قلة الزوار وغياب الحماية يشجعان سرقة متاحف مصر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة - سيد محمود
أعلنت وزارة الثقافة المصرية أمس أن اجراءات اتخذت لإنشاء غرفة مراقبة مركزية فى القاهرة لربط غرف المراقبة الموجودة في المتاحف الأثرية والتاريخية والفنية عبر شبكة إلكترونية خاصة إضافية لمتابعة عمليات التأمين الجارية بمختلف المتاحف والمواقع الأثرية فى مصر.
ويأتي الإعلان عن انشاء الغرفة الجديدة بعد ساعات من قرار قاضي محكمة الجيزة صباح أمس، تجديد حبس محسن شعلان وكيل أول وزارة الثقافة ورئيس قطاع الفنون التشكيلية وأربعة موقوفين آخرين لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجرى معهم في قضية سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان العالمي فان غوخ من متحف محمد محمود خليل.
وأعلن الدكتور زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار في بيان إن فاروق حسني وزير الثقافة شكل لجنة برئاسته تهدف إلى مراجعة النظم الجارية كافة فى تأمين القطع الفنية ومدى احتياجاتها وتلبية هذه الاحتياجات من الإمكانيات المادية والإلكترونية وتدريب الأفراد المؤهلين لذلك بالتعاون مع هيئة الأمن القومى.
وصرح حواس بأن المتاحف الأثرية المفتوحة وعددها ثلاثة وعشرون متحفاً مؤمنة تماماً بوسائل التأمين الآلية كافة ومنها كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار ومكافحة الحرائق إضافة للعنصر البشري الذى يتمثل فى مراقبي الأمن وعناصر شرطة السياحة والآثار وأن هذه المنظومة تعمل وفق تنسيق ومتابعة دقيقة على مدار الأربع والعشرين ساعة.
وكان المتهمون في قضية سرقة "لوحة زهرة الخشخاش" نفوا خلال التحقيقات ما هو منسوب إليهم من اتهامات بالإهمال والتقصير والإخلال في أداء واجباتهم الوظيفية ما ألحق ضرراً جسيماً بأموال الجهة التابعين لها من خلال التسبب في سرقة اللوحة البالغة قيمتها 55 مليون دولار أميركي، فيما طالب الدفاع عنهم بإخلاء سبيلهم.
وكشفت التحقيقات المستمرة منذ وقوع الحادث أن وكيل أول وزارة الثقافة محمد محسن شعلان له مقر دائم بمبنى متحف محمود خليل، ويتواجد فيه بصورة يومية وسبق صدور قرار وزير الثقافة عام 2006 بتفويضه في سلطات الوزير في الشؤون المالية والإدارية للمتاحف ومنها ما هو متعلق بجميع الأعمال المالية والإدارية الخاصة بالتشغيل وإدارة المتحف.
وعلمت "الحياة" من مصادر موثوقة داخل قطاع الفنون التشكيلية ان جهات التحقيق بدأت في القيام بعمل "فيش وتشبيه" للحصول على بصمات جميع العاملين بالقطاع بعدما تواترت أنباء تشير الى أن المتهم بالسرقة وثيق الصلة بـ"القطاع"، فيما أكد الناقد التشكيلي أسامة عفيفي للـ "الحياة" "ان لوحة زهرة الخشخاش سرقت خلال توجه موظفي الحراسة في المتحف لأداء صلاة الظهر" وأشار الى تأكد جهات التحقيق من تلك المعلومة التي تشير الى "خلل في إجراءات التأمين والحراسة بعد تعطل أجهزة المراقبة والإنذار الإلكتروني". وكانت التحقيقات أكدت أن إجراءات التأمين داخل متحف محمود خليل كانت تتم بصورة شكلية مستندية فقط وبطريقة عشوائية غير مدربة.
واعتبر عفيفي ان وزارة الثقافة المصرية لا تتحمل وحدها مسؤولية "فقدان اللوحة" بسبب ضعف الموازنة المخصصة للصيانة وتأمين الأجهزة الدقيقة، فيما أكد الفنان التشكيلي عادل السيوي ان نظام العمل في مصر "منهار بالكامل" ولا يمكن معالجة القضية بطريقة "كبش الفداء" في اشارة الى المصير الذي ينتظر محسن شعلان. ورأى السيوي "ان اللوحة المسروقة لن تباع بعدما أُبلغ الانتربول وصالات البيع العالمية بسرقتها".
وشكك السيوي في خضوع مقتنيات متحف محمد محمود خليل لأي من أشكال التأمين كما هو متبع في بقية "متاحف العالم" وقال: "معلوماتي ان مقتنيات المتحف لم تخضع لأي نوع من التأمين داخل مصر وإنما التأمين يقتصر على حالات السفر والعرض خارج مصر وهذه كارثة حقيقية". وشدد على ان المشكلة الناتجة عن سرقة اللوحة تؤكد غياب الثقافة المتحفية في مصر حيث اشارت التحقيقات الأمنية الى ان عدد زوار المتحف أقل من 10 يومياً وهو رقم "هزيل" سببه غياب برامج التربية المتحفية. وانتهى الى القول بأن "المتاحف المهجورة تشجع على السرقة".
والمعروف ان متحف محمد محمود خليل يضم أعمالاً فنية أوروبية بارزة من القرنين التاسع عشر والعشرين (تقدر قيمتها الحالية بـ 11 بليون دولار) جمعها السياسي الراحل محمد محمود خليل. وخلال العقود الثلاثة الماضية تكررت عمليات سرقة أعمال فنية من متاحف مصرية بسبب إهمال تأمينها. وتبنت مجموعة على موقع "فايس بوك" حملة للمطالبة بإقالة فاروق حسني من منصبه وربطت واقعة السرقة بوقائع فساد إداري ومالي تورط فيها رجال الوزارة.