جريدة الجرائد

'يسوع المسلم' أو قصة ثقافتين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مالك التريكي

إذا أراد العربي المسيحي أن يطّلع على التصور الإسلامي عن المسيح عليه السلام، فإنه لن يجد ضالته، على ما يبدو، إلا في بريطانيا! إذ لم يتمكن الجمهور العربي (بمسلميه ومسيحييه)، لاعتبارات تتعلق بالسلام الاجتماعي والحساسيات الطائفية في لبنان، من مشاهدة أكثر من حلقة واحدة من مسلسل 'السيد المسيح'. حيث اضطرت قناتا 'المنار' و'ان بي ان' إلى التعجيل بوقف بث المسلسل سدا للذرائع ودرءا للفتنة. إلا أن ما امتنع في لبنان هذا العام قد سبق أن وقع في بريطانيا قبل ثلاثة أعوام. حيث بثت قناة 'أي تي في' التلفزيونية عام 2007 برنامجا وثائقيا بعنوان 'يسوع المسلم' عرضت فيه على الجمهور البريطاني سيرة عيسى عليه السلام كما وردت في القرآن والسنّة.
وقد اجتهد مقدم البرنامج ملفن براغ، الذي هو أقدر وأشهر صحافي ثقافي في البلاد، في إطلاع الجمهور البريطاني على حقيقة شبه مجهولة لديه: وهي أن عيسى عليه السلام هو نبي من أنبياء الإسلام.
وتطرق البرنامج عبر مقابلات مع باحثين ومؤرخين إلى نقاط الاتفاق بين الروايتين المسيحية والإسلامية، أي ولادة المسيح من السيدة مريم العذراء والتعاليم الدينية التي نادى بها والمعجزات التي أتاها وعودته في آخر الزمان للقضاء على الدجال وملء الدنيا عدلا بعد أن امتلأت جورا. كما تطرق لنقاط الاختلاف: الصلب والقيامة (حسب اعتقاد المسيحيين) والرفع إلى السماء (حسب اعتقاد المسلمين) والألوهة أو النبوّة (مسيحيا) والعبودية لله والنبوّة (إسلاميا). بل إن البرنامج أوضح أن القرآن ذكر من معجزات عيسى ما لم تذكره الأناجيل (مثل الكلام في المهد، وتحويل الطين إلى طير) وعرض آيات مرتلة من سورة مريم، التي هي من أحسن القصص القرآني وأوقعه في النفس البشرية (بصرف النظر عما إذا كانت هذه النفس تدين بالإسلام أم النصرانية، بل حسبها أن تكون عارفة بمكنون لغة العرب!). كما عرض البرنامج مقتطفات من مسلسل 'مريم العذراء' الذي سبق عرضه على عدد من القنوات العربية (والذي هو من إنتاج إيراني، مثله في ذلك مثل مسلسل 'يوسف عليه السلام' ومسلسل 'السيد المسيح' الذي أثار الجدل في لبنان). ولو أن مسلسل 'السيد المسيح' كان جاهزا ومتوفرا قبل إنجاز البرنامج عام 2007، فلا شك أن ملفن براغ ما كان ليتردد في استخدام مقتطفات منه لمزيد شرح التصور الإسلامي عن عيسى عليه السلام.
وكان الجمهور القارئ في بريطانيا وأمريكا قد اكتشف وجود 'يسوع المسلم' منذ أن أصدر المؤرخ الفلسطيني المعروف طريف الخالدي كتابا بهذا العنوان أواخر عام 2001. ورغم أن الكتاب قد لفت الأنظار في الأوساط الثقافية والصحافية وكان موضع احتفاء النقاد بل وثناء عدد من رجال الدين البروتستانت (أي نعم!)، فإن الاهتمام الجماهيري قد كان، مثلما هو متوقع في زمن السطوة التلفزيونية، من نصيب برنامج ملفن براغ وليس كتاب الخالدي. وأرى، من وجهة نظري (مع التسليم، طبعا، بأن وجهة نظر العربي المسيحي قد تكون معاكسة تماما)، أن أهم الحقائق التي أبرزها البرنامج هي أن عيسى الذي يؤمن به المسلمون هو المسيح التاريخي وليس المسيح الأسطوري، وأن علاقة مسلمي اليوم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم علاقة ثابتة في خط تاريخي متصل (اللغة العربية ذاتها، والقرآن ذاته، وكذلك الصلاة والدعاء على الوجه ذاته، الخ) بينما لا ينطبق أيّ من هذا على علاقة مسيحيي اليوم بعيسى عليه السلام. هذا إضافة إلى إعلام الجمهور البريطاني أن المسلمين لا يفرقون بين أحد من الرسل والأنبياء الوارد ذكرهم في التوراة والإنجيل والقرآن، وأن إيمانهم لا يستقيم إلا بالإيمان بهم جميعا.
قصة هذا البرنامج التلفزيوني البريطاني، 'يسوع المسلم'، هي من أبلغ الأدلة على أن من الممكن للتلفزيون أن يكون أداة معرفية وحوارية بين الأديان. صحيح أن هذه القصة لا تنفي وجوب التسليم بخصوصية الحالة اللبنانية. إلا أنها تؤكد إطلاقية الفارق بين المجتمعات العلمانية، بما تتيحه من إمكانات الاغتناء الثقافي والاستنارة المعرفية (التي لا تلوذ بالفرار أمام احتمالات الصدمة أو الغربة أو الرهبة)، وبين المجتمعات الطائفية التي تضطر مختلف مكوناتها الدينية، سدا للذرائع ودرءا للفتنة، إلى التنازل عن الحق الطبيعي في تظهير سردياتها وإعادة إنتاج مروياتها. هي قصة نقيضين... اجتماعيا وتلفزيونيا. هي قصة ثقافتين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وجهة نظر الكاتب
خوليو -

