المغالطات في قصة زهرة الخشخاش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
rlm; محمـد سلمــاوي
تناثرت في الفترة الأخيرة معلومات كثيرة مغلوطة بمناسبة السرقة التي حدثت في متحف محمد محمود خليل وحرمهrlm;,rlm; وقد يدهش البعض حين يعلم أن اللوحة التي سرقت ليس اسمها زهرة الخشخاشrlm;,rlm;
وأن اسم صاحبها لا ينطق فان جوخrlm;,rlm; وأنها ليست من بين أعماله المهمةrlm;,rlm; وأنها لا تساوي الآنrlm;55rlm; مليون دولارrlm;,rlm; كما أنها ليست لوحة مزيفة أيضاrlm;.rlm;
أما أكبر المغالطات التي ترددت حول هذا الموضوع فهي أن محمد محمود خليل أوصي بأن تتحول مجموعته الفنية إلي متحف للشعبrlm;,rlm; وهو ما لم يحدث علي الإطلاقrlm;.rlm;
فاللوحة المقصودة التي لا تزيد مساحتها عليrlm;53rlm; سمrlm;*64rlm; سم وردت لأول مرة في السجل الرسمي لمجموعة محمد محمود خليل بالاسم الذي اشتريت به وهوrlm;vaseetfleursrlm; أي آنية وزهورrlm;,rlm; ولست أعرف لماذا أطلقنا عليها اسم زهرة الخشخاش؟ ربما كوسيلة لوصف موضوعهاrlm;,rlm; برغم أن الزهور الصفراء التي تملأ الآنية وتشكل قلب اللوحة ليست زهرات الخشخاش الحمراءrlm;,rlm; وإنما زهور أخري صفراء اللون تعرف باسمrlm;genetrlm; بالفرنسية وrlm;gennetrlm; بالإنجليزية وهي من فصيلة المارجريت ويطلق عليها بالعربية اسم زهرة الوزالrlm;,rlm; ولا يوجد في الآنية إلا زهرتان وحيدتان من نوعية الخشخاش في الركن الأيسر السفلي من اللوحةrlm;.rlm;
لذلك فحين ذهبت اللوحة ضمن مجموعة محمد محمود خليل إلي فرنسا للترميم عامrlm;1994rlm; وعرضت المجموعة بعد ذلك كاملة في متحف أورساي بباريس عرضت باسمها الأصلي وهو آنية وزهور وأضيف إليها عنوان فرعي هوrlm;genetsetcoquelicstsrlm; أي زهور وزوال وخشخاش ولم تعرض اللوحة باسم زهرة الخشخاشrlm;.rlm;
أما عن اسم الفنان الذي أبدع اللوحة فهو يعرف في بلده هولندا باسم فان خوخ وليس فان جوخrlm;,rlm; وهذه اللوحة ليست من أهم أعماله فقد رسمت عامrlm;1886rlm; في بداية وصول الفنان إلي باريس واهتمامه في ذلك الوقت بالزهورrlm;,rlm; وهي لا تحمل السمات الفنية التي ميزت أعماله فيما بعد وجعلت منه أحد أشهر الفنانين في العالمrlm;,rlm; ويري مؤرخو الفن أنه كان متأثرا فيها بأعمال فنان ريفي من مرسيليا يدعي أدولف مونتشيلليrlm;(1824rlm; ـrlm;1886),rlm; كان فان خوخ يكن له إعجابا كبيرا في تلك المرحلة الأولي من حياتهrlm;,rlm; ومن يريد بيان التشابه بين هذه اللوحة وأعمال مونتشيللي لا يحتاج للذهاب بعيداrlm;,rlm; ففي متحف محمد محمود خليل نفسه توجد لوحة لمونتشيللي بنفس مساحة لوحة فان خوخ تقريبا تحمل عنوان باقة من زهور الحقل في آنيةrlm;,rlm; وتشير بوضوح إلي تأثير هذا الفنان علي لوحة فان خوخ موضوع حديثناrlm;.rlm;
