غازي القصيبي ... وزير اللمسات الشخصية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله المغلوث
زاره القصيبي في المنزل دون سابق إنذار. ترافقه باقة زهور ومبلغ عشرة آلاف ريال. تأثر الفني كثيرا بهذه الزيارة. وعندما رزق بطفل بعد عامين من الحادثة لم يجد اسما أفضل من غازي
بدأت علاقتي بالدكتور غازي القصيبي منذ ولادة شقيقي الأصغر ماجد. فعندما كان الراحل وزيرا للصحة بادر بإهداء أهل المواليد الجدد بطاقة تحمل توقيعه مع صورة للطفل الطازج. كانا والديّ من الآباء المحظوظين الذين حصلوا على إهداء الوزير الممهور بتوقيعه. هذا الإهداء كان له أثر بالغ في نفوسهما حتى اليوم. كبرتُ وأنا محاصر باسمه. كان اسمه مرادفا لأي مبادرة ذكية وأي سلوك إنساني عظيم وأي منتج أدبي خلاق.
كبرتُ وأنا محاط بمؤلفاته المختلفة التي قرأتها تباعا بإعجاب وشغف شديد. أحببته كثيرا إثر أسلوبه الشيق غير المتكلف. وثقافته الواسعة، ومواهبة المتعددة. إعجابي المبكر بشخصيته الفريدة أثناء مراهقتي دفعتني لأن أحب كل ما تبقى منه. طريقة ارتدائه للغترة ومشيته وابتسامته. نشأت في مجتمع يندر فيه النجوم. فصار بالنسبة لي النجم المفضل والمثال والقدوة.
لم أحبه فحسب بل أحببت كل من أحبهم وأشار إلى أسمائهم تصريحا وتلميحا في مؤلفاته ومقالاته. أحببت والده الصارم عبدالرحمن وجدته الحنون الرؤوم سعاد. أحببت صديقه الصدوق عمران محمد العمران الذي شيد منزله بالتقسيط وكان وراء انتدابه الأول والمثير. أحببت المهندس يوسف الحماد الذي كان مساعدا له في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية قبل أن ينتقل معه وكيلا لوزارة الصناعة والكهرباء. أحببت مدير مكتبه في وزارة الصحة عبدالرحمن العبد الكريم الذي وصفه الدكتورعبدالعزيز الخويطر بأنه "أحسن مدير مكتب في العالم". أحببت صديقه الوزير البحريني يوسف الشيراوي الذي رثاه بقصيدة مؤثرة عام 2004 بعنوان (يا أعز الرجال).
رغم القرارات الكبيرة التي اتخذها غازي القصيبي وزيرا وسفيرا إلا أن لمساته الشخصية كانت هي الأقرب إلى نفسي. فقبل أن أقرأ كتابه (حياة في الإدارة) لم أكن أعلم أنه هو من كان خلف الشهادات التي يوقعها وزير الصحة لكل متبرع بالدم. وأنه هو الذي ساهم في إعطاء كل متبرع أكثر من عشر مرات ميدالية الاستحقاق. واكتشفت لاحقا أنه هو من وجه بوضع الآية الكريمة "وإذا مرضت فهو يشفين" في كل غرفة من كل مستشفى.
لكن أعظم لمساته الإنسانية الشخصية لم أكتشفها عبر كتبه بل من خلال حوار جمعني مع أحد محبيه قبل نحو سبع سنوات في الدمام. هذا الشخص فني متقاعد في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية. وقد روى لي موقفا نبيلا قام به الراحل معه. يقول الفني إن الفقيد استدعاه خلال إدارته للمؤسسة على انفراد بسبب انخفاض مستوى إنتاجيته. يتذكر الفني جيدا أن القصيبي استقبله بحفاوة بالغة وابتسامة هائلة. وافتتح الحوار معه بقوله: "أنا خادمك. ماذا تريد الآن؛ لتعود لنا فارسا لا يشق له غبار؟". حينها انهار الفني أمامه قائلا إن ظروف زوجته الصحية هي التي استنزفت ميزانيته وتركيزه. ووعده أن يعود كما كان فور أن يتجاوز هذه الظروف الطارئة. احتضنه حينها الراحل ثم انفض اللقاء. لم تمض سوى أيام قليلة على لقائهما في المكتب حتى زاره القصيبي في المنزل دون سابق إنذار. ترافقه باقة زهور ومبلغ عشرة آلاف ريال. تأثر الفني كثيرا بهذه الزيارة وما فيها. وعندما رزق بطفل بعد عامين من مرور هذه الحادثة لم يجد اسما أفضل من غازي لينادي به طفله ويوثق به موقفا إنسانيا نبيلا.
أنا على يقين تام أننا لو نقبنا في المؤسسات والأجهزة التي مر عليها غازي سنجد مئات القصص التي تجسد فروسية الفقيد ونبله. هذه الفروسية ليست ادعاءً أو زيفا بل منهجا وأسلوبا خطه لنفسه منذ البداية. فهو مؤمن بقول الشاعر الفرنسي جان دي لافونتين: "لن يبقى لك سوى صنيعك الحسن".
كلنا سنموت. لكن من منا سيترك أثرا جميلا كالذي تركه غازي. من؟
التعليقات
يمعالي الوزير
السنع -رحمك الله واسكنك جنة الفردوس والله انك لحظيظ بحب الناس ومن حب الله اليك حبوك الناس يسيرتك ومسيرتك العطرة واعزي نفسي ورفيقة دربك واولادك وبناتك وجميع محبيك
يمعالي الوزير
السنع -رحمك الله واسكنك جنة الفردوس والله انك لحظيظ بحب الناس ومن حب الله اليك حبوك الناس يسيرتك ومسيرتك العطرة واعزي نفسي ورفيقة دربك واولادك وبناتك وجميع محبيك