بعد عرض مقالته يبدي لنا السيد الكاتب وجهة نظره وفحواها أن المسيح(يسمونه عيسى) القرآني هو المسيح التاريخي وليس الاسطوري، ولكن على ماذا استند السيد الكاتب ليصل لهذه النتيجة الخاصة ؟ على أن عيسى ولد في مكان قصي وتكلم في المهد ورفعه الله للسماء ووضع مكانه رجلاً لم يحدد اسمه ليتعذب بدلاً عنه ويصلب ويموت ولم يكتشف أحد لا من الرومان ولا من اليهود ولا أمه ولا مريم المجدلية هذا التبديل..وعلى العالم الحر وغير الحر أن يصدق ذلك بدون نقاش وتمحيص، وهذا تاريخ وليس أسطورة برأي الكاتب، بينما أن رجلاً جاء بفكرة معينة وصلب ومات من أجلها وقد أرخ ذلك مؤرخون يهود ورومان فهو أسطورة، الرومان الذين لهم باع طويل في الصلب(اسبارتاكوس وجميع الثوار الذين صلبوا على طول الطريق المؤدي لروما)، ولكن كيف يبرهن الكاتب أنه تاريخ ؟ يستند على أن قرآن محمد واحد وعلاقة أتباعه معه واحدة، لم نر بحياتنا باحثاً يستند على نظريته ونظرية من يوافقه ليبرهن أن هذا تاريخ وذاك أسطورة، عجيب أمر كتابنا يبدوا أن الصوم يفعل مفعوله.

Realistic
rami -

Be realistic and stop analyzing and comparing two different civilizations . What will happen and what will be the consequences if any TV will broadcast a series about the Prophet Mohammad??? This iranian series pictured Jesus in a wrong way not to say destructive and diminishing

احترام القرآن
ابو زياد -

المسيحيون العرب يعرفون جبدا نقاط الاحتلاف حول حياة السيد المسيح كما يراه المسلمون كما وردت في القرآن الكريم وهذه هي نقاط الاحتلاف فيما بينهم ولكنها لم تكن في اي يوم من الايام اختلافا يؤودي الى العنف او الاضطهاد الا انه وغي السنين القليله الماضيه ومع طهور المنضمات الارهابيه كالقاعده وغيرها وتصاعد حملات الكراهيه للمسيحيين من قبل المسلمين واتهامهم بالكفر والالحاد حتى وصلت الى حد تفجير الكنائس وقتل واختطاف المسيخيين كما يحدث غي العراق اليوم ثم تهجيرهم خارج بلادهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وبدل ان يأخذوا النصوص التى تدعوا بالاعتراف بالسيد المسيح ومريم العذراء كما وردت في القرآن راحوا يأخذون الاحاديث التى تدعوا الى الكراهيه والحقد واتهام المسيحيين بالكفر واهل الذمه وغيرها من الامر الى تدعو للحقد والكراهيه لو كان المسلمين يحترمون ما جاء في قرآمهم عن المسيح والسيده مريم العذراء لما فعلوا كل هذه الاعمال الارهابيه والاجراميه ضد المسيحيين وهذا كله يدل على عدم احترام المسلمين لدينهم ولا لنبيهم ولا لقرآنهم وما جاء فيه

الايمان المسيحي ماهو
النحل البري -

ولاده السيد المسيح معروفه في بيت لحم اتت به النبؤات في العهد القديم وبتدوين العهد الجديد لذلك بعد ان سجلوا الرسل اقوال السيده العذراء مريم وهي اعلم بذلك اين ولدت السيد المسيح...ثانيا تدوين موت السيد المسيح على الصليب بشهاده الناس والتابعين والاداره الرومانيه انذاك ولنفترض انه شبه لجميعهم هيئه السيد المسيح عند صلبه ولكن هنالك شاهد لا يمكن الغاء او تجاهل شهادته وشهادته وحده عن صلب السيد المسيح تقر وتعترف بها وهي امه مريم العذراء اذ لايمكن ان تخطئ بشخصيه ابنها والتي بقيت ملازمه له الى القبر ولايعقل ان يغش الله سبحانه وتعالى نظر السيده العذراء ويشبه لها ابنها اثناء الصلب وهو الذي سبحانه وتعالى ارسل اليها الملاك جبرائيل ليبشرها بالحمل الالهي ترى هل سيخدعها الله ويشبه لها ابنها وهو يصلب ..الله امين بتعامله ...القيامه وهي معترف بها اذ لايمكن ان يبقى السيد المسيح من عداد الاموات وهو حي وعن يمين العظمه يراقب بروحه ..هذه هي ركيزه العقيد المسيحيه الولاده الموت الحياه ...السلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا وقد حصل واتم كل النبؤات فيه ولا يمكن ان يموت مره اخرى لانه امات الجسد وبعث حيا من جديد ليثبت قول كلامه من امن بي وان مات فسيحيا ..فاين نحن من هذا الايمان.؟