غازي القصيبي.. تنويري قبل الأوان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالعزيز التويجري
ثمة أفراد يؤدون دور مؤسسات كاملة، يتركون في كل رواق من أروقة الحياة بصمة لا يمحوها الزمان، ومنهم الدكتور الراحل غازي القصيبي الذي كان صديقاً متميزاً للكويت، أحبها واحبته، وقال فيها أعذب القصائد. لقد تمثلت شجاعة الدكتور القصيبي الفكرية في كونه حمل عقلاً تنويرياً في أوقات صعبة وحرجة، كانت فيها عبارة التنوير تشكل قلقاً للكثيرين، وميزته ان أفكاره التنويرية لم تبق حبيسة عقله، ولا مجرد مسودات في دفاتره وادراجه، بل طبقها على أرض الواقع فحين تقلد المناصب الوزارية بدءا من وزارة الصحة وصولا إلى وزارة العمل، طبق هذا الفكر بحذافيره.
كانت حياته مزيجاً غريباً من حرص وحذر عليه ان يتحلى بهما كدبلوماسي، وسياسي، وبين انطلاقته وصراحته وشفافيته وجرأته في أعماله الأدبية أو في طرحه الثقافي، ومن يقرأ رواية "شقة الحرية" يدرك معنى هذا الكلام.
وكانت خطوة جيدة تلك التي أطلقتها الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية بان سمحت بكل كتبه، فالدكتور القصيبي من الأدباء الذين يوظفون الفكرة الجريئة في محلها، وليس بغرض التسويق الذي لا يحتاجه أصلا، فشهرته وتاريخه يقدمانه للجمهور بالصورة المثلى.
الذين عايشوا القصيبي تحدثوا عن اسلوبه المتطور في فن الادارة، فهو ليس سياسيا تقليديا، بل لديه ثقافة الادارة، وربما نتمكن من تعميم هذا النموذج، خصوصاً ان الراحل ترك كتابا في علم الادارة، وترك اسلوبا متفردا يمكن النهل منه.
كان قريباً جداً من الكويت، وله معها مواقف مشهودة، ولذلك استحق عن جدارة وسامها من الطبقة الممتازة، وفي اثناء الغزو الآثم، كان القصيبي بعيد النظر، فتنبأ بالتحرير، بل كان مؤكدا له حين قال في قصيدة له بعنوان "الحمامة والكابوس":
"أقسمت يا كويت
برب هذا البيت
سترجعين من بنادق الغزاة أغنية رائعة
كروعة الحياة
أقسمت يا كويت برب هذا البيت
سترجعين من جحافل التتار
حمامة رائعة
كروعة النهار".
***
bull; ومضة:
في أسبوع واحد تقريباً رحل ثلاثة أدباء عن عالمنا، آخذين معهم أجسادهم فقط، وتاركين لنا ارثا ابداعياً متميزاً، رحمهم الله: من الجزائر الطاهر وطار ومن السعودية د. غازي القصيبي ومن الكويت أحمد السقاف.