ولقد توصل فان خوخrlm;(1853rlm; ـrlm;1890)rlm; إلي أسلوبه الفني الخاص خلال السنتين التاليتين علي رسمه لهذه اللوحةrlm;,rlm; وقد أمضاهما يرسم كل أنواع الزهور خاصة زهرة عباد الشمس التي اشتهر بها ورسمهاrlm;,rlm; كما لم يرسمها أحد من قبل فأصبحت هي علامته المميزةrlm;,rlm; ولقد بيعت إحدي تلك اللوحات منذ بضع سنوات بنحو مائة مليون دولارrlm;,rlm; وكان هذا هو أعلي سعر حققته أعمال فان خوخ في سوق الفن الدوليةrlm;,rlm; أما بقية أعماله فتتراوح أسعارها ما بين الخمسين مليونا والمائة مليونrlm;.rlm;
علي أن تعدد أسماء لوحة فان خوخ لا يشكك بأي حال من الأحوال في أصالتهاrlm;,rlm; كما أن كونها ليست من أعظم أعمال الفنان لا يقلل بأي حال من الأحوال من قيمتهاrlm;,rlm; فتوقيع الفنان علي أي سطح ملون يساوي في حد ذاته الملايينrlm;,rlm; من هنا فإنه لا يمكن التهوين من فداحة حادث السرقة المؤسف الذي وقعrlm;,rlm; ولا ينبغي الالتفات لما يقال من أن اللوحة كانت مزورة اعتمادا علي أنها سرقت عامrlm;1977,rlm; وأن ما تم إعادته كان نسخة مزورة منهاrlm;,rlm; فتلك مغالطة أخري من المغالطات التي ترددت في الأيام الأخيرةrlm;.rlm;
وتعود هذه القصة لعامrlm;1988rlm; حين قرأ الأديب الراحل يوسف إدريس عن أن لوحة لفان خوخ تمثل زهورا بيعت بإحدي قاعات المزاد في لندن بـrlm;43rlm; مليون دولارrlm;,rlm; وكان الكاتب الكبير الدكتور يوسف إدريس رحمه الله شديد الانفعال في ردود أفعالهrlm;,rlm; كما هو معروفrlm;,rlm; فكتب علي الفور علي صفحات الأهرام في شهر يونيو من ذلك العام يقول إن اللوحة التي أعيدت لنا بعد السرقة هي نسخة مزيفةrlm;,rlm; وإن اللوحة الأصلية قد بيعت أخيرا في لندنrlm;,rlm; مما أثار زوبعة هائلة في ذلك الوقتrlm;.rlm;
ولما كنت آنذاك وكيلا لوزارة الثقافة ومسئولا عن العلاقات الثقافية الخارجية فقد كلفني الوزير فاروق حسني باستجلاء الأمرrlm;,rlm; فأرسلت رسميا لقاعتي كريستي و سوذبي في لندن أسأل عن لوحة فان خوخ التي بيعت أخيرا فجاءني ما يفيد أنها كانت إحدي لوحاته الصغيرة المعروفة المصدر ولم تكن مسروقةrlm;,rlm; وأن الزهور التي كانت بها كانت زهور إيريس وليست الزهور التي في لوحتناrlm;.rlm;
والحقيقة أنه قد تم إرسال أوصاف لوحتنا عند سرقتها إلي البوليس الدوليrlm;,rlm; ولم يكن من الممكن للوحة أن تباع في أي مكان عام وأوصافها موجودة لدي الإنتربولrlm;,rlm; فما بالك بـ كريستي و سوذبي وهما أكبر قاعتين في العالمrlm;.rlm;
