جريدة الجرائد

هل تتجدد «القاعدة في بلاد الرافدين»؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بسبب تخلي حكومة المالكي عن الصحوات

نِد باركر - العراق

عاد تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" إلى الظهور في العراق مجدداً. فبعد أن اختفى ذات يوم بفضل الشيخ صباح الجنابي ومقاتلين سنة آخرين انضموا إلى مجالس الصحوة المدعومة من قبل القوات الأميركية، بدأ هذا التنظيم يبحث لنفسه اليوم عن معاقل جديدة هنا في المزارع جنوب بغداد، وفي الصحاري الواقعة إلى الغرب، وفي الجبال إلى الشرق، حيث بات الانتحاريون يشنون الحرب على العاصمة العراقية كل أسبوع تقريبا.

ويخشى شيوخ القبائل والمسؤولون المحليون وبعض الضباط الأميركيين من أن تكون "القاعدة في بلاد الرافدين" قد نجح في استغلال الفراغ السياسي الذي بدأ قبل ستة أشهر في البلاد، والغضب الشعبي بسبب الاعتقالات التي طالت بعض أعضاء مجالس الصحوة في المناطق السنية، من أجل تأسيس موطئ قدم جديد له.

وفي هذا السياق، يقول مسؤول عسكري أميركي: "لقد عشنا فترة طويلة بدون سيارات مفخخة، لكنها ها هي اليوم عادت من جديد"، مضيفاً أنه "في غياب دعم حقيقي لمجالس الصحوة، بدأت القاعدة تعود في بعض المناطق".

ورغم أن تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" هو اليوم دون مستوى القوة التي كان عليها في عامي 2005 و2006، عندما كان يبسط سيطرته على قطاعات واسعة من الأراضي في بغداد ومدن أخرى، فإن قدرته على إنشاء ملاذات مرة أخرى تعد مؤشراً خطيراً على إمكانية تجدد الحرب الأهلية في البلاد في حال استمرار الفراغ السياسي الحالي وعدم معالجة أسباب استياء وغضب السكان، خاصة وأن إحباط وخيبة أمل الأقلية السنية التي استفادت في عهد الرئيس صدام حسين وشكلت أساس حركة التمرد بعد الغزو الأميركي في عام 2003، باتت جاهزة للاستغلال.

وتعليقا على هذا الموضوع يقول المسؤول العسكري الأميركي: "مازال الأمر يتعلق بالدفاع عن الذات والبقاء"، مضيفا: "إن الجيش الأميركي ليس موجوداً في المشهد؛ وقوات الأمن العراقية مازالت لا تحظى بالثقة في معظم المناطق؛ والحكومة العراقية غائبة. لكن هذا لا يعني أنهم ينضمون لـ(القاعدة)، وإنما يعني أن البعض لا يتحركون ضد (القاعدة) حتى لا تقوم هذه الأخيرة بعمل ما ضد عائلاتهم".

ومن جانبه، يقول وزير الدفاع عبد القادر عبيدي إن قـوات الأمـن تدرك عودة "القاعدة في بلاد الرافدين" إلى محافظتي ديالى والأنبار وجنوب بغداد؛ لكنه يشدد على أن قادته يسيطرون على الوضع إذ يقول: "علينا أن نعترف بأننا نتعامل مع الجيل الثالث من (القاعدة)، وهو جيل أكثر تطوراً؛ وبالتالي علينا أن نتعاطى مع هذا الأمر... ثمة مؤشرات قاطعة على تجدد التنظيم".

وفي محافظة الأنبار غرب العراق، حيث تلقت "القاعدة في بلاد الرافدين" ضربة قاضية عام 2007، يحذر مسؤولون أمنيون وشيوخ بارزون ومتمردون سابقون من أن التنظيم، ومعه حزب "البعث"، قد تمكنا من اختراق قوات الشرطة، وأن التنظيم الأول بصفة خاصة يتوفر على خلايا نائمة في مناصب قيادية. ويتحدث بعضهم عن قدرة "القاعدة" على التحرك بحرية، وإمكانية اجتياحها لمدينتين على الأقل خلال ساعات.

وفي محافظة ديالى، إلى شمال وشرق بغداد، تشهد بعض المناطق تفجيرات باستعمال السيارات المفخخة وعمليات قطع للرؤوس، استهدفت، من بين آخرين، رجل دين سنياً.

وقبل أسبوعين، أقدم مقاتلو "القاعدة" على قتل ثمانية أعضاء في مجالس الصحوة، قبل أن يقوموا باستعراض ورفع علم أسود في مدينة شهربان. وقد بات يُعتقد أن "القاعدة" تسيطر على بعض جبال المحافظة ولديها وجود مهم في ضواحي عاصمتها بعقوبة.

ويمكن تعقب بداية النفوذ المتجدد لـ"القاعدة في بلاد الرافدين" في جرف الصخر وأماكن أخرى، إلى تخلي الحكومة التي يقودها الشيعة عن تسلم مسؤولية برنامج الصحوات على الصعيد الوطني في ربيع 2009، إذ سرعان ما تكثفت غارات الجيش على المناطق السنية، وكثيراً ما كان يتم دفع رواتب أعضاء الصحوات في وقت متأخر عن موعدها.

وعلاوة على ذلك، فإن التقدم بخصوص إدماج أعضاء الصحوات ضمن قوات الأمن الوطنية كان فاتراً في أحسن الأحوال. ونتيجة لذلك، سرعان ما بدأت صفوف التنظيم شبه العسكري تتضاءل، واستغلت "القاعدة في بلاد الرافدين" الفرصة لتفرض وجودها.

وفي هذا الإطار، يقول زعيم حركة تمرد سابق: "إن القرويين والناس البسطاء يذهبون عادة إلى الأشخاص الذين يخافونهم. وهم خائفون من (القاعدة)... إنهم يصطفون دائماً إلى جانب الأقوى".

وقبل عامين، كان الشيخ الجنابي قوياً وكانت "القاعدة" ضعيفة، وكان يحظى بولاء مئات الرجال. أما اليوم، فقد بدأ عالمه يتفتت، بعد أن توارى اللاعبون الذين نصَّبوه في منصبه: فالأميركيون غادروا في الغالب الأعم؛ وحلفاؤه من المجموعات المتمردة التي حاربت "القاعدة" رحلوا أو أُضعفوا كثيراً.

وعلاوة على ذلك، فإن بعض السكان المحليين مستاؤون منه ومن السلطة التي جمعها، لأنه لا يملك ما يريه لأبناء قبيلته: ذلك أن التيار الكهربائي متقطع، وليست ثمة مستشفيات ولا وظائف.

وإذا كان بعض السكان قد انضموا إلى "القاعدة" من أجل المال، فإن آخرين فعلوا ذلك إما بسبب الخوف، أو الإحباط من الجنابي، أو كرهاً في الحكومة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

"إم. سي. تي. إنترناشيونال"

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف