شكراً جلالة الملك!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله المسفر
حسم جلالة الملك عبدالله ملك الشقيقة السعودية الأمر في فوضى الفتوى المستشرية في عالمنا الإسلامي بإصدار قراره الأخير بمنع إصدار الفتاوى باستثناء أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة، وبهذا يسدل جلالته الستار على حقبة من الزمن عشناها تضاربت فيها الفتاوى مما جعل الإنسان المسلم يعيش في حالة من اللغط والتخبط وعدم الاتزان في أمور مهمة.
ولعل الفتاوى الشاذة والمثيرة للجدل وغير المقبولة عقلياً وأخلاقيا كفتوى إرضاع الكبير، كانت هي السبب في إصدار هذا القرار المهم الذي سيضع حداً لتلك الفتاوى التي خالفت الأعراف والتقاليد والشريعة السمحة التي منها أيضاً فتوى إباحة التدخين أثناء الصيام على أساس أنه ليس من المفطرات.
وهنا لابد أن نتقدم بالشكر لجلالة الملك على قراره الذي جاء في وقته المناسب لمنع محبي الشهرة من الظهور على حساب الإسلام وبما يشكك في العقيدة ويهمّش دور الدين العظيم في تقويم المجتمع بكل شرائحه وأفراده، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، وإن كان قرار الملك عبدالله سيقوِّم الفتوى في المملكة ويقننها، فما هو موقف بقية الدول الإسلامية حيث لا يسري هذا القرار على العلماء أو عفواً أنصاف العلماء في بقية البلدان؟... لهذا من المفترض أن يسير بقية القادة المسلمين على خطى الملك عبدالله.
قرار الملك عبدالله وإن كان مؤثراً على العالم الإسلامي لحد كبير، لكنه ولا شك لن يمنع إصدار الفتاوى غير المدروسة ولا الحكيمة في دول مؤثرة بفتواها كمصر مثلاً والتي لا شك أن لها ثقلاً إسلامياً كبيراً وبها أكبر عدد من العلماء المسلمين بعاقلهم وجاهلهم، فلماذا لا يصدر الرئيس مبارك قراراً كهذا؟ ولماذا لا يصدر بقية القادة قرارهم حتى ننقي الفتاوى من الشوائب التي جعلتنا نعيش في تخبط وشك مستمر فيما يقوله العلماء؟
عن نفسي شاهدت وسمعت وقرأت كثيراً عن تضارب الفتاوى وعايشت قصص خلاف بين المسلمين بسبب الفتاوى وصلت إلى حد الشجار والعراك وكان منها قصة لأحد الاصدقاء لديه ولدان أحدهما ملتزم والاخر 'زقمبي'، واختلف الاثنان حول قضية الغناء وإباحته من حرمته، وتطور الأمر إلى حد أن اعتدى أحدهما على الآخر، وكادت الأمور أن تصل إلى ما لا تحمد عقباه والسبب في ذلك الفتاوى 'السَفري' التي تقدم من خلال الفضائيات التى أصبح يظهر على شاشاتها النطيحة والمتردية.
فضائيات عصرنا الحالي أشاعت الفوضى وفتحت المجال لكل أفَّاق وجاهل، بل إن غالبية العلماء العظام يخشون الظهور على تلك الفضائيات خشية أن يصنفوا من رجال دين الفضائيات الذين همشوا الإسلام وتناولوا قشوره، فأساؤوا له وأساؤوا لأنفسهم... ولعل من هؤلاء الذين أثاروا انتباهي أولئك الفتيان الصغار الذين يظهرون على أكثر من قناة وفي برامج شهيرة يتحدثون عن الإسلام ويفتون في أمور كثيرة، وكأنهم من كبار العلماء وأصحاب مدارس فقهية ولهم باع طويل مع العلم ومدارسه.
تقنين الفتوى لن يحدث إلا بمنع غير العالم المعتبر والمشهود له بالكفاءة من الإفتاء... وقرار الملك عبدالله لن يسري إلا على المملكة فقط، ولكنه بأي حال خطوة البداية على طريق الصواب... فشكرا لك جلالة الملك.
***