أما شهادة الأصالة الأهم في رأيي فهي تلك التي توصل إليها فاروق حسني حين اتفق في عامrlm;1994rlm; مع متحف أورساي بباريس علي ترميم مجموعة اللوحات الفرنسية الموجودة في مصر والخاصة بمتحف محمد محمود خليل وحرمه ومتحف الجزيرة وهي مجموعة مهمةrlm;,rlm; وعمل الصيانة التي عادة ما تحتاجها اللوحات الفنية بين آن وآخر في مقابل أن تعرض المجموعة كاملة في متحف أورساي بباريس في نهاية ذلك العام قبل عودتها للقاهرةrlm;.rlm;
فإلي جانب عملية الترميم خضعت لوحات المجموعة التي تمثل ثروة تقدر بمئات الملايين لعملية توثيق علميةrlm;,rlm; تم من خلالها تتبع تاريخ كل لوحة وعرضها علي الخبراء للتأكد من أصالتهاrlm;,rlm; وهكذا تم التأكد مثلا من أن تمثال بلزاك الموحود ضمن المجموعة هو بالفعل للمثال الكبير رودان برغم أنه لا يحمل توقيعهrlm;.rlm;
وقد أصدرت فرنسا بهذه المناسبة كتابا ضخما حول المجموعة المصرية سمته لوحات القاهرة المنسيةrlm;Lesoubliesducairerlm; أصبحت اللوحات المصرية بموجب ذلك جزءا من الكتالوج العالمي لفنون القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرينrlm;,rlm; أما بالنسبة لنا فقد كانت تلك هي الشهادة الدامغة بأصالة مجموعتنا من عقر دار الفن الفرنسيrlm;.rlm;
لذلك لم أفهم كيف يتحدث أحد ثانية عن أن لوحاتنا مزيفة أو أن لوحة فان خوخ المسروقة مزيفة؟ إن السعر الموضوع علي اللوحة وهوrlm;55rlm; مليون دولار هو ذلك الذي قدرته جهات التأمين الفرنسية لهذه اللوحة حين ذهبت لفرنساrlm;,rlm; وكان ذلك منذrlm;16rlm; عاماrlm;,rlm; مما يعني أن سعرها يمكن بسهولة أن يكون قد تضاعف الآنrlm;,rlm; فهل كانت ستدفع فرنسا هذا المبلغ في لوحة مزيفة؟
ومع ذلك فلم تكن لوحة فان خوخ هي أغلي لوحات المجموعة التي تضم روائع لديلا كرواه وأنجرو تولوز لوتريك ورونوار وديجا ومونيه ومورو ورودان وغيرهمrlm;,rlm; وقد قدرت لوحة بول جوجان الشهيرة الحياة والموت علي سبيل المثال بأكثر من لوحة فان جوخ حيث وصل سعرها إليrlm;83rlm; مليون دولار في ذلك الوقتrlm;.rlm;
ومن الغريب أن من يطلقون هذه الأقاويل هم الذين ينددون بحادث السرقةrlm;,rlm; فكيف نأسف علي سرقة ما هو مزيف؟ لقد كانت اللوحة أصلية بشهادة بيوت الخبرة الفرنسية وحادث السرقة لا يمكن التقليل من شأنهrlm;,rlm; فهو حادث فادح مثله مثل أي حادث سرقة آخر للأعمال الفنية في العالمrlm;,rlm; وهي حوادث كثيرة ومتكررة حيث يقدر متوسط أحداث السرقة في المتاحف الفرنسية وحدها بـrlm;35rlm; حادثا في كل عامrlm;,rlm; ومعظم هذه الأعمال مازالت مفقودة حتي الآنrlm;,rlm; وقبل سرقة لوحة فان خوخ من متحف محمد محمود خليل بثلاثة أيام فقطrlm;,rlm; أي في يومrlm;18rlm; أغسطس الحالي سرق من متحف بلفور بمدينة بروج في بلجيكا تمثال للفنان السريالي سلفادور دالي يزن عشرة كيلوجرامات وضعه أحد الزوار في حقيبةrlm;!!rlm; وخرج به من المتحف دون أن تصوره الكاميرات ودون أن تنطلق أي صفارات من أي نوعrlm;,rlm; وفي مايو الماضي سرق من متحف الفن الحديث بباريس لوحات قيمتهاrlm;127rlm; مليون دولار لبيكاسو وماتيس ومودلياني وبراك بعد أن تم قطعها من إطارها بالطريقة نفسها التي سرقت بها لوحتناrlm;,rlm; ولم يتم العثور علي أي منها حتي الآنrlm;.rlm;
