جريدة الجرائد

الإسلام السياسي وعمى الألوان!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بينة الملحم

فيما لا يراه كثيرون من بأس بتهوينهم لمسألة التشدد وعدم الاكتراث بخطورته أنه ربما غاب عن أذهانهم أن خطورة المتشددين تكمن في الخلط الذي لا يدركونه بين عمليات التدين الطبيعي ، والتشدد المربوط بالإسلام السياسي ، ذلك الكيان الفكري الخطير على الإسلام قبل المسلمين من خلال تحويل الإسلام من مضمون روحي وديني إلى مجرد أفكار أيديولوجية تتجه نحو طلب السلطة عبر تهديد الدول الآمنة والتأسيس لأفكار تحارب الحكومات .

وليت الأمر وقف عند هذا الحد ! ، ففي أحيان كثيرة وقريبة يستميت الإسلام السياسي لخداع الدول في مصطلحات إسلامية المنشأ تنظيمية الهدف . هذا التحويل للإسلام من دين أمة إلى دين حزب هو ما يهدد الصورة الإنسانية المشرقة التي كسبها الإسلام عبر التسامح الذي رسخه أتباعه المعتدلون .

سوى الكارثة أن التشدد هو الأعلى صوتاً ! ، فخلال العقود الماضية فهم الغربيون الإسلام من خلال المتشددين الذين يهددون سلم الدول وأمن المجتمعات خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

الخطوط الحمراء تجاوزها التشدد مرتين في مجتمعاتنا ، في المرة الأولى عندما استباحوا الوطن وقاموا بالتفجيرات تحت ذرائع واهية ، وفي المرة الثانية تتمثل في ركوب المنحنى الخطير لممارسة مفاهيم سياسية وفرضها على المجتمع .

حيث يبدو أن هناك محاولات خطيرة لإعادة تشكيل الفكر المتشدد عبر تجاوزه الخطوط الحمراء واللعب بالمصطلحات الدينية (مثل السلفية والأصولية ) ، ومحاولة توظيفها لإعادة تسمية الكيان السياسي للوطن من خلال رؤيتهم .

وإلا ، ماذا سنفسر محاولة أحدهم حينما طرح مقترحه عبر موقع الكتروني مشهور بتحويل السلفية من منهج تطبيقي اتباعي إلى منهج سياسي على شكل شعار حزبي صارخ؟

عندما تصاب التيارات المتشددة بعمى الألوان وخاصة الأيديولوجيات فإنها لا تدرك الفرق بين الخطوط الحمراء والخطوط الصفراء ، وهنا تكمن الخطورة . هذه المؤشرات ظهرت من التيار السلفي عبر محاولة إقحام كلمات مثل (السلفية ) لإعادة تشكيل البناء الوطني للمجتمع مستغلين سعة مصطلح "السلفية" وتعدد تأويلاته.

أظنّ أننا بحاجة إلى تجاوز الاقتراحات الانقلابية التي تريد تغيير مسميات دول إسلامية ترعى الإسلام وتحرسه فقط لتحقيق أغراض وأهداف حزبية ضيقة .

هناك محاولات كبيرة لنشر الاعتدال الإسلامي نراهن عليها وإن كانت في بداياتها آمل أن تؤتي ثمارها يانعة لتضع أمصالها في فيروسات التشدد منهية عقوداً من السير نحو الوراء تحت يافطات متعددة تزايد على المسلمين في إسلامهم الذي عرفوه وفهموه منذ أربعة عشر قرناً، ولا يحتاجون إلى أحزاب تحاول عسكرة المفاهيم الإسلامية الواضحة .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف