الجولان السوري المحتل تحت سيف التهويد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
علي بدوان
في ظل تعقيدات وأزمات التسوية المتلاحقة، لم تبخل حكومة بنيامين نتنياهو في تسهيل حركة الاستيطان الاستعماري الاجلائي فوق الأرض الفلسطينية المحتلة عام (1967) خصوصاً في قلب مدينة القدس ومحيطها، وفوق أراضي مرتفعات الجولان العربية السورية المحتلة، في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن إمكانية إقلاع قاطرة التسوية المتوقفة فوق الهضبة السورية.
وضمن خطة تعزيز ما يسمى بـ"الاستيطان اليهودي" في الجولان، كانت سلطات الاحتلال قد أعلنت عن البدء بالتوسع الاستيطاني فوق أراض جديدة بمساحة (80) دونم في منطقة البطيحة في أقصى جنوب هضبة الجولان، على ملتقى الحدود الأردنية السورية الفلسطينية، من اجل بناء قرية سياحية في منطقة تل الصيادين على الساحل الشرقي لبحيرة طبريا، إضافة إلى البدء ببناء قرية سياحية على أنقاض بلدة بانياس السورية المحتلة والواقعة شمال الهضبة، إضافة إلى قرية سياحية ستبنى على الشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا في منطقة الكرسي من الأراضي السورية المحتلة.
وبهذا فان حكومة نتنياهو تكون قد منحت خلال الفترة الأخيرة امتيازات خاصة لتشجيع "الاستيطان" وتوسيعه فوق أرض هضبة الجولان السورية، وتحديداً في بناء تسع مستوطنات سياحية جديدة، في جنوب الجولان بشكل خاص.
اذاً، بالنسبة لهضبة الجولان العربية السورية المحتلة، وبالرغم من الإشارات التي أطلقتها بعض مصادر القرار في إسرائيل بعد، بصدد إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات مع سوريا، إلا أن مشاريع الاستيطان تجري بخفوت بعيداً عن الأضواء فوق الأراضي السورية المحتلة. ففي مستعمرة راموت المطلة على بحيرة طبريا، عقد قبل فترة وجيزة من الزمن، المؤتمر الثالث لوحدة التخطيط الاستراتيجي للاستيطان الإسرائيلي في الجولان العربي السوري المحتل، وقد حضر المؤتمر (90) عضواً من أصل (100) عضواً، يشكلون ما يسمى بمجموعة المائة، وهي مجموعة متعددة الاختصاصات تابعة لوحدة التخطيط الاستراتيجي لتوسيع الاستيطان. وكان موضوع البحث كيفية زيادة عدد المستوطنين في الجولان إلى (50) الفاً علي المدى القريب. وإزالة كل الحواجز للوصول إلى هذا الهدف من خلال التوسع بمعدل متزايد ضمن خطة تبدأ على النحو التالي : (200) عائلة لكل واحدة من (27) مستوطنة، وتطوير (4) تجمعات سكانية كبيرة يصل عدد سكانها إلى (10) آلاف مستوطن، وزيادة عدد سكان مدينة كتسرين (الواقعة مكان بلدة القصرين السورية بعد أن تم تدميرها عام 1967) الواقعة وسط هضبة الجولان إلى (20) ألف مستوطن، كما تم تجهيز المخططات لبناء (60) منزلاً لبعض المستوطنين من مستعمرة نتساريم السابقة، الذين غادروا قطاع غزة بعد تفكيك المستعمرة المذكورة التي كانت قائمة في القطاع. هذا إضافة إلى بناء المشاريع السياحية المتطورة. وفي هذا السياق فان عمليات الاستيطان الصهيوني الجائرة فوق هضبة الجولان، وهي منطقة جيوستراتيجية، تحتوي على مخزون مائي ضخم، رست إلى الآن على إقامة (45) مستوطنة وموقع استيطاني، يستوطنها نحو (18) ألف مستوطن يهودي منهم (400) مستوطن من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، مقابل (18) ألف مواطن عربي سوري بقوا فوق أرضهم، ويقيمون في خمس قرى سورية (مجدل شمس، بقعاتا، الغجر، مسعده، عين قنية) من أصل (200) قرية ومزرعة تم تدميرها عام (1967) وطرد سكانها البالغ عددهم آنذاك نحو (150) ألف مواطن سوري، فيما وصلت أعدادهم الآن قرابة (350) ألف مواطن يقيمون بشكل مؤقت في المناطق السورية المحررة والقريبة السورية من الهضبة في باقي محافظة الجولان ومحافظة حوران وريف دمشق.
لقد فشلت إسرائيل في جلب الأرقام المحددة من اليهود للاستيطان والإقامة في الجولان (نصف مليون مستوطن) لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بوقوع المستوطنات التي تم إنشاؤها فوق أراضي الهضبة السورية المحتلة في مناطق خط المواجهة العسكري مع القوات السورية، فضلا عن الشعور داخل المجتمع اليهودي على ارض فلسطين بان التسوية مع سوريا لن تكون بدون رحيل أخر مستوطن من على ارض الهضبة حتى خط 4حزيران/يونيو 1967.
إن حملة الاستيطان الصهيونية الجائرة، تشهد الآن زخماً كبيراً في البناء لم تعهده منذ سنين طويلة. مشيرة إلى أنه سجلت مؤخراً ارتفاعاً بنسبة تربو على (400 في المائة) في شراء الشقق الاستيطانية في مرتفعات الجولان. وقد وضع مايسمى بالمجلس الإقليمي للاستيطان في الجولان المعروف اختصاراً بـ"هاغولان" وضع خطة سنوية تهدف إلى استيطان نحو (300) عائلة يهودية جديدة في مرتفعات الجولان، و(150) عائلة إضافية في مستعمرة "كتسرين" القريبة منها، في اطار حملة ديموغرافية استراتيجية، لتهويد الجولان العربي السوري المحتل.
لقد فشلت كل جولات المفاوضات الماراتونية السورية الإسرائيلية طوال العقد الماضي من الزمن، وسقطت معها كل الأفكار والمقترحات التي قدمتها الإدارات الأمريكية لجسر الهوة بين الطرفين السوري والإسرائيلي، وضاعت في زحمة التباينات ماسمي حينها بـ"وديعة رابين"، ومرد الفشل يعود في حقيقته بسبب من اصرار حكومات إسرائيل المتعاقبة الاحتفاظ بأجزاء من هضبة الجولان، وإبعاد السيادة السورية عن الشاطىء الشرقي لبحيرة طبريا، نقيضاً لمضمون القرار الدولي (242).