ويقدر عدد اللوحات المسروقة التي مازالت مفقودة حتي الآن بما لا يقل عنrlm;200rlm; لوحة من بينها ست لوحات لفان خوخ وحده تضاف إليها بالطبع لوحته التي سرقت يومrlm;21rlm; أغسطس الحالي من عندناrlm;.rlm;
ويقول الخبراء إن سرقة اللوحات ليست مستحيلة برغم كل إجراءات الأمن الإلكترونية والحراسة الآدميةrlm;,rlm; لكن الصعوبة هي في محاولة بيعهاrlm;,rlm; ففي حالة متحف الفن الحديث بباريس تمكن اللصوص من الوصول إلي النافذة الوحيدة في المبني التي لم يكن عليها جهاز إنذار وتمت السرقة في اللحظات الفارقة ما بين تغيير دورتي حراسةrlm;.rlm;
أما قصة تحويل منزل محمد محمود خليل وحرمه إلي متحف فهي الأخري يكتنفها الكثير من المغالطات التاريخيةrlm;,rlm; حيث لم يرد في وصية صاحب البيت أي شيء حول التبرع به للدولة ولا تحويله إلي متحفrlm;,rlm; والذي حدث هو أن محمد محمود خليل بكrlm;(1877rlm; ـrlm;1953)rlm; وهب القصر الواقع في الجيزة والمبني علي طراز معماري يجمع بينrlm;(rlm; النيوكلاسيكrlm;)rlm; وrlm;(rlm; الآر نوفوهrlm;)rlm; إلي زوجته الفرنسية إميليين هكتور لوس بما يحتويه من أثاث ومن أعمال فنيةrlm;,rlm; وذلك بعقد رسمي مسجل فيrlm;19rlm; ديسمبرrlm;1947,rlm; أي قبل وفاته بست سنواتrlm;.rlm;
وكان هذا التصرف في ملكية القصر الكائن برقمrlm;1rlm; شارع كافور البالغة مساحته نحوrlm;8rlm; آلاف متر هو التصرف الرابع في ملكية القصرrlm;,rlm; فقد بناه في بداية القرن العشرين أحد أفراد عائلة سوارس اليهوديةrlm;,rlm; وهي غير عائلة ساويروس المصريةrlm;,rlm; وكان لصاحبه نشاط كبير في مجال البنوك والأعمال لكنه لم يرزق بأطفال فانتقلت ملكية القصر حسب وصية صاحبه روفائيل مناحم سوارس إلي ابنة زوجته بعد وفاته عامrlm;1909rlm; ثم بيع القصر إلي أحد أفراد العائلة المالكة عامrlm;1925rlm; إلي أن اشتراه في الأربعينيات سعادة محمد محمود خليل بك ليهبه بعد وفاته عامrlm;1953rlm; إلي زوجته الفرنسية وليس للدولةrlm;.rlm;
لكن ما إن توفي محمد محمود خليل وزير الزراعة السابق ورئيس مجلس الشيوخ والوفدي الكبير حتي اكتنف الصراع كل تركته التي كانت تقدر بالملايينrlm;.rlm;
