«حوار بالسكاكين» بين نصر الله والحريري ... فهل «نُحرت» التهدئة؟

حزب الله" يرفض طلب بلمار المزيد من الأدلة ويغمز من قناة "لبننة" التحقيق

بيروت - وسام أبو حرفوش

ينجح لبنان مرة تلو الاخرى في ارجاء "حروبه الصغيرة" على وقع رياح "الحرب الكبيرة" في المنطقة المشرعة على سباق مطرد بين المواجهة بالديبلوماسية، على غرار مفاوضات السلام، والمواجهة بالعسكر كـ "خيار" يتم الاستعداد له وكأنه "اليوم اليوم وليس غداً".
فبيروت التي تتقاطع فيها خطوط السلام وخطوط الحرب، تضبط ايقاع "معاركها" على النحو الذي يبقي "الاصبع على الزناد". فلا انفجار ولا انفراج في انتظار ما تؤول اليه "ألعاب الكبار" في المنطقة الذاهبة الى المفاوضات والمواجهة في آن.
فبعد طفرة العنف الدامي إثر الاشتباكات بين "حزب الله" وجمعية "الاحباش"، تعالت الاصوات لـ "نزع" هذا الملف من التداول من دون "نزع السلاح" ولا نزع اسبابه، فاستمرت "الشوارع" اللبنانية السريعة الاشتعال على احتقانها غير المكتوم.
وبعد "الهرج والمرج" حول القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وما اشيع عن امكان توجيهه الاتهام لعناصر من "حزب الله" بدا التوتر في "استراحة محارب" مع "هدنة رمضان" التي تشارف على السقوط بعد العيد.
وبعد تظاهرات "الكر والفر" في الشوارع وقطعها احتجاجاً على الشح المتزايد في التيار الكهربائي، انكفأت المظاهر الاعتراضية من دون ان يشحّ "نور" الدولة، الذي يحتاج للبدء بتنفيذ خطة لتأهيل القطاع لن تنتهي قبل العام 2014.
وهكذا هو حال كل الملفات الاخرى في بيروت الواقفة على "حد السكين" بين حرب "معلّقة" إما في الداخل واما في الخارج، وبين سلم "معلّق"، الامر الذي يساوي هشاشة دائمة على المستويين السياسي والامني.
هذا الواقع الهش كان بالامس على موعد مع "حوار بالسكاكين" بين الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس الحكومة سعد الحريري، وسط مخاوف من ان يصبح بعد حين حواراً بـ "الاحزمة الناسفة"، اذا استمر الخطاب "التعبوي" على ما هو عليه.
نصرالله، الذي كان يخاطب "جمهوره"، اخذ على خصومه "الاستثمار السياسي" لاحداث برج ابي حيدر واتهم الحريري، في توصيف بالغ القسوة في رمزيته بانه "وضع على السكين ملحاً (...) واخذتَ تحرك سكينك في قلبنا...".
ولم يكن جف حبر كلام نصرالله عن "السكين" حتى رد الحريري بلغة اختلط فيها الغضب والمرارة، قائلاً: "لست انا من يحمل السكين، انا لا اعرف ان احمل سكيناً، بل احمل قلماً واعطي كتاباً واعلم اناساً (...)".
وخلف الحوار بـ "السكاكين" عن برج ابي حيدر، كان ملف المحكمة الدولية حاضراً، فنصرالله اعطى اشارات كافية عن عدم اعترافه بالمحكمة وعدم استعداده للتعاون معها، في الوقت الذي عاود الحريري تأكيده "ان العدالة ستأتي عبر المحكمة الخاصة بلبنان".
وكان نصر الله أطلّ في الاحتفال الذي اقامه "حزب الله" بيوم "القدس العالمي" في "مجمع سيد الشهداء" بضاحية بيروت الجنوبية، مقدّماً، الى جانب هجومه الأقسى على رئيس الحكومة، ردّ "الحد الأقصى" من الوضوح في رفض طلب المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار منه تزويده ما تبقى من قرائن وأدلة تحدث عنها الامين العام لـ "حزب الله" في إطلالته التي اتّهم فيها اسرائيل باغتيال الرئيس رفيق الحريري التزاماً بقاعدة "غير معنيين بالمحكمة ولا بالتحقيق الدولي ولا بالمدعي العام الدولي ولا بالإجابة عن طلباته"، مضافاً اليها ربْط تسليم اي معطيات جديدة الى القضاء اللبناني بألا يكون مجرّد "صندوق بريد" (بين الحزب وبلمار) وبأن يضطلع بدور "التحقيق" في "الاسئلة والمتابعات التي تعنيه كقضاء لبناني"، وهو ما فُسّر على انه اول مطالبة بـ "لبننة التحقيق" في اغتيال الرئيس الحريري وليس فقط ملف شهود الزور.
