مسلسل «الجماعة» قلب المعادلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
داود الشريان
هدأت الضجة التي أثارها بعض "الإخوان المسلمين" ضد مسلسل "الجماعة". وخف الهجوم الذي شنه بعضهم على مؤلف المسلسل وحيد حامد. الهدوء لم يكن ناتجاً من تغير رأي "الإخوان" بعد مشاهدة جل حلقات المسلسل المثير، وتبدد الشكوك التي اثيرت بداية شهر رمضان. القصة ان "الإخوان" اكتشفوا ان مسلسل "الجماعة" رفع عنهم الحظر، وأدخلهم الى كل بيت مصري، وخلق تعاطفاً غير مسبوق مع حركتهم.
حظي مسلسل "الجماعة" باهتمام شعبي ونقدي وسياسي يشبه، الى حد بعيد، الاهتمام الذي لقيه مسلسل "الملك فاروق". ولعلنا نتذكر أن الكتابات التي سبقت عرض "فاروق"، هاجمت الجهة المنتجة، وتحدثت عن مؤامرة لتلميع مرحلة الحكم الملكي في مصر، لكن سرعان ما تغيرت الحال. اكتشف المصريون والعرب ان بعض كتب التاريخ ظلم الحياة البرلمانية والاقتصادية والسياسية في مرحلة فاروق. وجرى تأييد المسلسل من اقلام محسوبة على مرحلة الثورة، فضلاً عن ان "الملك فاروق" قدم صورة مصر التقليدية في التمدن والجمال والذوق.
مسلسل "الجماعة" أفضى الى النتيجة ذاتها، فأحبه الذين اعترضوا عليه في البداية، وتوجس منه بعض الذين دعموا تأليفه وإنتاجه. وخلال الأيام الماضية اصبح الحديث عن جماعة "الإخوان" عاملاً مشتركاً بين المصريين، في البيوت والمقاهي، وعلى أعمدة الصحف، فضلاً عن ان طبيعية الدراما تقوم على الإِثارة والتشويق، وتستند الى فكرة البطل. ولهذا خدم "الجماعة" رموز الإخوان وفرض تاريخهم وزرع تفاصيل حياتهم في عيون الناس، وأذهانهم.
حكاية مسلسل "الجماعة"، وما أثير حول رفضه، وتأليفه، تؤكد قضيتين مهمتين، الأولى ان الدراما وسيلة جبارة في خدمة التاريخ، بدليل ان غالبية الشباب، الذين لا يختلفون عن المواطن الصيني في معرفة تاريخ القادة المسلمين اصبحوا يعرفون قصة القعقاع بن عمرو في شكل مدهش. والأمر الآخر أن التأثير وردّ الفعل غير المتوقع على مسلسل "الجماعة"، جعلا بعض البلاد العربية، يعاود النظر في موقفه من الدراما وأهميتها في نقل التاريخ. وربما شهدت الأيام القادمة رفع الحظر عن شخصيات وأحداث، لكن الدول العربية لن تكون مستقبلاً ميالة لاستخدام الدراما في الدعاية السياسية، لأنها سلاح ذو حدين.