كان أطراف هذا الصراع الذي ذاع آنذاك في الصحف والمجلات ثلاثةrlm;:rlm; أولا الزوجة الفرنسية التي آل إليها القصر بما فيهrlm;,rlm; ثانيا السيدة سعاد راشد إحدي سيدات المجتمع التي تزوجها محمد محمود خليل لفترة قصيرة علي زوجته الفرنسية وأنجب منها ابنا واحدا هو عمرو ثم طلقهاrlm;,rlm; وثالثا الدكتور خليل عزمي ابن عم محمد محمود خليل الذي دفع بأنه وريث شرعي وأن المتوفي لم يكن له أبناءrlm;,rlm; فكيف حدث كل ذلك؟
لقد شككت سعاد راشد التي كانت ظروف زواجها من محمد محمود خليل في أوائل الأربعينيات يشوبها الكثير من الغموضrlm;,rlm; في عقد الهبة الذي آل به القصر إلي الزوجة الفرنسيةrlm;,rlm; وذلك علي أساس أنه نص علي أنه في حالة وفاة الزوجة الفرنسية في أثناء حياته لا يرث القصر عنها أقاربها الفرنسيونrlm;,rlm; وإنما يعود إلي صاحبه الأول محمد محمود خليلrlm;,rlm; وهذا يعني انتفاء صفة الملكية الكاملة للزوجة الفرنسيةrlm;,rlm; ومن ثم يعتبر القصر إرثا ضمن تركة محمد محمود خليلrlm;,rlm; ويرثه ابنه الوحيد من سعاد راشد والبالغ آنذاك تسع سنواتrlm;.rlm;
ثم تدخل فجأة الدكتور خليل عزمي في الدعوي القضائية التي كانت قائمة بين الزوجتين معلنا في المحكمة أن محمد محمود خليل كان قد بعث لوالد خليل عزمي بخطاب من باريس قال فيه إنه سيجري عملية جراحية هناك وأنها ستتسبب في منعه من الإنجاب وأنه بذلك يستحق ثلاثة أرباع التركة لأن عمرو خليل بذلك لا يكون ابن مورثهrlm;.rlm;
لكن خليل عزمي توفي في أثناء نظر القضية في مارسrlm;1958rlm; دون أن يقدم الخطاب المذكور مما أفاد دعوي سعاد راشد التي أثبتت أن محمد محمود خليل نفسه لم ينكر أبوته لعمرو وأنه كان يصرف لها نفقة شهرية للإنفاق عليه قدرها خمسون جنيها في ذلك الوقتrlm;,rlm; أي ما قد يساوي خمسة آلاف جنيه الآنrlm;,rlm; وأن الابن ظل يحمل اسم أبيه منذ مولدهrlm;.rlm; وبعد سنتين من وفاة الدكتور خليل عزمي وفي شهر مارس نفسه توفيت إميليين هكتور لوس الزوجة الفرنسية لمحمد محمود خليل عنrlm;84rlm; عاما في أثناء نظر القضيةrlm;,rlm; وما إن انتهت مراسم جنازة الزوجة الفرنسية التي كانت قد أشهرت إسلامها قبل ذلك بسنوات ودفنت في القبر الذي بناه زوجها بالإمام الشافعي حتي وقف محاميها الأستاذ حسن الإبراشي يقرأ أمام الورثة المشدوهين ومندوبي بيت المال الذين جاءوا لتحصيل الضرائب علي القصر تفاصيل وصية موكلتهrlm;,rlm; مؤكدا أنه ليست هناك تركة للورثةrlm;,rlm; وبالتالي ليست هناك ضرائب تحصل عليها لأن المتوفاة أوصت بالقصر وجميع محتوياته من لوحات وتحف وأثاث إلي الدولة ليتحول إلي متحف