ومن أحداث برج ابي حيْدر، دخل نصر الله على خط "الاشتباك" مع رئيس الحكومة من دون ان يسميه، مكتفياً بذكر احدى العبارات التي كان (الحريري) أطلقها بعد "اشتباكات البرج"، وقال: "ما حصل مؤلم وخسارة صافية بكل المقاييس ولا ربح فيها"، مضيفاً: "لقد تم تضخيم الحادثة الفردية، بشكل كبير، وتم توظيفها سياسيا حيث استغل البعض الحادث وهجم واطلق التعميم"، وبدل أن يقول هؤلاء إن هناك ناراً فلنطفئها، قاموا بزيادتها اشتعالاً، وبدل أن ينظروا إلى هذا الموضوع على أنه خطر، وضعوا ناراً وبنزينا ومازوتاً على الموضوع الطائفي".
وتابع في اشارة الى الحريري: "هذا استغلال خطير جداً، وما جرى يمزّق ولا يلمّ الشمل (...) احب ان أعبّر عن مشاعري للذين اخطأوا في هذه الايام بعد الحادثة (برج ابي حيدر) ولم يعالجوها بشكل جيد. بعضهم لا نعتب عليه، لكن البعض الآخر نعتب عليه. اقول له انت لم تأت وتضع ملحاً في الجرح. نحن من يوم الثلاثاء ومازلنا مجروحين في قلبنا في الداخل، أنت جئتَ ووضعتَ على السكين ملحا ووضعتَ سكينك في قلبنا واخذت تحركها. فليعرفوا ماذا فعلوا وحجم الذي صنعوه. ليس بهذه الطريقة تعالج القضايا الخطرة والحساسة في البلد. ليس هكذا يتصرف رجال الدولة ولا رجال السياسة ولا قادة احزاب (...)". واعتبر ان هناك "منهجية خاطئة في مقاربة ملف السلاح" الذي قال انه "ملف شائك (...) قبل ان يخلق كثيرون منا".
وشبّه الادارة السياسية في لبنان بـ "ديركسيون زيت (...) البحصة تجعل السيارة تفتل (تغير اتجاهها)". ودعا الى "التهدئة والهدوء والامور اخذت وقتها وانتهينا (...) لنعد ونتفاهم ونضع منهجية لإدارة ملفات هذا البلد".
ولم يتأخّر الردّ "بالنبرة نفسها" من رئيس الحكومة، الذي قال خلال حفل إفطار تعليقاً على كلام نصر الله وما سبقه من انتقادات من قادة في "حزب الله" لتفقّده منطقة الاشتباكات في برج ابي حيدر و"أخواتها": "(...) في ما يخص ما حصل في بيروت اخيراً، فبالنسبة إليّ، أنا أذهب حيثما أشاء ولا أحد يحدد لي إلى أين أذهب. كما أنني لست أنا من يحمل السكين، فأنا لا أعرف أن أحمل سكيناً، بل أحمل قلماً وأعطي كتاباً وأعلم ناساً. أنا ابن رفيق الحريري، ورفيق الحريري هو رجل الدولة الأول، أنا انسان متواضع وسأبقى متواضعا بإذن الله، ومَن أراد أن يفهم فليفهم. وبيروت هي لكل اللبنانيين، لكنها ليست عرضة للسلاح ولأن تُنتهك بيوت الناس فيها. نصف سكان لبنان يعيشون في بيروت، وبيروت في كل الحروب الإسرائيلية التي مرّت هي التي احتضنت المواطنين، فهل هكذا نكافئ بيروت؟ هل هكذا نكافئ أهل بيروت؟ كلا ليس هكذا. وأنا قلت منذ البداية إنني أريد الهدوء والكلمة الطيبة، ولكن حين تصبح بيوت الناس وممتلكاتهم عرضة للانتهاك، هل المطلوب أن نقف متفرجين من دون أن يكون لنا الحق في إبداء الرأي أو الكلام؟ هذا الكلام مرفوض، وهذا العمل مرفوض. لنتواضع قليلاً وننزل إلى الأرض وننظر إلى مشاكل الناس، وكل هذه الأمور يجب أن ننظر إليها بوعي، وإلا فإننا سوف نخسر لبنان. لذلك أجدد القول بأن الهدوء هو المطلوب وكذلك الكلمة الطيبة (...)".
وكان الحريري الذي اشارت معلومات الى انه أجرى اتصالاً مع النائب وليد جنبلاط لإبلاغه عتبه على انتقادات نصر الله، قال خلال ترؤسه اجتماع "كتلة المستقبل" البرلمانية يوم الجمعة انه ما زال على إصراره لجهة عدم تجاوز سقف التهدئة، مؤكداً أنه لم ولن يبادر إلى الهجوم، وانه ليس من هواة فتح مشكل مع أحد، لكن ذلك لا يعني السكوت على كرامة بيروت وأهلها.

