغزوها العراق وحربها في أفغانستان، كلها عوامل تساعد في إثارة المشاعر إزاءها. غير أن ما يحدد طريقة تصرفها هو عنصر الزمن ومقياسها له.
يقول رايان كروكر ـ وهو سفير سابق لأميركا لدى العراق: "إن الإحساس بأننا شعب ضيق الصدر هو بكل تأكيد السمة التي تميز السياسات والثقافة الأميركية".
ولقد ظلت منطقة الشرق الأوسط تعاني طويلا من "نزوة" أميركية "غريبة" تؤمن بأن ما من شيء تريده القوة الأعظم في العالم إلا وأدرجته في جدول أعمالها.
وربما يعكس الانسحاب الأميركي من العراق واقعاً جديداً، وهو في طريقه لأن يتحقق في مواعيده، بغض النظر عن تطور العملية السياسية هناك.
يقول وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في ذلك: "الصبر فضيلة تعوز واشنطن"، ويمضي متسائلا في دهشة: "ماذا يعني ذلك لإيران وتركيا وبقية جيران العراق؟".
ويشير إلى أن تواريخ فك الارتباط الأميركي جرى تحديدها، الأمر الذي شجع جيران العراق على أن يتأهبوا لملء الفراغ.
ويضيف قائلا: "هذا ما يحدث الآن، وقد سمعت ذلك منهم. إنهم يترقبون، وهم ليسوا في عجلة من أمرهم. إنهم جيراننا الأبديون".