السياسات غير الواعدة في مكافحة «القاعدة»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نبيل حاوي
الحرب على الارهاب تأخذ اكثر من منحى. المناقشات بشأن "القاعدة" وشركائه تنم عن خلافات متعددة الأوجه.
بعض التصريحات يستفاد منها اعتراف بوجود تقصير فادح، بدءا من افغانستان وباكستان، وصولا الى موريتانيا ومالي والمواجهة مع ما يسمى "قاعدة المغرب الاسلامي"، باعتراف صريح من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وحال اليمن قد يختلف، من الناحية الجيوسياسية، عن حال الصومال مع أن هناك روابط خفية بين المتطرفين على "ضفتي" البحر الاحمر. لكن مسؤولا اميركيا كبيرا في مكافحة الارهاب اعتبر ان القاعدة تشكل تهديدا متزيدا لليمن، وان الامر قد يضطر الاميركيين لشن هجمات جوية بطائرات بلا طيار.
المشهد لم يكتمل إلا بإعلان السلطات اليمنية استغرابها لما اسمته "التضخم الغربي لمخاطر القاعدة"، معلنة ان "مكافحة القاعدة من مسؤوليتنا نحن"، مطالبة "الاصدقاء بدعم صنعاء في حربها هذه".
هذا مع العلم بأن أوساطا يمنية وأجنبية تتهم الحكومة في صنعاء بأنها المستفيد الأكبر من تضخيم دور "القاعدة"، إن لم تكن هي التي بادرت الى اطلاق احكام جاهزة كلما وقع التذمر، او برز نوع من التذمر، او التظاهر المطلبي او النقمة ذات الطابع المناطقي (الجنوبي وغيره)، دائما يتسابق المسؤولون والاعلام الحكومي الى القول:
انهم القاعدة، والمتواطئون مع القاعدة في "الحراك الجنوبي" وحتى في العاصمة وضواحيها، ولا وجود لأي مطالب أو مشاكل ونوائب!
في الحقيقة، فان من طباع الجماعات الارهابية، ولاسيما القاعدة، انها تستظل المناطق المهمشة وتستغل غياب التنمية، أو التمييز السلطوي ضد جماعات محلية أو قبلية، فتتحول هذه البقعة أو تلك الى أرض خصبة للقاعدة وسواها.
هذا حدث ويحدث في افغانستان وفي باكستان وانحاء من جمهوريات آسيا الوسطى.
وهذا يحدث في ما بعد المغرب العربي وشرق الصحراء الافريقية وجنوبها، وهذا يحدث في اليمن، ولو في صيغ تختلف من بقعة الى أخرى.
لو كانت هناك معالجة متكاملة أمنية واستخبارية واجتماعية وانمائية - وقبلية في بعض الأماكن - لكانت مهمة مكافحة الارهاب اسهل بكثير.
ولو لم يكن هناك تراكم للمشاكل واصرار على السياسات الخاطئة، واستهتار بالحد الأدنى من مستلزمات التنمية لكان اقتلاع القاعدة بمنزلة مهمة يومية قليلة التكاليف ومكللة بالنجاح، وما كان المجتمع الدولي يصطدم في كل مرة بمفاجآت مدوية تليها ردود فعل مرتبكة ودعوات متأخرة لالتقاط الأنفاس.