العراق في المرآة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فيكتور ديفز هانسون
سيؤيد معظم الأميركيين دعوة الرئيس أوباما للتحلّي بالصبر في أفغانستان، وسياسته لاستمرار التخفيض المقرر منذ فترة طويلة للقوات في العراق. ولكن كان هناك شيء غريب في خطابه بأسره حول العراق، فقد كان كما لو أن أوباما مُجهد، وليس مفعماً بالحيوية.
لذا فإننا الآن أمام عراق باهت وأفغانستان باهتة، وخطاب باهت حول الأمل في التغيير ومعالجة الركود. الأمر بدا تقريباً وكأنه عمل روتيني. وربما الضجر الذي أصاب أوباما نشأ عن إخفاقه في تحقيق المستحيل.
كيف يمكن لناقد عنيف سابق للعراق، فضلًا عن فريقه الدبلوماسي (مثل "بايدن" صاحب الرغبة الصاخبة في تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق، وهيلاري كلينتون صاحبة فكرة إيقاف عدم القدرة على التصديق)، أن يستطيعوا إقناعنا بأن العراق كان "فصلاً متميزاً"؟
في سبتمبر 2007، طالب عضو مجلس الشيوخ أوباما، بعودة جميع القوات القتالية إلى أرض الوطن بحلول مارس 2008؛ وبعد ذلك بقليل عدّل طلبه من خلال تكرار أن الولايات المتحدة عليها أن "تبدأ فوراً بإخراج قواتنا القتالية".
وأعلن أن رفع القوات الأميركية، الذي أنقذ العراق، لم يعد فعالًا، وأنه سوف يوقف ذلك إذا وصل للسلطة، وفي الواقع إيقاف جميع أشكال التمويل. جوهر المسألة هنا ليس الازدواجية، ولكن بدلاً من ذلك، تفسير سبب عدم تأثر أوباما أخيراً بحجته الخاصة به.
كما أن الإطار العام للانسحاب كان مقرراً كجزء من تصور بوش/ بترايوس لوضع القوة مع العراقيين. ويتعين تهنئة أوباما على أنه ما زال يحافظ على هذا التصور، ولكن لا بد من أن يوجه إليه الانتقاد لأنه أشار إلى أنه اقتراحه هو، وعلى عدم الإشارة إلى أن رفع القوات الأميركية هو الذي أسفر عن ذلك كله.
لذلك، مرة أخرى، فإنها كانت لحظة غريبة، فهل من المفترض أن نعتقد أنه بعد مرور عشرين شهراً، يكون الرئيس هو المسؤول عن سجله (مثلاً، بوش لا يمكن تصديقه كونه منعزلًا، ولكن تقديم دعم حاسم لرفع القوات الأميركية الذي سمح بالانسحاب).
ولكن ليس مسؤولًا بشكل تام عندما لا تتناسب الظروف (يجب أن توجه أصابع اللوم إلى بوش على ترك اقتصاد سيئ، لدرجة تعجز عن معالجتها سياسة الاقتراض التي اتبعها أوباما)؟
وهنا نود أن نضيف بعض الأفكار:
أولاً، يحذر أوباما من "حروب مفتوحة"، كما لو كان يمكن تحريكها تقريباً. ولكن الحروب تنتهي، لا عندما تصل إلى توقيت عقلاني ومتفق عليه مسبقاً، ولكن عادة عندما يتم تبني خيارات حرب قاسية، يمكن أن تؤدي إلى النصر أو تنتهي بالهزيمة.
يتعين على طرف واحد أن يقرر، لأسباب طيبة أو سيئة، أنه لا يريد الكفاح من أجل الفوز، أو ببساطة لا يعتقد أن لديه موارد النصر.
ثانياً، إن "طي صفحة" لا يغدو أكثر حكمة من تقديم وعد بتحديد موعد مستهدف للانسحاب. فلو اندلع العنف غداً في الأنبار، بالتأكيد سوف نرتد إلى الخلف صفحة لتقديم الدعم، الجوي على الأقل إن لم يكن أكثر، للقوات العراقية.
ثالثاً، التركيز الموضوعي على الإغلاق، يذكرني بشمال فيتنام نحو عام 1974. فالشيوعيون أدركوا، حينها، أن اتفاقات عام 1973 لم تعد تنفذ، ولذلك حان الوقت للمضي قدماً إلى الفوز بما فشلوا في تحقيقه على مدار العقد الماضي.
رابعاً، لقد تأثرت بما سيكون عليه الحال إذا ما جاء هذا النص على لسان جورج بوش، فسوف تسخر منه الأغلبية المناهضة للحرب في الكونغرس.
ولكن تاريخياً، وأوباما يعرف ذلك، فإن الرؤساء من الحزب الديمقراطي أثناء الحرب، أمثال ويلسون وفرانكلين روزفلت وترومان وكينيدي وليندون جونسون وكلينتون، يحصلون على مهلة في المسائل المتعلقة بالحرب، استناداً إلى افتراض أنه، خلافاً للمحافظين، فإن الليبراليين يذهبون إلى الحرب على مضض، عندما تفرض عليهم فقط.
ورأينا ذلك فعلاً مع الصمت المفاجئ للجناح اليساري، بشأن موقف أوباما في غوانتانامو والمحاكم والمحتالين والتصعيد في أفغانستان.
خامساً، أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي أثار فيها أوباما أموراً مثل "ليكسينغتون" أو "إيو جيما"، وهو أمر نادى الكثيرون منا بأن يقوم به منذ زمن طويل.
سادساً، هل كان العراق يستحق كل هذه الكلفة؟ وهل استطاع أوباما أن يورد أي شيء إيجابي آخر سوى الأمور المبتذلة والتافهة؟
طرحت هذه التساؤلات بأثر رجعي في كل حرب، سواء أكانت الحرب الأهلية أو الحرب الأميركية الإسبانية أو الحرب العالمية الأولى أو كوريا أو فيتنام. الحقيقة في ما يتعلق بالعراق، أنه رغم هذه المأساة والضياع، فقد اجترح الجيش الأميركي معجزة. بعد ما يقرب من سبع سنوات، فإن حكومة دستورية تصمد في هذا البلد.
وغالباً ما ننسى أن جميع القرارات ال23 التي أصدرها الكونغرس بشأن الحرب في العام 2002، نفذها الجيش الأميركي، بداية من تنفيذ قرارات حرب الخليج الأولى ووقف عمليات الإبادة ضد الأكراد وعرب الأهوار، والحيلولة دون تعزيز الدولة العراقية للإرهاب، وإنهاء العمليات الانتحارية.
وربما بعض ما سبق، هو ما كان يقصده الرئيس أوباما ب"فصل متميز"، أو ما كان يعنيه نائبه "بايدن" بأنها أعظم إنجازات إدارته.
أستاذ الدراسات الكلاسيكية في جامعة ستانفورد الأميركية