الأسد اتصل بسليمان

تلقى الرئيس اللبناني ميشال سليمان اتصالاً من نظيره السوري بشار الاسد تم خلاله التشاور في التطورات الراهنة على صعيد المنطقة وكذلك في امور ثنائية تهم البلدين وتصب في خانة تعزيز العلاقات الثنائية.

عون: خلايا مافيوية
في الإدارة اللبنانية

اعتبر زعيم "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون أن "اللبنانيين خسروا إرادياً ما اكتسبوه من سيادة وحرية واستقلال"، لافتاً الى "ضرورة تحفيز الشعب على المحاسبة والإتيان بقياديين يريدون الإصلاح".
وقال عون خلال استضافة لجنة الدراسات في "التيار الحر" وزير السياحة فادي عبود "ان في الإدارة اللبنانية خلايا مافيوية تسعى الى استغلال الشعب واستمرار الفساد وتهجير اللبناني من ارضه لتسلم الى سواه"، معتبراً ان "كثيرين يبدعون اليوم في التحايل على القانون".

قاسم لجعجع: تصرّف معيب
البناء على نص غير موجود

اعتبر نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم أنّه "اتضح وجود حملة منظمة مدروسة" للرد على كلامه الذي قاله في احتفال تأبين ضحيتي حادثة برج أبي حيدر، مشيراً إلى أن هذه الحملة "مبنيّة على أكاذيب وردود على كلام لم يقال، كجزء من استغلال الحادثة لتشويه الحقيقة والتحريض والافتراء على مواقف (حزب الله) الوطنيّة الواضحة".
وتوقف قاسم، في بيان وزّعه مكتبه الإعلامي، عند "افتراء" للنائب عمّار حوري (من كتلة الحريري) الذي اجتزأ كلامه عن بيروت، وقال: "أما الافتراء الثاني، فهو للسيّد سمير جعجع (رئيس الهيئة التنفيذيّة في "القوّات اللبنانيّة") الذي افتتح مؤتمره الصحافي بتوصيف نائب الأمين حادثة برج أبي حيدر بالطبيعية، بانياً على كلمة "طبيعيّة" تحليليه وانتقاده، في الوقت الذي لم ترد فيه كلمة "طبيعيّة" أو "عاديّة" في أي مكان من كلمة قاسم (...) والبناء على نص غير موجود تصرّف معيب ومضلّل".

إعادة تمثيل اغتيال الحريري
تبدأ في 28 الجاري في فرنسا

كشفت صحيفة "لوفيغارو" أن إعادة تمثيل جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ستبدأ في 28 سبتمبر، بعدما أنجزت شركات فرنسية، في ثلاثة أشهر من العمل، بناء نسخة عن فندق "السان جورج" حيث وقعت الجريمة عند الواجهة البحرية لمدينة بيروت، في قاعدة "كابسيو" العسكرية قرب مدينة بوردو.