وأورد حسن الإبراشي نص الوصية التي قالتrlm;:rlm; ويهمني هنا أن أوضح أنني قد أردت بهذه الوصية أن أعبر عما أشعر به في الصميم من حب لمصر التي صارت لي وطنا منذ زواجي بالمرحوم محمد محمود خليلrlm;,rlm; وأني أذكر ما أحاطني به من عطف وما شملني به من عناية كزوج مخلص بادلني حبا بحبrlm;,rlm; ولقد رأيت من حقه علي أن أخلد ذكراه في نفوس مواطنيه كجندي من أبر جنود مصر الأوفياءrlm;,rlm; ومن أجل ذلك فإنني أقرن وصيتي بشرط أقتضيه من الحكومةrlm;,rlm; وهو أن يجعل من المنزل والتحف الذي يضمه متحفا باسم محمد محمود خليل وحرمه علي أن يفتح هذا المتحف للجمهورrlm;,rlm; وإذا رأي أن توضع تعريفة دخول فلتكن زهيدة بحيث يكون الدخول ميسورا للجميعrlm;.rlm; وحتي ذلك الحين لم يكن القضاء قد بت في موضوع الهبة التي آل القصر بمقتضاها إلي السيدة إميليين لوسrlm;,rlm; فاعترضت سعاد راشد علي تنفيذ الوصية وفرضت المحكمة الحراسة علي القصر وصدر حكم بتعيين وزير الثقافة آنذاك الدكتور ثروت عكاشة حارسا علي القصر إلي أن تصدر المحكمة حكمها في القضيةrlm;.rlm;
وتوجه الأستاذ حسن الإبراشي المحامي إلي القصر الجمهوري بالقبة يومrlm;26rlm; مارسrlm;1960rlm; وكتب في دفتر التشريفات كلمة رجا فيها أن تنال هدية موكلته الموصية للدولة حسن القبولrlm;,rlm; فأفتي مجلس الدولة للمحكمة بصحة عقد الهبة وتحول القصر إلي متحف محمد محمود خليل وحرمهrlm;,rlm; حسب وصية الزوجة الفرنسية التي أحبت مصر ـ أو كرهت الزوجة المصرية ـ وليس بوصية صاحب القصرrlm;,rlm; وكانت تعريفة الدخول آنذاك خمسة قروش التزاما بوصية الواهبةrlm;.rlm;
لكن ما لم تلتزم به الدولة في وصية السيدة إميليين هكتور لوس هو أنها لم تبق علي القصر كمتحفrlm;.rlm;
ففي عهد الرئيس أنور السادات تم نقل جميع محتويات القصر إلي قصر الأمير عمرو إبراهيم أمام نادي الجزيرة بالزمالك وألحق القصر بمنزل الرئيس في الجيزة بعد أن تم عمل نفق أرضي يوصل بينهما وذلك بالمخالفة لشروط وصية حرم محمد محمود خليل التي وهبت القصر للدولة بشرط أن يتحول إلي متحف وليس إلي مكاتب لموظفي رئاسة الجمهوريةrlm;.rlm;
وأذكر أنني في ذلك الوقت نبهت عمرو ابن محمد محمود خليل وهو زميل دراسة بمدرسة فيكتوريا كولدج إلي تلك المخالفة وقلت له إنه الوحيد الذي يستطيع أن يعارض هذا القرارrlm;,rlm; لكن المحامين الذين تم استشارتهم آنذاك أفتوا بأن الهبة لم تكن من مورث عمرو خليل وإنما من زوجته الفرنسية التي لا تمت لعمرو بصلةrlm;,rlm; وبذلك فهو يعتبر قانونا غير ذي صفةrlm;,rlm; وهكذا استمر القصر ملحقا بالرئاسة دون اعتراض من أحد طوال فترة حكم الساداتrlm;.rlm;
لكن بعد رحيل الرئيس السادات تم استعادة القصر من رئاسة الجمهورية بقرار من الرئيس مبارك وأعيدت إليه محتوياته من الأعمال الفنية والأثاثاتrlm;,rlm; وخضع القصر في عهد الوزير فاروق حسني إلي عملية ترميم شاملة أعيد بعدها افتتاحه مرة أخري للجمهور كمتحف حسب وصية واهبتهrlm;.rlm;