جريدة الجرائد

صفّقوا لفصل جنوب السودان.. ورفضوا الدولة الفلسطينية!!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يوسف الكويليت

جزّأ ساسة الغرب الوطن العربي في صفقة "سايكس - بيكو" وفصلوا كل أجزاء الحكم العثماني، وقطّعوا أفريقيا إلى دول ودويلات، وألحقوا حدود بلد بآخر فكانت الحروب بين الدول والقبائل، ثم فصلوا الكوريتين، والفيتنامتين، وقسّموا الصين إلى وطنية وشيوعية، وعبثوا بالقارة الأمريكية الجنوبية، سلخوا حضاراتها، وغيبوا تراثها، بما فيه اللغات الأصلية، وهجّروا (بيضهم) إلى أفريقيا وأستراليا، والأمريكتين، ليكونوا بؤر استيطان ثم احتلال، واستعمروا معظم الشعوب، حتى التي علّمتهم أبجديات الحضارة في المناطق العربية والهند والصين وغيرها، معتقدين بنقاء عرقي متفوق على كل الأجناس، وتحت هذه الذريعة جاء الاستعمار باسم تأهيل تلك الشعوب مع سرقة أموالها وثرواتها وتراثها الذي تعج به مقتنيات متاحفهم كشاهد تاريخي على مبدأ النهب والاستحواذ..

لم نستغرب أن تجلجل وتبارك وترعى أمريكا فصل جنوب السودان عن شماله، رغم التعقيدات التي ستطبع هذا الفراق بقضايا دينية وقومية وعرقية حتى إن الرئيس الأمريكي أوباما، ووزيرة خارجيته، هما من سيحضر مراسيم الفصل في الاستفتاء القادم، باجتماع يعقد لهذا الشأن، ومع أن الموضوع تم بإرادة الشماليين والجنوبيين، إلا أن هذا الاحتفاء يصعب قبوله، لو طالبت المكسيك بعودة كاليفورنيا إلى سيادتها باقتراع حر، ولا ندري ماذا كانت ستعمل فرنسا لو أعيدت "غويانا" إلى أهلها، وكذلك (الفوكلاند) وبقايا المستعمرات المسيطرة عليها؟ وحتى الدولتين أسبانيا وبريطانيا، لا يزال نزاعهما قائماً على جبل طارق رغم وجودهما عضويْن في الاتحاد الأوروبي، وغضبت أوروبا لانقسام قبرص إلى قبرصتين، وباركت وحاربت فصل أجزاء يوغوسلافيا..

السياسة لا تُبنى بالنوايا الحسنة، فمن يملك القوتين المادية والعسكرية يستطيع فرض نفوذه، وأمريكا رغم المشكلات المالية والتورط في حروب خاسرة، وكذلك الاتباع الحلفاء، إلا أنها في حالة عراك مع المواقع المتوترة، أو الساكنة، وجنوب السودان سيصبح، ما لم يَسُد العقل، صومال أخرى بسبب التخلف وتعدد القبائل والأثنيات وغيرها، حتى إن بعض العقول السياسية السودانية الشمالية بارك هذا الانفصال للتخلص من أعباء الحرب والاقتصاد والقضايا الاجتماعية، وقد يأتي الانفصال في أيامه الأولى سلساً، ولن يكون بمثالية انقسام التشيك مع السلوفاك، ولا تيمور الشرقية مع أندونيسيا، لأن هذا القطاع ظل أميّاً، وشبه بدائي من حيث التعليم والتطور، ومع أن الحق القانوني يعطيهم ذلك إذا اتفقت كل الأطراف، فالموقف الدولي وخاصة أمريكا يبقى مريباً، إذ لم تُحدث أي تغيير بفرض رغبتها تحقيق دولة فلسطينية، لأن الطرف الإسرائيلي، وباتفاق مع أمريكا، هو من يسعى إلى تقسيم العرب، وربما السودان والعراق على القائمة اللاحقة..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف