“حرب دينية” فلسطينية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حسام كنفاني
من الواضح أن هناك نوعاً من اليأس في التعاطي مع ملف المصالحة الفلسطينية، رغم بعض الجهود التي تقوم بها ldquo;شخصيات مستقلةrdquo;، في مقدمتها منيب المصري . جهود هي في الغالب دعائية أكثر منها جدية، ولا سيما أن معطيات الملف ليست في يد هذه الأطراف، وهي معطيات تزداد تعقيداً .
أحدث تعقيدات ملف المصالحة كان خطاب رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية قبل أيام، والبيان الذي تلاه المتحدث باسم ldquo;حماسrdquo; فوزي برهوم . بين الخطاب والبيان مؤشرات خطيرة جداً على تحوّل الخلاف السياسي بين ldquo;حماسrdquo; وrdquo;فتحrdquo; إلى ما يشبه الحرب الدينية، لا سيما بعد الإجراءات التي قامت بها السلطة الفلسطينية في مساجد الضفة الغربية .
ملامح الحرب الجديدة أعلنها هنية يوم الثلاثاء الماضي، قبل أن يعود أول من أمس إلى الدعوة للقاء حواري بين الفصيلين الفلسطينيين المتناحرين . الدعوة الأخيرة غير منطقية، ولا تنسجم مع الطبيعة الجديدة للصراع . فإسماعيل هنية خرج ليعلن قبل أيام أن السلطة الفلسطينية تشن ldquo;حرباً على اللهrdquo; . معطى جديد وخطير في العلاقات الداخلية الفلسطينية، التي تخطت خلافاتها حاجز السياسية، لتدخل في باب الخلاف العقائدي . هذا ما يوضحه بيان فوزي برهوم، لا سيما تهجمه على فتح النوادي الليلية في الضفة الغربية . إنه خلاف في الأسس على شكل الدولة وطبيعة حكمها . هذه حقيقة يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار عند التعاطي مع ملف المصالحة مجدداً . الأمر ليس مجرّد ملاحظات على الورقة المصرية أو تعديلات في بنود منظمة التحرير والانتخابات والقوى الأمنية . إنه خلاف بعنوان ldquo;أي شكل للدولة نريد؟rdquo; .
هذا العنوان سيكون طابع المرحلة المقبلة من الخلاف . طابع مثير للقلق في حال أخذ معطى عنفوي، كما كانت عليه الحال في تجارب بعض الدول العربية، ومصر في مقدمتها . الأمر لا يزال في بدايته، لكنه يبدو ذاهباً باتجاه تصعيدي في حال لم تكن هناك مساعٍ للملمة هذا النوع المستجد من الخلاف . قد يكون هذا الخلاف قديماً، لكنه يظهر للمرة الأولى في هذا الشكل الفج، سواء من قبل حركة ldquo;حماسrdquo; وتصريحات قادتها، أو من قبل السلطة الفلسطينية التي بدأت بمحاصرة عمل المساجد خشية تمدد الحركة الإسلامية في الضفة الغربية .
علينا أن ننسى المصالحة الفلسطينية في المرحلة المقبلة، وليكن العمل على إطفاء فتيل هذا الشكل من الحروب الدينية التي بدأت تطل برأسها على الساحة . إطفاء الفتيل يقع على عاتق المسؤولين الفلسطينيين قبل غيرهم، هذا في حال أرادوا تجنيب الشعب الفلسطيني موجة بؤس جديدة، يكون قادته هذه المرة هم صانعوها .